ما بعد التفاهة.. كيف تورط نفسك في جريمة إرهابية؟!

“من رحم السوشيال ميديا يولد أغبى التافهين”.. بهذه العبارة يمكننا تلخيص الجدل الدائر منذ أول أمس الجمعة وحتى صباح اليوم الأحد، على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الفتاة التي تنبأت بوقوع الحادث الإرهابي الذي تعرَّض له مسجد الروضة ببئر العبد في سيناء، وراح ضحيته 305 من الشهداء بالإضافة لـ 128 مصابًا.

ففي وقت قليل للغاية، ظهرت آلاف المشاركات والتعليقات لمنشور كتبته فتاة تدعى “هدير أحمد مصطفى” بتاريخ 19 نوفمبر الجاري، تتنبأ فيه بوقوع تفجير في مسجد الروضة في شمال سيناء، دون توضيح أي تفاصيل أخرى عنه.

تلاه جزء كبير من المشاركات كان مرفقًا بتعليقات مليئة بعبارات الاستغراب والدهشة من هذه الفتاة التي تنبأت بالحادث قبل وقوعه بـ 6 أيام، مع وجود تساؤلات عن حقيقة علمها بأشياء من الغيب فعلًا كما ذكرت في منشور سابق، حيث كتبت أنها ترى شيئًا غريبًا متمثلُا في هيئة إنسان يخبرها بما سيحدث في المستقبل.

لسنا بصدد الحديث عن جمهور المتابعين المصدقين لمثل هذه الترهات، فهذا أمر انتهى الحديث فيه مذ بدأت المنشورات والرسائل المرفقة بعبارة “إن لم ترسلها لعشرة من أصدقائك فـ…” واكتب بعد الفاء ما شئت من عبارة التهويل والرعب والتهديد، لكن هنا الحديث عن الفتاة التي بالتأكيد لا ترى الغيب – الذي لا يعلمه إلا الله- وأرادت الشهرة وجمع آلاف المتابعين، فورطت نفسها في الحديث عن أكبر حادث إرهابي وقع في تاريخ مصر.

بالعودة لتاريخ تعديل المنشور المشار إليه سابقًا، تبين أن نصه كان كالتالي يوم 19 نوفمبر 2017: “جميع امتحانات كلية هندسة جامعة الإسكندرية موجودة.. كلموني على الخاص اللي عاوز الامتحانات”، ولأن الحديث عن الغيب في الامتحانات مع طلبة الهندسة لم يجد نفعًا، عدَّلت ما كتبته سابقًا في تمام الساعة 4:3 عصر يوم الجمعة الماضي إلى: “هيتم تفجير مسجد الروضة في شمال سيناء يوم الجمعة 24\11\2017″، ثم بعدها بأربعين دقيقة أزالت كلمة “هيتم” من البوست، ثم أعادتها له مرة أخرى في نفس الدقيقة.

وعلى طريقة الفنان حسن يوسف في فيلم “المغامرة الكبرى” الذي ادعى فيه أنه من قام بالجريمة الشهيرة بقتل أحد الأطباء على أن يستفيدوا من التغطية الإعلامية التي ستصاحب المحاكمة، إلا أنه يتورط بالفعل في الجريمة؛ عادت الفتاة مرة أخرى وورطت نفسها في الحديث عن أمر أكثر خطورة، وهو أن السد العالي سيتم تفجيره بصاروخ من مكان غير معروف.

وكما لاقى المنشور الأول عن حادث الروضة مشاركات عديدة، نال الحديث عن السد العالي نفس القدر من الاستغراب، لكن المفاجأة الأكبر في هذا القصة لم تتمثل فقط في مجرد البحث عن الشهرة بأكثر الطرق غباءً على الإطلاق، بل في أن “هدير” ليست “هدير”!

فمن خلال البحث عن حقيقة صور الفتاة الموجودة على الحساب، تبين أنه مزيف ويحتوي على صور خاصة بفتاة تدعى مارينا سمير، حيث تبرأت الأخيرة على حسابها من ملكية هذا الحساب المزيف، أو أن تكون كتبت هذه المنشورات.

وكما أن “هدير ليست هدير” قد تكون “مارينا ليست مارينا” ونظل نعود مرة أخرى لنقطة الصفر ونتحدث عن خدع السوشيال الميديا للمتابعين.