29 تصريحًا لـ نبراس حميد عن كواليس صناعة "براندنج" الشاشات العربية

رباب طلعت

من العراق إلى مصر مرورًا بلندن ودبي، والعديد من الدول الأخرى التي شكلت شخصية نبراس حميد الإبداعية، في مجال الجرافيكس و”البراندنج” في القنوات الفضائية، ليصبح واحدًا من أشهر صناع ذلك المجال في الوطن العربي، بل والعالم، بدخوله كواليس كثيرٍ من القنوات الهامة على رأسها عالميًا “BBC” ومحليًا “CBC“.

إعلام دوت أورج” كان له حوارًا مع المهندس العراقي البريطاني نبراس حميد، أشهر صناع الجرافيس و”البراندنج” في القنوات العربية، نرصد فيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

1– بداية عملي في الإعلام كانت في عام ١٩٩٩ في تلفزيون الشباب في العراق ولكن قبلها كنت في مجال الميديا في الإعلانات التليفزيونية والمؤثرات الصورية والجرافيكس.

2– كانت رغبتي الاساسية هي دراسة الميديا والإخراج ولكن رغبة الأهل كانت عكس ذلك، خاصة أنني كنت قد حصلت على مجموع عالي في الثانوية العامة أو البكلوريا في العراق، مما يؤهلني لدخول كلية الطب او الهندسة، فاخترت الهندسة وبعد التخرج قررت أن أتحول من جديد إلى العمل بالميديا.

3– بدأت عملي في العراق بتأسيس شركة الأقصى وكنت “creative designer and manager“، بعد ذلك انتقلت إلى دبي للعمل مع قنوات “MBC” كمصمم جرافيكس حينما كان بها فقط قناة واحدة، ثم تدرجت لأكون “supervisor and production designer” في كل قنوات “MBC” و”العربية” والتي كنت من ضمن فريق “البراندنج” والكرييتف بها، ثم انتقلت إلى مؤسسة “BBC World services“، في عام ٢٠٠٧ بوظيفة “team leader” ثم بعدها بقليل أصبحت “creative operation manager“، لكل قطاع الخدمة العالمية ومسؤول عن كل اللغات غير الإنجليزية بالإضافة إلى عملي ومشاركتي المباشرة مع “BBC” الإنجليزية.

4– في العام ٢٠١٣ انتقلت للعمل في قناة العرب الإخبارية المملوكة للأمير الوليد بن طلال بدرجة “Creative Director” وبعدها بأشهر قليلة استلمت بالإضافة إلى ذلك رئاسة قسم التسويق والعلاقات العامة

5– بداية عملي في مصر كانت مع مجموعة قنوات “النهار” و”CBC” في أواخر عام ٢٠١٦ بمنصب “network creative director” في مرحلة ضم الشبكتين مع بعض وأول مهمة استلمتها كانت إطلاق قناة “Extra News” في وقت قياسي وبفريق عمل مصري متكامل، وكنت أنا من وضع التصاميم والخطوط وعمل “البراندنج” للقناة.

6– حاليًا أنا أدير شركتي الخاصة في لندن والمتخصصة في مجال التصاميم و”البراندنج” بالإضافة إلى الاستشارات الفنية والإدارية فيما يخص القنوات التلفزيونية وأيضًا الديجتال والسوشيال ميديا، ونسعى الآن إلى إضافة جانب البرودكشن وإنتاج البرامج والتصوير.

7– سوق الميديا في مصر ورغم وجود خبرات كبيرة جدًا وإمكانيات بشرية ضخمة إلا أنها لا تزال تفتقر إلى عوامل كثيرة أغلبها تتعلق بأساليب العمل، والتخطيط المسبق، وعدم التركيز على الجودة المطلوبة، أو البحث عن أساليب وطرق جديدة سواءً كانت في الشكل أو المحتوى.

8– ينقص سوق الميديا في مصر للتنافس عالميًا التدريب المستمر والدوري للكوادر، ومتابعة التطور، وكيفية الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة، وأساليب العمل الفعالة، والأهم من ذلك هو انخراط بعض الخبرات الأجنبية وتبادل الخبرات في السوق لإضافة مهارات جديدة، والتنوع كما هو الحال عليه في معظم القنوات العربية في الخليج وأيضًا العالمية.

