أول رد من إبراهيم عيسى على حملة “إرهاب” جريدة “المقال”‬‎

إعلام.أورج

خصص الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى افتتاحية عدد اليوم الثلاثاء 24 مارس 2015 وهو العدد رقم 44 من جريدة “المقال”، خصصها للرد على حملة الهجوم العنيف ضد الجريدة خلال الأيام العشر الأخيرة والتي كالت اتهامات لا حصر لها لعيسى ولفريق العمل بسبب تناول الجريدة للعديد من الموضوعات المتعلقة بإعادة قراءة التراث الإسلامي على كل المستويات .

إعلام.أورج يعيد نشر الإفتتاحية بالكامل فيما يلي:

نحن نتقرب إلى الله ورسوله بما نكتبه فى هذه الجريدة

•أليست هذه الأفكار التى اعتنقوها من الدِّين وعن الدِّين هى التى تسمِّم عقولَ أولادنا وتجنِّد شبابَنا؟!

•أليس تعطُّل الحياة وتمجيد القتل وتسويد عيشتنا وعرقلة تقدمنا يأتى من هذه الأفكار التى ترتع فى حياتنا دون رادع ولا مناقش ولا مفنِّد ولا ناقض ولا ناقد؟!

•أليست وسائل التواصل الاجتماعى التى تروِّج للقتل وتبث

الفتنة وتشعل الحرائق وتجند الشباب تَمُوجُ بمثل هذه الأفكار التى تدَّعى نَسَبًا للدِّين ودفاعًا عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؟!

إبراهيم عيسى

يسألوننى: ولماذا تهتمون جدًّا بالشأن الدينى وتفردون له الصفحات والعناوين؟

وأقول أليس كل ما يحيط بنا يفرض علينا البحث والكتابة والنشر فى الفكر والفقه والتاريخ الإسلامى؟!

أليس ذبح المسلمين حولنا والتفخيخ والعبوات الناسفة والقتل وسفك الدماء كل هذا يتم باسم الدين؟!

وهل ما يحدث فى سيناء وفى شوارع بلدنا وفى ليبيا وسوريا وتونس والعراق واليمن إلا بفعل من يقولون إنهم دعاة الدين ومجاهدوه وحماته وشهداؤه؟!

أليست هذه الأفكار التى اعتنقوها من الدين وعن الدين هى التى تسمم عقول أولادنا وتجند شبابنا؟!

أليست هذه الآراء والفتاوى والأحكام التى يذيعونها فى الناس هى التى تزرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وبين السُّنة والشيعة وبين الأب وابنه والأخ وأخيه؟!

أليس تعطل الحياة وتمجيد القتل وتسويد عيشتنا وعرقلة تقدمنا يأتى من هذه الأفكار التى ترتع فى حياتنا دون رادع ولا مناقش ولا مفنِّد ولا ناقض ولا ناقد؟!

أليست وسائل التواصل الاجتماعى التى تروِّج للقتل وتبث الفتنة وتشعل الحرائق وتجند الشباب تموج بمثل هذه الأفكار التى تدَّعى نسبًا للدين ودفاعًا عن المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم؟!

هل المطلوب منا أن نكتب عن الاقتصاد والتنمية والانتخابات والقوانين والفن والأدب والأهلى والزمالك وبرشلونة وريال مدريد؟

طيب.. نحن نكتب عن هذا كله وأكثر، ونهتم بها جدًّا فلماذا لا يلتفت البعض إلا إلى صفحتين من عشر صفحات فى المقال؟
لسبب واضح هو أننا نحتاج جميعًا إلى أن نهتم بالفكر الدينى والتاريخ الإسلامى، خصوصًا فى هذه اللحظة الحرجة والفارقة.

