86 عامًا على ميلاد سميحة أيوب التي وجد فيها "سارتر" ضالته

أسماء شكري

حلُمَت في طفولتها بأن تصبح راقصة باليه، تمنّى أهلها أن تصبح طبيبة، ولكن لم يخطر ببالها أن تعمل يومًا بالتمثيل -الذي دخلته بالصدفة- وأن تعشق فن المسرح بالذات، وتبدع فيه لتصبح “سيدة المسرح العربي”.

سميحة أيوب، “عملاق المسرح” و “غول التمثيل” كما أُطلق عليها، والتي تحل ذكرى ميلادها اليوم، فنانة قديرة غنية عن التعريف، سخّرت حياتها للفن وخاصة المسرح، الذي ظلت على وفائها له فاعتبرته بيتها الأول، أعطته الكثير فأجزل لها العطاء، وقفت على أعظم المسارح العربية والعالمية، وظلت مخلصة لفنها حتى اليوم.

دخولها التمثيل بالصدفة

وُلدت “سميحة” في حي شبرا في 8 مارس عام 1932، والتحقت بمدرسة للراهبات، دخلت الفن بالصدفة البحتة، فقد كانت إحدى زميلاتها بالمدرسة تنوي التقدم لاختبارات معهد التمثيل وقتها لضم طالباتٍ جدد، واقترحت عليها الذهاب معها بعد انتهاء اليوم الدراسي، فوافقت “سميحة” من باب مرافقة زميلتها ليس أكثر، وكانت لجنة الاختبار مكونة من ممثلين عظماء أمثال يوسف وهبي وجورج أبيض وزكي طليمات.

تحكي “سميحة” هذه الواقعة بأن لجنة المعهد انتهت يومها من اختبار جميع الفتيات، ولاحظوا أنها الوحيدة التي لم تؤدّ الاختبار، فسألوها إن كانت تحب التمثيل؟ فأجابت بنعم، ولا تعلم حتى الآن ما السبب وراء هذه الإجابة -فلم يخطر ببالها يومًا أن تصبح ممثلة- ليطلبوا منها تمثيل أحد المشاهد فتفشل ويعجز لسانها عن النطق فتنفجر باكية، مما جعل الفنان زكي طليمات يعتقد أنها لا تصلح للتمثيل، ولكن الفنان جورج أبيض كان أكثر أعضاء اللجنة حماسًا لها، فأقنع باقي الأعضاء بقبولها داخل المعهد كطالبة مستمعة لمدة سنتين وكانت في الرابعة عشر، حتى تبلغ سن السادسة عشر لتصبح طالبة نظامية حسب القانون، فوافق أعضاء اللجنة على مضض، وكان أكثرهم تذمّرًا من قبولها “طليمات”.

اعتراف زكي طليمات

استمر اعتقاد زكي طليمات بأن “سميحة” ممثلة فاشلة لعدة أيام من دخولها المعهد، حتى لاحظ حفظها لجميع ملاحظاته وتنفيذها بدقة ومهارة عن باقي زميلاتها، فبدأت نظرته لها تتغير، حتى فاجأها في أحد الأيام بكتابته مذكرة إلى السيد وزير “المعارف” وقتها، لاستثنائها من شرط السن وقبولها كطالبة نظامية قبل مرور السنتين، فقَبِل الوزير لتصبح أصغر طالبات المعهد سنًّا، واعترف ” طليمات” لها بأنه كان مخطئًا في تقديره لموهبتها، قائلًا: “لأول مرة يخونّي ذكائي”، لتصبح من أعز تلاميذه ويتبنّاها فنيًا ويُلحقها بفرقة المسرح الحديث، لتقدم أول أدوارها المسرحية من خلال رواية “البخيل” للكاتب الفرنسي الكبير “موليير”.

امنعوا “سمارة”

قدمت أول أعمالها السينمائية في فيلم “المتشردة” وشاركت فيه بدورٍ صغير، ثم شاركت في أفلامٍ أخرى بأدوارٍ ثانوية لم تُرض غرورها الفني، والذي عوضته بعملها في عدة مسرحيات تحت إشراف أستاذها زكي طليمات، حتى جاءتها الفرصة لأداء دور البطولة في مسرحية “كسبنا البريمو” عام 1959 والتي لاقت نجاحًا كبيرًا لفت الأنظار إليها، ولكنها تَعتبر انطلاقتها الحقيقية التي ساهمت بشكلٍ أكبر في انتشارها ومعرفة قطاع كبير من الجمهور بها، دورها في المسلسل الإذاعي الشهير “سمارة” في بداية الستينيات.

تحكي “سميحة” أنها لم تَقبل دور “سمارة” في البداية، كونه دور جديد عليها ومختلف كليًا عما قدمته من أدوار، ولكن المسلسل قد حقق نجاحًا ساحقًا ليس في مصر فقط بل على مستوى الوطن العربي ككل، فأصبح المستمعون ينتظرونه يوميًا ويحفظون موعده، ويجتمعون حول الراديو بشغف، حتى وصل الأمر إلى ظهور مانشيت في الصحف يقول “امنعوا سمارة”، بسبب شكوى أستاذة الجامعات من ترك الطلاب للمحاضرات خلال وقت المسلسل لمتابعته.

أبرز أعمالها

توالت أعمالها السينمائية والمسرحية والإذاعية والتلفزيونية، فقدمت ما يقرب من 170 مسرحية أبرزهم: السلطان الحائر، أنطونيو وكليوباترا، كوبري الناموس، السبنسة، الناس اللي في التالت، سكة السلامة، دائرة الطباشير القوقازية، خيال الظل، الخديوي، بير السلم.

وبلغ رصيدها السينمائي ما يقرب من 40 فيلمًا أشهرهم: فجر الإسلام، شاطيء الغرام، بياعة الورد، جفّت الأمطار، جسر الخالدين، بين الأطلال، ورد الغرام، أرض النفاق، أدهم الشرقاوي، موعد مع السعادة.

وفي الدراما التلفزيونية قدمت عشرات الأعمال المميزة منها: أميرة في عابدين، أوان الورد، الضوء الشارد، محمد رسول الله، المشربية، عصر الحب، السيرة الهلالية، ذو النون المصري، سعد اليتيم، المصراوية، المرافعة، اغتيال شمس، أولاد الشوارع، مزاج الخير، مولد وصاحبه غايب.

وقدمت للإذاعة عدة أعمال مثل: مسلسلات سمارة، قصر الشوق، أولاد حارتنا، أيامنا الحلوة، بنات حارتنا، ومسرحية رابعة العدوية، والبرنامج الشهير أوراق البردي الذي يحكي عن الحضارة الفرعونية.

عشقها للمسرح على حساب السينما

اعترفت “سميحة” في أغلب حواراتها بتفضيلها العمل في المسرح عن السينما، وأنها غير راضية عن معظم أدوارها السينمائية كونها لم تُرض غرورها الفني، ورفضت أداء أدوار كثيرة فيها بسبب تفاهتها عكس ما كانت تقدمه على خشبة المسرح من فكر تنويري وأدوار مركبة، مما جعلها تعشق المسرح وتعتبره بيتها الأول، ويظهر ذلك جليًّا في قلة أعمالها السينمائية بالمقارنة بأعمالها المسرحية الكثيرة، وتُرجع سبب ذلك إلى نمطية الأدوار التي كانت تُعرض عليها خاصة في الستينيات والسبعينيات.

وتصف موضوعات الأفلام في تلك الفترة بالتقليدية قائلة: “كان لازم الفيلم يكون فيه أشرار وطيبين والأشرار عايزين يخربوا بيت الطيبين، والمخرجين بيثبّتوا الدور للممثل، فكانت أغلب أدواري في الأفلام شريرة ومفيش تنوع، لكن في المسرح كنت بقف أتكلم عن المجتمع وبعلّم وأنوّر الناس.. وكنت باخد الفلوس من السينما عشان أصرفها على المسرح لأنه كان فقير.. فحبيت المسرح لأني فيه كنت بقف على منبر واتكلم في السياسة والاجتماع والحضارة وكل حاجة”.

https://www.youtube.com/watch?v=_YCW5n1BdhA

ثلاثة أوسمة من ثلاثة رؤساء

حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مشوارها الفني، ولكنها تفتخر دائمًا بتكريمها من قِبَل ثلاثة رؤساء دول، كان أولهم حصولها على وسام الجمهورية في العلوم والفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عيد العلم في منتصف الستينيات، والذي تعتز به كثيرًا وتقول إنها لم تصدق خبر حصولها عليه حتى لحظة تسلمها له، مؤكدة أن هذا الوسام قد حمّلها المسؤولية الشديدة في اختيار أدوارها والتفاني في عملها حتى اليوم.

كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في عام 1972.

كذلك حصولها على وسام بدرجة فارس من الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان.

وحصلت على الدكتوراة الفخرية من جامعة عين شمس عام 2016، وتم إطلاق اسمها على القاعة الرئيسية بالمسرح القومي في العام نفسه، ونالت جائزة الدولة التقديرية، وشهادة تقدير من الرئيس الراحل أنور السادات.

المسرح العالمي

قدمت سميحة أيوب روائع الأدب العالمي على خشبة المسرح، لكبار الكتاب العالميين، نذكر منها مسرحيات: أنطونيو وكليوبترا لوليام شكسبير، فيدرا لجان راسين، دائرة الطباشير القوقازية لبرتولت بريخت، البخيل لجون موليير، الندم لجان بول سارتر، والخال فانيا لأنطون تشيكوف.

مثّلت مسرحيات أيضًا لكبار الكُتّاب المصريين نذكر منها: مصرع كليوباترا لأحمد شوقي، السلطان الحائر لتوفيق الحكيم، سكة السلامة لسعد الدين وهبة، الوزير العاشق لفاروق جويدة، العباسة لعزيز أباظة، ست البنات لأمين يوسف غراب، حبيبتي شامينا لرشاد رشدي، الناس اللي في التالت لأسامة أنور عكاشة، وست الملك لسمير سرحان.

وعملت مع مخرجين مسرحيين من فرنسا والاتحاد السوفيتي وقتها وإنجلترا وألمانيا.

ترشيح أم كلثوم

رشحتها السيدة أم كلثوم لأداء دور رابعة العدوية في مسرحية تحمل نفس الاسم للإذاعة، وتحكي “سميحة” هذه الواقعة بأن هذا الدور كانت قد سجلته قبلها ممثلة معروفة ولم تقتنع أم كلثوم بأدائها، فقد رأت أن صوت هذه الممثلة لا يتوافق مع صوتها -فقد كانت ستغني أشعار المسرحية- وطلبت من عثمان أباظة مخرج المسرحية تكليف “سميحة” بأداء الدور.

رفضت “سميحة” بسبب علمها بأداء زميلة أخرى لنفس الدور، احترامًا لقواعد المهنة، ولم توافق إلا بعد استئذان زميلتها، وبالفعل أدت الدور وكانت أم كلثوم تحضر تسجيل المسرحية كل يوم، ثم قدمت “سميحة” دور رابعة العدوية على خشبة المسرح من تأليف الكاتب يسري الجندي.

سيدة المسرح العربي

أطلقه عليها الرئيس الراحل حافظ الأسد أثناء تسليمها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، فقال لها: “تقدّمي يا سيدة المسرح”، فكتبت جميع وسائل الإعلام السورية اللقب بجانب اسمها، وانتشر في باقي الدول العربية فأصبح لقبها الخاص حتى يومنا هذا.

شهادة “سارتر”

في أحد الأيام كانت تؤدي دورها في مسرحية بعنوان “الندم” للفيلسوف والكاتب الفرنسي الشهير جان بول سارتر، وحضر العرض يومها رئيس مجلة “نوفل أوبزرفاتور” الفرنسية، فأعجبه أداؤها متسائلًا في دهشة: كيف لممثلة مصرية أن تؤدي هذا الدور الصعب يوميًا، في حين أن الممثلة الفرنسية كانت تؤديه يومين فقط في الأسبوع؟

وطلب مقابلتها بعد انتهاء العرض فشكرها قائلًا إنه سوف يدعو “سارتر” لحضور المسرحية، وبالفعل جاء “سارتر” إلى مصر وحضر المسرحية فأُعجب جدًا بأداءها القوي للدور قائلًا: “أخيرا لقيت إليكترا بتاعتي في مصر”، يقصد شخصية البطلة في المسرحية.

“المديرة” و”المخرجة”

شغِلت “سميحة” العديد من المناصب، منها مدير المسرح الحديث، وكان وقتها في تدهور شديد، وفي خامس أيام توليها المنصب، قامت حرب أكتوبر المجيدة، فشكّلت الجمعية العمومية للمسرح، وكلّفت أعضاءها بالتفكير في عمل مسرحي في خلال 48 ساعة، يخدم مصر ويكمل دور جنودنا في سيناء، فكانت مسرحية “مدد مدد شدي حيلك يا بلد”، من ألحان الموسيقار محمد نوح وأشعار مجموعة من الشعراء المميزين، ونجحت المسرحية نجاحًا مدويًّا، وكتبت وكالات الأنباء الأجنبية عنها قائلة: “مصر تغني تحت قذف المدافع”، مما أدى إلى النهوض بالمسرح الحديث من كبوته، على يد مديرته الجديدة.