9– “البراندنج” منذ بضع سنين بدأ يأخذ أهمية كبيرة تدريجيًا وذلك بسبب كثرة القنوات وتشابه المحتوى بشكلٍ أو بآخرٍ، وازدياد المنافسة في الساحة الإعلامية، كل هذا أدى إلى الاهتمام أكثر بالبراندنج ليكون هو المقياس للأفضل، أما في الوقت الراهن فأنا برأيي أن “البراندنج” أصبح هو أهم عامل لنجاح أي قناة وذلك لكونه أصبح يمثل أكثر -أو يجب أن يُنظر إليه- بأنه يمثل “User Experience”، للتلفزيون -مثله مثل مواقع الإنترنت- وأنه ليس مرتبطًا فقط في الشكل العام للقناة، ولكن أيضًا حتى في شكل الاستوديوهات والتصاميم الخاصة بالبرامج، وأيضا طريقة الإخراج، وهذا الموضوع هو مجال بحثي الآن حيث أني أعمل بعض الدراسات بهذا الخصوص وقريبًا سوف أنشرها.

10– التلفزيونات المصرية والمتخصصين في هذا المجال يدركون أهمية “البراندنج” والالتزام به، ولكن لا يزال مجال المعرفة أو الإطلاع الكامل يعتمد على اجتهادات يفتقر إلى دراسات وخبرات متنوعة.

11– من حيث المبدأ لا يوجد أي اختلاف في تطبيق “البراندنج” على الشاشات الإخبارية والعامة، الفرق يكون في الشكل والستايل حيث إن المضمون هنا مختلف كليًا، وهذا يؤدي إلى نهج طرق مختلفة وأساليب وألوان تعبر عن المضمون، ولكن كل عناصر “البراندنج” متشابهة في الاثنين مع اختلاف الستايل.

12– النقطة الأخرى المهم ذكرها هنا هي أن “البراندنج” للقنوات الإخبارية أصعب وأوسع حيث إن العناصر فيه تتعدى بكثير القنوات العامة، وهنا يجيب التفكير والتركيز على جمع كل العناصر تحت مظلة “براندنج” واحد.

13– لقد كتبت مقالا عن دور السوشيال ميديا في الإعلام منذ أكثر من عامٍ ونصف، تحدثت فيه كيف أن السوشيال ميديا قد اخترعت ما أسميته بـ”حاجتنا إليها” وبعدها سيطرت بشكلٍ كبيرٍ جدًا على كل أنواع الميديا، وشهدنا تحولًا خطيرًا، وظهورًا لمفاهيم جديدة في الإعلام… إنها المستقبل القريب، فالأجيال المقبلة لا يعرفون شيئًا اليوم سوى السوشيال ميديا، حيث إنها المصدر الأساسي لهم سواءً إخباريًا أو منوعًا.

نرشح لك: نبراس حميد يكتب: بناء العلامة التجارية للقنوات التلفزيونية الاخبارية وعملية التغيير(2)

14– إيجابيات السوشيال ميديا أنها سهلة الوصول والانتقال من كل الطرفين وانتشارها سريع جدًا، أما سلبياتها فهي وبالدرجة الأساسية في المصداقية في الطرح والرقابة، حيث يمكن لأي شخص أن ينشر أي شيء من غير التحقق من مصداقيته أو من أهميته مما يؤثر سلبًا على المجتمع في نواحٍ عديدة.

15– هناك محاولات جادة من بعض القنوات المصرية للاستفادة أو لاستخدام السوشيال ميديا بطريقة فعالة وصحيحة، ولكنها لا تقارن بطريقة وكيفية استخدام السوشيال ميديا في أوروبا، وهذا لا ينطبق فقط على مصر وإنما كل الدول العربية والمنطقة.

16– أسست شركة جديدة مؤخرًا من الشركة الهدف الأساسي منها هو تقديم خدمات في مجال الميديا من “البراندنج” والإنتاج التلفزيوني وأيضًا التصميم الإلكتروني والسوشيال ميديا، بالإضافة إلى الاستشارات، سواءً الفنية أو التقنية، والتي تدعم القنوات الجديدة، أو القنوات التي تعمل إعادة هيكلة أو تصميم، بالإضافة إلى تقديم حلول وطرق عمل منهجية مما يسهم في تطوير العمل الفني.

17– مقر الشركة ومكتبها الرئيسي في لندن ونقدّم خدماتنا في المملكة المتحدة وأيضًا في الشرق الأوسط، ومصر تعتبر من أهم الأسواق في الميديا، والتي نحاول أن نقدم خدماتنا فيها، فنحن الآن نعمل على تصميم “البراندنج” الكامل لـ economy plus وهو موقع خدمات إخبارية على السوشيال ميديا والويب، وأيضًا هناك بعض المفاوضات لعمل مشاريع مع قنوات فضائية مصرية.

18– ليس لدي شركاء ولكن لدي اتفاقيات تعاون مع شركات كبيرة من خارج وداخل مصر أذكر منها شركة never.no” المتخصصة بالسوشيال ميديا ومقرها في مانشستر، وأيضا شركة “viz RT” العالمية وبعض الشركات الأخرى.

نرشح لك: تفاصيل خلافات مدحت شلبي وأسامة الشيخ

19– الجرافيكس و”البراندنج” يلعبان دورًا مهمًا وأساسيًا في كل وقت، وكل حدث، فهما عاملان أساسيان لشرح وتوصيل الفكرة والمعلومات المرفقة، وأيضًا التأكيد على الرسالة المطلوب توصيلها، فالإعلام والتلفزيون بشكلٍ خاص مهمته الأساسية توصيل المعلومة كاملة وبطريقة مفهومة، وهناك الكثير من التفاصيل والمعلومات التي تحتاج إلى شرح وتوضيح بصري في الأحداث المهمة مثل الانتخابات والرياضة وغيرها، وهنا تأتي أهمية الجرافيكس في شرحها وتبسيطها بطريقة جذابة وإبداعية لتدعيم الخبر أو القصة، وتعبر عن الخبر بطريقة تفاعلية من غير أن ننسى جانب الإبهار الصوري ليعزز من تفاعل أو جذب المشاهد لمتابعة هذا الحدث، وهذا ما يميز القنوات عن بعضها، وأحد الأسباب الأساسية في تفضيل المشاهدين قناة معينة عن غيرها.

20– هناك دائمًا رؤية واضحة وخطة مسبقة التحضير من قِبل فريق الإعداد عن كيفية تغطية الأحداث الهامة مثل الانتخابات الرئاسية، ولكن غالبًا ما تكون بعيدة عن أو غير مرتبطة بإمكانيات الجرافيكس، فعادة أغلب القنوات تبدأ بالتحضير لها مسبقًا مع كل الأقسام وخاصة قسم الإبداع لطرح ومناقشة الأفكار، والوقوف على الإمكانيات المتوفرة لعمل التصاميم الخاصة بتغطية الانتخابات، وعرض النتائج، حيث إن هذا الأمر يتطلب بالإضافة إلى التصاميم الكثير من التفاصيل التقنية والمرتبطة بالجرافيك، مثل طريقة إدخال المعلومات والنتائج وربطها بأجهزة الجرافيكس، والعمليات البرامجية المطلوبة للوصل إلى المنتج النهائي.

21– علمية صنع الجرافيكس وخاصة في أحداث مثل تلك الانتخابات لا تقف عن التصميم فحسب، بل هناك الكثير من التفاصيل الأخرى التي يجب أن يكون الجميع على دراية بها.

 

22– بمناسبة اقتراب موعد كأس العالم، يجب أن تبدأ القنوات من الآن الاستعداد لهذا الحدث المهم، فالموضوع لا يقف على مجرد التصاميم، ولكن أيضًا على التنفيذ، والطريقة الأنجح فيما يخص سير العمل أو workflow، حيث إن عمل وتغطية بهذا الحجم يتطلب الكثير من التخطيط والمتابعة، وأيضا جمع كل المعلومات وإدخالها ضمن التصميم وحفظها.