يحيط بنا الإرهابيون من كل جانب يهددوننا، والمتجمدون يتربصون بالعقل المصرى يمسحونه مسحًا، ومناهج التعليم فاشلة، والأزهر متراجع ومخترَق بالسلفية والإخوانية، والدولة لا تفهم إلا محاربة الإرهاب المسلح وبالأمن فقط، بينما نترك جميعًا العقل المصرى فريسة لهؤلاء الذين صنعوا من الدِّين كهانةً، ومن التاريخ قداسةً، ومن كل مختلف كافرًا، ومن كل مخالف مرتدًّا.

يتهمنا البعض بأننا نسىء إلى الإسلام والنبى، صلوات الله عليه وآله وسلم.
كَبُرت كلمةً تخرجُ من أفواهم إن يقولون إلا كذبًا وتزويرًا وانحطاطًا!
هذه جريدة تتوضأ بمحبة الله ورسوله الكريم.
هذه جريدة تصلِّى الجباه على سجاجيدها خشوعًا لله، عز وجل.
ما نكتب من كلمةٍ ولا ننشر من حرفٍ إلا ونقصد به المولى، عز وجل.
هذه الجريدة تسعى إلى أن يَلقى أصحابُها الرحمنَ يوم العرض عليه وهى تُثقِل ميزانَ حسناتهم.

فقد دافعوا عن النبى الكريم من الأكاذيب والأضاليل التى يلصقها بأقواله وأحاديثه وضَّاعون كَذَبَةٌ، ويصححون مفاهيمَ مغلوطةً ويكملون صورة منقوصة.

إن الإسلام أعز عندنا من أن يختطفه متطرفون وقَتَلَة ليدَّعوا بهتانًا وظلمًا أنهم حَمَلَة الدِّين وحماتُه ودعاتُه وشيوخُه.. يرمون الناس بالباطل وبالكفر.

كل مَن يكتب فى الشأن الإسلامى فى هذه الجريدة باحثون متخصصون لا يكتبون إلا مستندين إلى مراجع وكاشفين لمصادر وقارئين لأمهات الكتب، ونفخر بأن بعض هؤلاء ممن غسلوا أياديهم من دم وذنب الانتماء إلى جماعات متطرفة، بعدما مكثوا قرابة أربعة عشر عامًا فى أقبية السجون مع هؤلاء التكفيريين. بل إن من بين الزملاء مَن انشق عن جماعة الإخوان وقد اطلع على مخبئها وخوائها وبرأ منها أمام الله.

لا يمكن لجريدة «المقال» أبدًا أن تلوث سطورها بالإساءة إلى دينٍ أو نبىٍّ، فنحن نحترم العقائد ونبجلها، ونعظم أنبياءنا ونحبهم، ونحن عشاق المصطفى، ومحبو آل بيته، ونوقر الصحابة الأجلاء، لكنْ لا نقدسهم ولا نرى لهم عصمةً، فالمعصوم هو نبيُنا المختارُ لا أحدَ غيره.

حين ننشر ما ننشره فنحن لا نبتغى إلا وجه الله تعالى.

قولوا لنا عن سطر واحد نشرناه فى الشأن الدينى بلا مرجع أو بلا مصدر من كتب الشرع والتاريخ نفسها؟!

قولوا عن واقعة تاريخية واحدة نشرناها وليست موجودة فى ذات الكتب التى يحتكم إليها الجميع معتدلون ومتطرفون؟!
للأسف نحن لا نرى رأيًا يخالفنا، بل شتائم ومسبات وتهديدات!

نحن نفهم أن هذا التشويه هروب من النقاش والرد، فقد عجزوا ويعجزون عن المناظرة الحقَّة والنقاش العلمى والجدل الموضوعى.

إنهم سبابون شتامون وفقط!
مكفراتية وفقط!

وأما أنْ نتلقى تهديدات فهذا أمر عهدتُّه وعرفتُه وخبرتُه وعشتُه منذ ثلاثة وعشرين عامًا وأنا مهدد بالقتل.