في هذه الأثناء، كان حال المسرح القومي سيئًا، فطلب منها الكاتب يوسف السباعي وزير الثقافة وقتها، أن تترك المسرح الحديث لتصبح مديرًا للمسرح القومي، أملًا في تحقيق نفس النجاح الذي حققته في “الحديث”، فوافقت، ونجحت أيضًا في النهوض به من خلال تقديمها لمسرحية بعنوان “فيدرا” للكاتب الفرنسي جان راسين، وأدت دور البطولة بها وكان صعبًا ومعقّدًا، وقدمتها على مسرح أوبرا كوميك في فرنسا، فانبهر الفرنسيون بأدائها المميز القوي، وظلت تعرضها في باريس لمدة 15 يومًا، في حين أن أي فرقة مسرحية عربية كانت تعرض روايتها لمدة يومين أو ثلاثة على أكثر تقدير.

وظلت تشغل منصب مدير المسرح القومي لمدة 14 عامًا، وهي أطول مدة قضاها مدير فيه، كما شغلت منصب مدير مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية، وهي عضو لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو بالمكتب التنفيذي للهيئة العربية للمسرح.

وربما لا يعرف الكثيرون أن سميحة أيوب عملت كمخرجة للمسرح أيضًا، فقد أخرجت مسرحيتين وهما “مقالب عطيات” و “ليلة الحنة”.

ثقافتها الواسعة وحبها للشعر

تتميز سميحة أيوب بثقافتها الواسعة وحبها للاطلاع، فهي قارئة جيدة في جميع المجالات وليس في الفن فقط، وترى أن الفن والثقافة توأمان، فالقراءة تُصقل الفنان وتوسع مداركه وتنمي ذكائه الفني، وتقول إنها أهدت مكتبة أكاديمية الفنون 16 صندوقًا من الكتب، وبعد فترة امتلئت مكتبتها بكتبٍ جديدة.

كما أنها تحب الشعر وتؤديه بصوتٍ مميز هاديء معبرة عن كل كلمة فيه، استمِع إليها في هذا المقطع وهي تُلقي أبياتًا من الشعر، ستشعر أنك تحلّق في الفضاء، في جوٍّ من الراحة والصفاء الذهني.

وتُلقي في هذا الفيديو قصيدة “أراك عصي الدمع” لأبي فراس الحمداني، من الدقيقة 28:00.

كما أنها قدمت العديد من المسرحيات الشعرية مثل: الفتى مهران، الوزير العاشق، دماء على ستار الكعبة، الخديوي، ومجنون ليلى.

قالوا عنها

تتميز سميحة أيوب بصوتٍ رصين مميز لا تخطئه الأذن، تعشقه بمجرد أن تستمع إليه، ما يلبث أن يمتلك أذنيك حتى تنتهي من سماعه، قال عنه الكاتب الراحل خيري شلبي: “صوت سميحة أيوب يعطيك الانضباط في شخصيتها، مثل النقود التي تضعها في أحد البنوك، تعرف متى تبخل بها، ومتى تنفقها، ومتى تجزل العطاء”، وذلك كناية عن قدرتها الفائقة على التحكم في صوتها وطبقاته حسب كل موقف وكل جملة.

كما قال عنها الشيخ أحمد حسن الباقوري في أحد البرامج التلفزيونية: “أحب أن أسمع اللغة العربية من فم السيدة سميحة أيوب”.

ووصفها الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس بـ “أنها شامخة كبرج الجزيرة”، وعندما قابلها ذات مرة قال لها إنه لم يشاهِد والدته فاطمة اليوسف وهي تمثل من قبْل، ولكنه عندما شاهدها -أي سميحة- تمثل على خشبة المسرح، تمنّى لو أن أمه كانت تمثل بنفس طريقتها.

كما كتب عنها الدكتور والكاتب والصحفي زكي مبارك، عقب حضوره لأول مسرحية قامت ببطولتها بعنوان “كسبنا البريمو”، مقالة قال فيها: “إن لديها حضورٌ رهيب”.

