أصحاب الأعلام الملكية الخضراء.. من هم؟

في ظاهرة ليست بجديدة، ولكنها ازدادت مؤخرًا، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من مستخدمي السوشيال ميديا المصريين الذين يضعون صورة “البروفايل” الخاصة بهم، علم مصر الملكي الأخضر ذو الهلال والثلاث نجوم في منتصفه، والمستخدم قبل ثورة 23 يوليو.. فمن هم؟

في نهاية عام 1923 ظهر العلم الملكي الأخضر ذو الهلال الأبيض والنجوم الثلاثة، لأول مرة بعد تحول مصر إلى مملكة حرة مستقلة، وهو علمٌ مطورٌ من سابقه ذو الهلال الذي يحتضن الصليب، كناية عن توجهات ثورة 1919 والتي كانت تناشد بأن الدين لله والوطن للجميع؛ ويرمز اللون الأخضر لخضرة الوادي والدلتا، والهلال يرمز لديانة الأغلبية المصرية وهي الإسلام.


ذلك العلم استبدلته ثورة 23 يوليو بعلم الضباط الأحرار؛ علم بثلاثة ألوان أحمر وأبيض وأسود، يتوسطه نسر له درع أخضر وبه هلال أبيض و3 نجوم، دلالة على انتهاء العصر الملكي في مصر – حُكم أسرة محمد علي- وتأسيس الجمهورية المصرية بعد انتهاء الاحتلال البريطاني لها، وذلك كان بالإطاحة بالملك فاروق، وإجباره على التنازل عن العرش إلى طفله الرضيع وولي عهده أحمد فؤاد، وقد تم ترحيل الملك وأسرته إلى إيطاليا على متن يخت المحروسة، لتبدأ مصر في عصرٍ جديد.. عصر “جمهورية مصر العربية”.

أولئك المتمسكون بعلم ما قبل الجمهورية -علم الملكية- يتضح ولاؤهم لفاروق وأبنائه، حيث إنهم رواد دائمون على “الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الأول -فاروق مصر”. لا يمر أحد منشوراتها الذي يستعرض ما كانت مصر عليه من خيرات وما آلت إليه الآن -في إشارة إلى أن ثورة 23 يوليو كانت سببًا في تأخر مصر، وحرمان شعبها من نعيم الأسرة المالكة- إلا ويبدأ أصحاب العلم الأخضر، بتجريم الثورة والتأكيد على أنها “انقلاب عسكري”، قاده الجيش المصري وقتها للسيطرة على الحكم طمعًا، وليس من منظور الوطنية التي دفعتهم لنيل حرية بلدهم من سيطرة الإنجليز على سيادتها، وكذلك تقسيم شعبها إلى شرائح، منعت “إنجي من الزواج من ابن الجنايني”، الذي انتصر في النهاية وحكم وطنه، بدلًا من الدخلاء.

جملٌ ثابتة، وتعليقات مشابهة، وأفكارٌ واحدة، تتبناها تلك المجموعة، حتى إنهم على “تويتر” غالبًا ما يتابعون فصائل المعارضة الشهيرة، لتحمية الوضع والتذكير الدائم بأن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية هو نتيجة لـ”حكم العسكر”، مؤكدين على فشل الدولة المصرية واستمرار أزماتها منذ 23 يوليو إلى الآن، ما يدل على أنهم كتائب سرية تحمل غاية محددة، لكن من ورائهم؟

بالبحث في صفحاتهم، لن تجد أحدًا منهم كان ممن ظلمته ثورة يوليو، فلا دليل على أن لأحدهم صلة بالإقطاعيين أو رجال الحكم في قصر الملك فاروق، أو المنتفعين منه، فكثير منهم مواطنون من عامة الشعب، ممن نادت الثورة بحقوقهم في التعليم والصحة والحياة، لكنهم فقط من أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، وإن كانوا لا يعترفون صراحة بانتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، لكنهم لم يستطيعوا إخفاء مقارناتهم الدائمة بحال مصر قبل وبعد 30 يونيو، ووزراء ما بعد عصر الإخوان، بوزراء الإخوان، والاستشهاد الدائم بأقوال “مرسي”، حتى وإن انتقدوه ساخرين منه، إلا أنهم دائمًا يؤكدون على أنه ضحية.


أغلب تلك الكتيبة لا يلجأون -إلا قليل منهم- لكتابة اسمهم الصريح، بل يستخدمون أسماء غريبة مثل “الترجماني”، و”قرمط والأمريكان”، و”عودة الروح أم الوعي”، وأشياء أخرى على نفس الأمثلة المذكورة. والجدير بالذكر أنهم جميعًا يستخدمون نفس أساليب المعارضة سواء كان في الطعن في جمال عبد الناصر، باعتباره هو أول من يتولى رئاسة مصر من الجيش، وورثها بعد ذلك من خلفوه، أو باعتباره السبب  الأول في الثورة “المشؤومة” كما يصفها بعضهم، بالإضافة لاستخدامهم لألفاظ الخارجة، والتشبيهات والإيحاءات غير المقبولة بشكلٍ لافتٍ.


خطر تلك الجماعة الحقيقي ليس بأنهم معارضة، أو إخوان أو غيرها من التصنيفات، إنما في سلوكهم الموحد، وتصرفاتهم المتطابقة، التي تجعلهم محل شك للجميع، “ماذا يريدون؟”، “ما الهدف من استخدام علم ما قبل ثورة يوليو؟”، “سبب تشويه الثورة؟” وغيرها من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة.