لماذا اختفى تعبير منتخب الساجدين؟

فاتن الوكيل

“وده بسر الدعاء والسجدة ونية الانتصار”.. عبرت كلمات أغنية الفنان لؤي لفترة طويلة عن نظرة المجتمع المصري لمنتخبهم وأسباب انتصاراته، وجاءت الأغنية انعكاسا لمصطلح “منتخب الساجدين” الذي انتشر على جيل المنتخب في 2006، لكن الآن بدأ هذا المصطلح ينحسر عن الماضي “القريب”.

 

الكثيرون في مصر لا يعترفون بأن التدين “أمر شخصي” وأن الدين علاقة بين الفرد وربه فقط، ولا شأن لأحد التدخل فيها، وليس من حق أحد مشاهدة أمارات حبي لله، لكنهم يُريدن أن يُشاهدوا “سوبر لاعب” من حيث المهارات والأخلاق والالتزام الديني، لأنه “نجم” بشكل عام ومثال أمام الشباب وليس مجرد لاعب.

أي من لاعبي الجيل السابق تتمنى عودته للمنتخب؟ للاختيار اضغط هنا

لم يكن مصطلح “منتخب الساجدين” متداولا لأجيال ما قبل 2006، على الرغم من وصول مصر لكأس العالم عام 1990، ويبدو أنه لن يكون لقب الجيل الحالي من المنتخب، ليس نزعا لصفة التدين عنهم، لكن لاختلاف نظرة المجتمع لماهية التدين.

لم يتوقف لاعبو المنتخب عن السجود حتى الآن، سواء عقب تسجيل الأهداف، أو الفوز بالمباراة، أو حتى بعد انتهاء المبارايات بالهزيمة، شكرا لله على السراء والضراء، وكان السجود أمرا بديهيا من محمد صلاح، أمس عقب تسجيل ضربة الجزاء الحاسمة أمام الكونغو، التي أهلتنا إلى مونديال “روسيا 2018″، لكن رغم ذلك توقف الجمهور والإعلام إلى حد كبير، عن الإشادة بسجودهم.

من أسباب انتشار هذا المصطلح هو جيل أبو تريكة وأحمد حسن ووائل جمعة وغيرهم من اللذين اعتادوا السجود عقب كل هدف، وهذا الأمر لم يكن معتادا من قبل، وبالتالي كانت ظاهرة السجود لافتة للنظر، وزادت من حب الجمهور لهم، على اعتبار أن اللعب الجيد ليس وحده ما يثير الإعجاب ولكن مشاهد التدين الظاهر أيضا.

أما الآن فالجميع يعترف بأخلاق لاعبي المنتخب والتزامهم وسطوع نجم العديد منهم على رأسهم محمد صلاح، لكن عندما يُذكر السبب يأتي الإخلاص والتفاني في المقام الأول، وهو أصل التدين بالمناسبة.

كما لا يمكن عزل الأحداث التي مر بها المجتمع المصري سواء السياسية أو الاجتماعية، عن تراجع تداول هذا التعبير، وربما كانت بعض المتغيرات بمثابة صفعة “الفوقان” للمجتمع الذي ظل فترة طويلة يحكم على التدين بالشكل وطريقة الحديث.. أما محمد صلاح ورفاقه، فعندما نُعدد أسباب رؤيتنا لالتزامهم، سنجد أسباب مثل التفاني داخل الملعب، والاستقتال على الفرصة حتى آخر لحظة، والإخلاص الظاهر في العيون، وهذه أساسيات الأخلاق والإخلاص في العمل، التي لا تنفصل عن التزام الفرد الديني.

من الجيد أن نعرف أن العمل أصبح هو المقياس لتقييم الأفراد والمنتخبات، على أن تظل السجدة أمرا عفويا وطبيعيا ينبع من داخل الإنسان، وليس عملا مقصودا حتى ننال لقب “منتخب الساجدين”، لكن الأهم أن ننال لقب منتخب الماهرين المنتصرين المتصدرين، لأن السجدة إن كانت شكلا للتدين، فإن النجاح هو قلبه.