أما الكاتب الراحل أنيس منصور، فكتب عنها مقالة أيضًا، عقب مشاهدته لدورها في مسرحية حملت اسم “المأخوذة”، وكانت تمثل فيها دور فتاة اقترب موعد زفافها فأُصيبت بفقدان الذاكرة لمدة 40 عام، وعندما استعادتها كان قد أصابها العجز واكتشفت أن أختها قد تزوجت حبيبها السابق، فتسقط مغشيًا عليها من هول الصدمة، فكتب “منصور” واصفًا إحساسه أثناء مشاهدة مشهد السقوط قائلًا: “حسّيت إني عايز أنطّ من البنوار عشان أمسكها”، كناية عن تمكن “سميحة” من أداء الدور ومصداقيتها.

إحساسها على المسرح وإيمانها بدوره

تقول أشعر وأنا واقفة على خشبة المسرح بأننى أمتلك العالم كله في يدي، وأرى عيون الجمهور كالنجوم المتلألئة فأشعر معهم بالدفء والحنان والإحتواء والحب، فمتعة المسرح لا تضاهيها أي متعة، كما أنها تحترم المسرح احترامًا شديدًا لدرجة أنها انفعلت أثناء أدائها لأحد المسرحيات مطالِبة بقَفل الستار، عندما قاطعها أحد الأشخاص من الجمهور بكلمة واحدة، وتصف شعورها في هذه الواقعة للإعلامي مفيد فوزي قائلة: “حصلّي تصلب ومخي وقف.. وصرخت: اقفلوا الستارة”.

ترى أن المسرح مرآة للمجتمع، فإذا كان المجتمع مضطربًا أصبح المسرح مضطربًا، وإذا كان المجتمع متقدمًا أصبح المسرح متطورًا وناجحًا، وتعتبره أداة ثقافية تنويرية حضارية إنسانية اجتماعية تربوية، ويشكل وجدان المواطن.

وتفسر عدم ظهورها على المسرح في السنوات الأخيرة، بسبب ضعف النصوص وميلها للاستهلاك، قائلة: “المسرح بيوحشني جدًا بس المشكلة في النص.. ممكن أعمل أحسن الوحش في التلفزيون، لكن المسرح بالنسبالي مقدس قوي.. ده الحاجة الوحيدة اللي مقدرش أعمل فيها تنازل أبدًا.. لازم أكون عاشقة الدور قوي وحاباه وشايفة نفسي فيه وحسّاه”.

https://www.youtube.com/watch?v=pgJbzdEnLQg

عدم استسلامها لأي مغريات مادية

تذكُر أنها أثناء بداية عملها بالمسرح القومي وكان مرتبها 12 جنيهًا، عُرض عليها العمل في مسرح آخر بأجر وصل إلى 400 جنيهًا فرفضت بسبب ضعف النص، وكانت ما زالت صغيرة في السن، كما رفضت عرضًا من المنتجة الكبيرة آسيا بتمثيل فيلم بإنتاج ضخم وأجر وصل إلى 2000 جنيه -وهو مبلغ كبير جدًا وقتها- بسبب انشغالها بتقديم مسرحية “الإنسان الطيب” لـ “بريخت”.

كما ترفض فكرة العمل في الإعلانات، وترى أنها تدمر المركز الأدبي قائلة: “مش عشان قرشين أخسره”.

العودة للسينما

عادت إلى السينما بعد سنواتٍ طويلة من الغياب بفيلم “تيتة رهيبة” عام 2012، وتقول إنها رفضته في بداية عرضه عليها من قِبَل مخرج الفيلم سامح عبد العزيز، ولكنها راجعت نفسها وقبِلته عندما قرأت السيناريو وأُعجبت بفكرة الفيلم وأنه يقدم رسالة قائلة: “عملنا الفيلم وكان جميل جدًا وكسبت جمهور جديد.. خاصة من الأطفال اللي بقوا لما يشوفوني ينادوني تيتة رهيبة”.

كما شاركت في فيلم “الليلة الكبيرة” عام 2015، بدور خادمة المقام، مشيرة إلى أنه دور جديد عليها وأضاف إلى رصيدها الفني رغم قلة مساحته.

https://www.youtube.com/watch?v=u7P7cRZl9p8

بعد هذا التاريخ الفني الحافل بالنجاحات والأعمال الخالدة، ربما يتساءل البعض في دهشة عن السر وراء قدرة سميحة أيوب على التواجد على الساحة الفنية حتى اليوم، وتكمن الإجابة في تميزها بعدة صفات، جعلتها تستمر طوال هذه السنوات، أهمها المسؤولية والانضباط والجدية والإصرار والصدق والدأب، وهي صفاتٌ على الشباب تعلمها منها إذا أرادوا تحقيق النجاح في الحياة.