منذ كنت فى السابعة والعشرين من عمرى أكتب مقالاتى بمجلة «روزاليوسف» فى نقد الخطاب الدينى فى فترة سوداء كتلك، ساد فيها التطرف والتسلف والإرهاب، حيث وضعت جماعة العائدين من أفغانستان، كما أُطلق عليها إعلاميًّا فترتها اسمى ضمن المستهدَفين بالقتل. وكشفت التحقيقات معهم عن مراقبة بيتى وتحركاتى، وعلى مدى هذا الزمن اتهمنا الإرهابيون والمتطرفون بكل التهم، من الكفر والعياذ بالله، إلى ازدراء الأديان والتشيع والعَمَالة للأقباط ولإيران وغيرها من الخزعبلات التى لا تفرغ منها جعبتهم أبدًا!

لكن الله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين، فنحن مؤمنون حقًّا وصدقًا ويقينًا، ونعرف أن لكل أجل كتابًا، وأن الأعمار بيد الله، عز وجل، هو واهبُها وقابضُها.

إن القضية الأهم الآن فى مصر هى لتقدُّم هذا البلد واستقراره وأمنه.
وهذا لن يحدث إلا بإصلاح الفكر وتجديد الفكر الدينى.

ولا يمكن للإصلاح أن يتم، وتجديد الفكر أن يحدث بدون المراجعة للتراث الدينى وللمفاهيم التى يتصورها البعض ثابتة ولخلخلة الجمود العقلى وتنقية التاريخ من سواده وعتمته ومواجهة الأغاليط والأباطيل التى طرحتها العقول التى لم تجد فى الدين إلا التشدد والتزمت ولم ترَ فى الإسلام إلا القتلَ جهادًا والتكفيرَ منهجًا.

«داعش» و«الإخوان» و«أنصار بيت المقدس» و«القاعدة» و«أنصار الشريعة»، وكل هذه المسميات إنما هى تستند إلى منبع واحد من الفهم الأسود للدين وللتاريخ. وكل ما نفعله فى «المقال» أننا نبحث عن النبع الصافى ليتجرعه الناس علمًا ومعرفةً، حتى يتقوى العقل فى مجابهة الجمود، وحتى نحرض الناس على البحث والمعرفة، وحتى لإثبات خطئنا، فمن قال إننا نحتكر الصواب؟! بل نحن نفكر ونذيع فى الناس أفكارنا لنصحح لهم ونصحح لأنفسنا معًا.
ثم إن «المقال» ليست عن الخطاب والفكر الدينى فقط.

بل هى صحيفة رأى تحلل وتفسر وتطرح أفكارًا فى كل شؤون وشجون الوطن، ليس الفكر الدينى فى هذه الجريدة إلا عنصرًا فيها.. مهمٌّ صحيح، لكن مَن قال إن الفن ليس مهمًّا أو الكتب أو السياسة والاقتصاد أو الرياضة ليست كذلك؟
إن أفضل ما نفعله هو أننا نحرك القلوب قبل العقول.
أما القلوب المقفلة فلا شأن لنا بها.
وأما العقول المتجمدة فلا حاجة لنا بها.
نحن فقط نحاول أن نحرر العقل ونبهج القلب.
ونتقرب إلى الله، عز وجل، ورسوله الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، بـ«المقال».
إنها العِلم الذى يُنتفَع به.
إنها الشجرة الطيبة، لأنها الكلمة الطيبة، وإن بدت أحيانًا صادمةً، فالحقيقة تصدم، ثم لا تَنْسَوْا أن بعض العلاج الناجع علاجٌ بالصدمة الكهربائية.

اقرأ أيضًا:

عودة غامضة لقناة الناس‬

نقاش حاد بين رانيا بدوي وعمرو أديب حول “اتفاقية سد النهضة”

عكاشة يشرح خريطة “حرب نهاية الزمان”

محلب للإعلام: بلاش مزايدات

تامر أمين: أعرف زوج دينا ولم أطلب منها الزواج

‫ريهام سعيد تكشف حقيقة زواجها من نخنوخ وكيف خدعت الإسرائيليين

“عسل أبيض” يكرم مربي قطة “مترو محمد نجيب”

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا