أحمد خالد توفيق.. من يكتب لا يموت

حسام عماد

رحل في هدوء كعادته يحب الهدوء، فهو يكتب ليلا في السكون “الكتابة تحتاج طقوسا مختلفة، خاصة أني أكتب الرعب”، لم يعهد الزحام، فلم يمارسه اضطرارا ولا رغبة “بكره القاهرة، وأشفق على اللي عايشين فيها”، “اللي عايش في القاهرة بيقضي تلتين وقته في الزحام”، أَحَبَ العزلة “أحيانا يظنني البعض متعاليًا، حتى يكتشفون أن عزلتي بسبب انطوائيتي”.

علم أنه يعرف وأن للمعرفة ثمن كما في “مثل إيكاريوس”، وأن عفاف المرأة في عقلها لا جسدها كما في “السنجة”، امتلأ قلبه خوفا على حالنا فعصر خوفه وقدمه لنا في “يوتوبيا”، وسار “في ممر الفئران” على رقاب الجهل والظلام والفقر، عسى أن يتخلص منهم ويخلِّص قراءه، وذلك كله تأثير لعنة الكتابة، التي ضربته فأبى إلا سيرانها عبر رفعت إسماعيل وعبير وآخرين إلى عقولنا، رحل العراب فعليه من الله الرحمات.

نرشح لك: وداع خاص لـ “أحمد خالد توفيق” عبر صنايعية مصر

لماذا مات العراب أحمد خالد توفيق، لا أعلم لماذا جاءني هذا السؤال، ربما لأني مع متابعتي النهمة لكل شيء يصدر عن الرجل، أو الحديث عنه شبه الدائم، حتى أن أحد أصدقائي أرسل يواسيني في الوفاة، قال لي إنه أحب الرجل وقرأ له بسبب حديثي عنه، لا أعلم لما اختاره الله الآن في رحابه، ولكني أعلم أنه ترك خلفه حبا وجمالا وأجيالا.

لقد خلَّف وراءه ما يفخر أي إنسان أن يفعل، أتى إلى الحياة فلم يعش هملًا ولا هدرًا، ورحل فضج قلوب ملايين ألمًا، ولكن تِركَتُه منثورة على الصفحات يتقاسم فيها ملايين الأهل والعزوة، تِركَة فكر وعلم وأدب ونور.. مات جسد العراب، لكن روحه وفكره وعقله وغرسه لم يموتوا، فكما قيل “من يكتب لا يموت”.