23– يجب أن نهتم ونركز على نقطة مهمة جدًا وقد يغفل عنها الكثيرون، وهي أننا يجب ألا ننظر إلى الأمور بطريقة فردية عندما نتكلم عن التصاميم الخاصة بالتليفزيون، بل يجب أن ننظر للكل على أنه واحد ونبدأ من هنا، فالتصاميم يجب أن تتبع أسلوبًا معينًا يتماشى مع التغطية الخاصة وكذلك مع الأجهزة المتوفرة أو المعتمدة لدى كل قناة وحجم ونوع المعلومات المراد إدخالها وتغطيتها بالإضافة إلى دراسة سهولة التنفيذ وضمان الدقة والسرعة في وقت البث الحي وخاصة في التغطيات الرياضة لما يميزها بسرعة الحدث ودقة المعلومة.

24– بصراحة يمكن القول أن قنوات الـ CBC و DMC هم أكثر شبكتين نجاحًا في “البراندنج”، وما زال بالإمكان أن يكونا أفضل من ذلك، لو تم الاستفادة بشكل صحيح من كل الخبرات الموجودة والاهتمام بهذا القطاع بشكلٍ أكبر قليلًا، وعمل بعض الورش التدريبية لتطوير الوعي والفهم بموضوع “البراندنج”.

25– هناك عدة نصائح يجب اتباعها في القنوات لضمان نجاح “البراندنج”، أولًا يجب الفهم الكامل والإدراك لمعنى وهدف “البراندنج” وعلاقته بالجمهور المستهدف وكيفية إيجاد العلاقة بين جوهر Brand essence وتحديد الـ brand position بطريقة فعالة ومؤثرة لتعبر عن أهداف الشبكة وعلاقتها بالجمهور، ثانيًا: يجب أن يكون “البراندنج” مبني على فكرة concept واضحة ودقيقة لتوصيل الرسالة المطلوبة وعمل علاقة تربط بين القناة والجمهور، وثالثًا: أن يكون شاملًا وحاضرًا في كل العناصر المرئية والشكل العام ومكملًا لبعض من جميع النواحي الفنية والتحريرية، وألا يكون مقلدًا بالطبع، بالاضافة إلى ما نسميه بـhigh production values، أي أن يكون عالي الجودة وذو حرفية متفردة.

26– من أكثر الأخطاء الشائعة وربما ليس في مصر فقط، تكون في الغالب كما ذكرت عدم التركيز على الكل، بمعنى أننا نجد “البراندنج” حاضرًا في فقرات أو عناصر معينة، في حين لا نجده تمامًا أو في أحيانٍ أخرى نجد ما هو عكسه في عناصر أخرى، وهذا يضعف كثيرًا من هوية الشبكة أو تميزها.

27– أيضًا وفي أغلب الأحيان نجد أن فكرة “البراندنج”، أو التنفيذ لم يتم عن طريق دراسة وتحديد الجمهور المستهدف وبالتالي لا نجد علاقة بين عناصر “البراندنج” وأهداف القناة واهتمام الجمهور، وفِي أحيانٍ أخرى لا تكون هناك أي فكرة أساسًا ولكن مجرد عمل فني جميل، كما ويمكن القول أن من الأخطاء الشائعة هي عدم وجود أو عدم التركيز على التناسق في البراندنج.

28– القنوات المصرية يجب أن تراعي موضوع الوقت في الأحداث الهامة، فيجب تجنب تأخير البدء بالعمل حتى وقت قصير قبل الحدث، كلما قل الوقت كانت النتائج غير جيدة، يجب إعطاء المجال الكافي لعمل شي مميز خاصة وأن أحداث كانتخابات الرئاسة وكأس العالم مثلًا تكون معروفة منذ وقت طويل.

29– أيضًا الخطأ الذي يقع فيه الكثير ويجب تجنبه هو عدم التفكير بانه مجرد تصميم وشكل جميل فقط، ولكن يجب النظر إلى الصورة الكاملة وكيفية تطبيق التصاميم على أرض الواقع ودراسة كل الجوانب التقنية والفنية والتحريرية والتنفيذية والإخراجية للوصول إلى النتيجة المطلوبة.