نورا مجدي تكتب: كيف غير "اللايف" انطباعي عن علي الحجار

في بادئ الأمر كنت أتعجب حينما أجد والدتي تأتي مهرولة إلى التليفزيون حينما تسمع أغنية للفنان علي الحجار، تكرر الأمر بشكل لفت انتباهي لأسألها عن السبب فتقول لي إن “الحجار” كان مطربها المفضل في فترة الشباب وأن طبقة صوته هي الأفضل بالنسبة لها بين جميع أصوات الفنانين الذين ظهروا على الساحة الطربية وقت السبعينات والثمانينات.

والدتي التي نادرًا ما تستمع إلى أغنية أو تحفظ كلمات الأغاني، تهتم بأغاني وتترات الفنان علي الحجار بل وتردد معه.. كان الأمر غريبًا، ولا أخفي أنني أحيانا كنت أسخر حينما أقارن بين ما تسمعه وبين ما نسمعه نحن جيل الشباب ولن أخفي عليكم أيضًا أن نجم الجيل هو مطربي المفضل مع الفارق الكبير بين ما يقدمه المطرب المفضل لكلينا أنا ووالدتي من حيث نوع الموسيقى والكلمات والألحان وعمق المعاني.

نرشح لك: في عيد ميلاده.. 25 تصريحًا لـ علي الحجار أبرزها عن ألبومه الجديد ورأيه في برامج المسابقات

لا أقصد الانتقاص من أحد فلكلٍ جمهوره، ومع أنني أحب الاستماع إلى عبد الحليم وعبد الوهاب وبعض مطربي الزمن الجميل، إلا أنني اعترف بأني لم أكن أهوى الاستماع إلى الفنان علي الحجار، فقد كان يمثل لي صوتًا جميلا -لا يمكن الإنكار-  لكن مع كلمات صعبة الاستيعاب فيما عدا بعض تترات المسلسلات التي اعتدت على نغماتها بفضل كثرة المشاهدة والتي بالفعل تميّز بها “الحجار” بشكلٍ لا ينافسه أحد فيه.

ظللت مصّرة على موقفي ولم أفكر يومًا في الاستماع إلى جديد علي الحجار، حتى جاءتني صديقة وأخبرتني أنها ذات يوم حضرت حفلة للفنان علي الحجار واستمتعت بها كثيرًا، وأن غنائه في الحفلات واللايف يمنحك شعورًا مختلفًا، لم اهتم كثيرًا لما قالته صديقتي فهي تمثل لي طبقة المثقفين الذين يتوجه لهم “الحجار” -كما كنت أظن- بأغانيه راقية الكلمات والمعاني لدرجة لا يستشعرها الشباب، خاصة مع تدهور حال الأغنية العربية وانتشار المهرجانات التي يزداد نجاحها كلما كانت كلماتها أكثر إسفافًا.

نرشح لك: 10 تصريحات لـ إسراء ماجد.. أبرزها عن كواليس أول لقاء بـ “الحجار”

حتى جاء اليوم الذي علمت فيه أن الفنان علي الحجار سيكون ضيفًا في إعلام دوت أورج، الذي أعمل به. بداخلي ترددت جملة سأذهب لرؤية فنان والدتي المفضل وياليت الفرصة قد أتيحت لها وتتاح لي فرصة أخرى لمقابلة فناني المفضل لكن تلاشت الأفكار من رأسي وبدأت استعد للندوة الخاصة، وكعادتي قبل جميع الندوات أقوم بالتحضير بدراسة تاريخ الشخصية ومعرفة أبرز محطات حياتها الفنية، وبالفعل بدأت القراءة حول حياة الفنان علي الحجار وطلبت من صديقة تحبه أن ترشح لي أفضل أغانيه لكي استمع إليها وبالفعل بدأت في الاستماع إليه “مجبرة” في بادئ الأمر إلى أن اكتشفت أنني أعرف ما يقرب من نصف أغنياته التي رشحتها الصديقة لكنني لم أكن استمع إليها منذ وقت طويل فنسيت عناوين الأغاني.

وفي اليوم التالي حضر “الحجار” إلى الندوة ووجدته شخصًا بسيطًا متواضعًا ودودًا كما توقعت، لكن المفاجأة هي قيامي في اليوم التالي بوضع معظم أغنياته التي قام بغنائها خلال تواجده في الندوة ضمن قائمة الأغاني المفضلة “البلاي ليست” التي استمع إليها دائمًا وأحرص على الاستماع إليها في طريقي، خاصة أغنية “عارفة” وهي أغنية قديمة وأغنيتي “جوا حضني” و”عيشة الحنية” من ألبومه الأخير.

قال “الحجار” جملة خلال الندوة وهي: “أنا في ناس كتير كانت بتجيلي بعد الحفلات تقول لي إحنا مكناش بنحبك لحد ما سمعناك بتغني لايف” تلك الجملة التي قالها له أحد محبيه الشباب تلخص علاقتي بفن علي الحجار، مع الفارق بأنني لم يكن لي موقف كره فقد كنت كغيري من الشباب لا أحبه ولا أكرهه أنا فقط لا أستشعر كلمات أغانيه وأجدها صعبة الحفظ وأحيانا لا تتفق مع مشاعرنا أو تعبر عما نمر به كجيل الشباب.

لكن بعد تلك التجربة وجب عليّ الاعتراف بأن الإحساس قد يُفقد إذا لم تر الشخص وهو يغني بنفسه، وهو ما يحدث مع علي الحجار.. الذي أرى أن قلة عرض أغانيه في القنوات والمحطات الإذاعية قد ظلمها، فالاستماع إلى أغنية دون رؤية مطربها يفقدها بعض الواقعية والمصداقية، وهو ما يدفع الكثيرين للجوء إلى “الفيديو كليب” لإنجاح أغنية ما، أو للحفلات ومقابلة الجمهور وجها لوجه، لذلك الغناء “لايف” أمام الجمهور يكون الأكثر واقعية والأكثر جذبًا والأكثر إيضاحًا للتفاصيل وهو الأمر الذي يُفسر شدة تفاعل الجمهور الذي حضر حفلات الراحلة كوكب الشرق بشكل قد نراه الآن مبالغًا فيه لكن “عظمة على عظمة يا ست” كانت تقال في محلها.

وأخيرا.. أود الاعتراف بأن الآراء تختلف والأذواق تختلف لكن الفن الحقيقي حينما تتضح صورته لا يمكن الاختلاف عليه.. ولن أقول أنني سأعيد تغيير آرائي فيما أسمع أو أتخلى عن الاستماع إلى مطربي المفضل لكن بعد تلك التجربة سأكون أكثر تقبلاً لآراء الغير، وأكثر استيعابًا لفكرة أن الحقيقة ليست هي ما آراه فقط لكن للحقيقة وجه آخر لم يتم اكتشافه بعد وإن طالت المدة لكن سيأتي يوم تترك فيه اللوحة الجميلة أثرًا في نفوس من لم يفهمها في بادئ الأمر.

نرشح لك: 15 تصريحا لـ أحمد حمدي رؤوف.. أبرزهم عن “الحجار” و”منير” وأغاني “درويش”