واحترقت النجوم.. لكن حبك لن يتوقف أيها العراب

إسراء إبراهيم

“ما أهون الموت حين يكون خبرًا في مجلة أو سطرًا في حكم محكمة”، هكذا كانت إحدى قصاصات الروائي الراحل أحمد خالد توفيق في كتابه “قصاصات قابلة للحرق”، لم يكن يعلم أن موته سيكون خبرًا تتناوله كافة الأخبار بأشكالها المختلفة، لكنه لم يكن هين أبدًا أيها العراب.

نرشح لك: أول نعي رسمي لـ أحمد خالد توفيق

رحيلك اليوم منذ ساعات آلم كل محبيك، وأبنائك الذين تربوا على كتاباتك، موتك لم يشكل خبرًا عابرًا كبقية أخبار الموت التي تملأ الشاشات والصحف، أنت أحد أفراد عائلتنا الصغيرة المنعزلة عن عالمنا الحقيقي، أنت بطلنا الأوحد، رحيلك أوجعنًا حقًا.

صدمة الموت وقعها غريب تنسينا في لحظة أن المبدعين لا يموتون، حتمًا سنراك يا رفعت إسماعيل في ما وراء الطبيعة، سنمر باليأس والظلام الحالك مع الشرقاوي في ممر الفئران، سنشعر بمعاناة جسد وعبقرية عصام فتحي في عقل بلا جسد، سنضع ملاحظاتك حول الكتابة في اللغز وراء السطور نصب أعيننا، لن ننسى عراب أدب الرعب، ودكتور التخصص النادر “طب المناطق الحارة”.

“الموت يختار ببراعة، يختار الأفضل والأنبل والأشجع”، حسنًا لنقل أننا متفقين في مقولتك تلك فلقد وقع سهم الموت هذه المرة على الأفضل على الإطلاق، كأن مقولاتك عن الموت كنت تكتبها لرثاء نفسك دائمًا كما هو الحال مع تلك المعزوفة الأدبية من كتاب “أسطورة النبوءة”، “وداعًا أيها الغريب، كانت اقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة، عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرًا، وداعًا أيها الغريب”.

“لا أخاف الموت، أخاف أن أموت قبل أن أحيا”، تأكد أنك حييت حتى فناء الدهر لا يمكنك الموت في قلوب أحبائك حتى لو غادر جسدك أرضنا، سنورث حبك لكل جيل، “للأبد؟، ماذا؟،ستظل تحبني للأبد؟،حتى تحترق النجوم، وحتى تفنى العوالم،حتى تتصادم الكواكب، وتذبل الشموس،وحتى ينطفئ القمر، وتجف البِحار والأنهار،حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي،حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك،حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة،فقط عند ذلك ربما أتوقف،ربما”.

احترقت النجوم، وانطفأ القمر، ونبض قلبنا كأنها المرة الأخيرة بسماع خبر وفاتك، لكننا سنظل نحبك للأبد، وربما لن نتوقف أبدًا، وداعًا أيها العراب، ملهمنا الخفي ومبدعنا الحي دائمًا.