للمرة الثانية.. الخطيب للأهلاوية: ألف شكر ألف شكر ألف شكر

فاتن الوكيل

كان الطفل ” محمود إبراهيم الخطيب” يحلم بالسير بجوار سور النادي الأهلي، وعندما أصبح لاعبا في فريق كرة القدم الخاص به، ظل يذهب إلى المكان الذي حلم فيه بالانتماء للأهلي أول مرة، ليجلس ويتذكر ويُجدد الحلم لكن بدرجات أعلى وأكبر. الموهبة موجودة والقبول موجود والحلم لا حدود له.. كبر الطفل ليُصبح أشهر لاعب في مصر والوطن العربي، شبهه صالح سليم بالأسطورة البرازيلي “بيليه” مؤكدًا أنه “لاعب متكامل”، وما كان يقوم به بيليه في الملعب يمكن مقارنته بما فعله الخطيب من بعده.

نرشح لك – “كبار السن” الأجمل في انتخابات الأهلي.. خاصة “العضو رقم 1652”

لكن مع كل هذا، تبقى جملة “لاعب الكرة عمره قصير” جملة مرعبة لأي لاعب “موهوب” وعاشق للكرة ولناديه وجمهوره، وتظل لحظة لا مفر منها ولا هرب.. لم يرتدي الخطيب فانلة الأهلي بعد تاريخ 1 ديسمبر 1988، لن يكون ضمن التشكيل الأساسي ثانية، لن يطير من الفرحة بعد كل هدف، تلك أمور ولت وأصبحت “ماضيا جميلا” للأهلاوية بعد اعتزال “بيبو”. الكثير من نجوم الكرة خفتوا بعد الاعتزال، لكن هناك من بقي، إما من خلال التدريب مثل الجوهري أو التعليق مثل الرمز الزملكاوي حمادة إمام، أو من خلال الانتخابات ورئاسة النادي مثل صالح سليم، وها هو الخطيب يدخل التاريخ مرة أخرى، لكن من خلال انتخابات رئاسة الأهلي في 2017.

خجل بيبو الذي يظهر عليه دائما بعد كل كلمة مديح، بلغ ذروته يوم اعتزاله في 1988 عندما اختزل الخطبة التي أعدها للإلقاء في إستاد القاهرة، أمام صيحات حب أكثر من 100 ألف مشجع، واختصرها في كلمتين “ألف شكر” كررها مرات ومرات لأنه لم يجد كلاما يليق ويتسع لكل هذا الحب؛ لم يكن عائقا أمام جرأته بعد 30 عاما للترشح على مقعد رئيس النادي الأهلي الآن.

يتحدث “بيبو” من قبل عن يوم اعتزاله. أكد أنه أعد خطبة في ورقة لإلقائها أمام الآلاف من الذين جاءوا لتوديعه كلاعب ليتحول بعد ذلك إلى رمز، لكن الهتاف الموحد “بيبو .. بيبو” لم يُتح له متسعا من الكلام، فظل من خلال جملة “بسم الله الرحمن الرحيم” يحاول إيجاد منفذا يبدأ من خلاله الخطبة، وبمجرد أن قال “ده كتير أوي عليا” أشعل حب الجمهور وهتافاتهم من جديد، وهذه المرة لم يتمكن من إكمال حديثه فظل يُردد “ألف شكر”، ثم طاف بالملعب لتحية جمهوره.

نطير من الماضي إلى الحاضر، فبمجرد إعلان الخطيب عن ترشحه لرئاسة الأهلي رسميا في سبتمبر 2017، أمام المهندس محمود طاهر، رئيس الأهلي وقت عملية الانتخابات، كان على “بيبو” أن يُثبت أنه أكثر من لاعب خلوق وموهوب، أو مجرد إداري شاطر، لكنه وضع نفسه في اختبار جديد، إما أن يُصبح انتصارا –وهو ما حدث- أو هزيمة لم يتعود عليها من قبل.

نرشح لك – 4 نجوم يتحاورون عن مونديال روسيا أبرزهم صلاح

فازت قائمة محمود الخطيب بأكملها أمام قائمة “طاهر”، وفاز رئيس النادي الجديد بأكثر من 20 ألف صوت مقابل 14,700 صوت لمحمود طاهر… انتصار لا يقبل بيبو بأقل منه، لكنه حتى يصل إلى هذه اللحظة، كان عليه أن يظهر في العديد من البرامج، ويدخل في سجالات أحيانا، وشد وجذب، وكواليس معارك انتخابية، استطاع أن يجتازها، ويُغير الفكرة السائدة بأن الجمهور لا يختار المرشح الخلوق المهذب ويُفضل الشخص المناطح دائما الذي لا يتوانى عن إلقاء الاتهامات ويدخل معارك “الصوت العالي”. ومن المؤكد أن بيبو الآن يُردد بداخله “ألف شكر ألف شكر ألف شكر” لكل من أعطاه صوته وثقته فيه كرئيس للأهلي وليس كلاعب لأن هذا الأمر تم حسمه منذ سنوات طويلة.

فاز الخطيب برئاسة الأهلي في نفس اليوم الذي أعلن فيه اعتزاله (1 ديسمبر).. منحة ربانية أخرى تُضاف إلى حب الملايين من المصريين على اختلاف انتماءاتهم، أن يتحول تاريخ مُحزن مليء بالشجن بالنسبة لأي لاعب، إلى يوم انتصار آخر. لكن الأيام التي أعقبت اعتزاله وإن كانت صعبة إلا أنه عندما سيتذكرها سيتذكر معها الكثير من الحب الغامر، أما الآن فالحب أصبح سببا في مرحلة أصعب. الجمهور يأمل ويحلم ويُخطط ويضع ثقته في بيبو لتحقيق هذه الخطط بواقع أفضل للقلعة الحمراء، ومع كل هذا الحب لن يغفروا له خيانة الثقة أو التقصير إن حدث، وهو ما يجب أن يعمل له “بيبو” ألف حساب.