بين الاتقان والاستسهال.. الجيد والسيئ في إعلانات المونديال

إسراء النجار

بعد تأهل منتخب مصر رسميًّا لنهائيات مونديال روسيا 2018، بفوزه على ضيفه الكونغولي، مساء أمس، يرصد إعلام دوت أورج ويقيم أبرز الحملات الإعلانية التي كان ظاهرها تشجيع المنتخب ودعمه، وباطنها استغلاله والاستفادة من إنجازه.

صحيح أنه على الإعلان أن يلمس وترا يخص الجمهور المستهدف، لكن في حالتنا لم تكتف الإعلانات باللمس، بل أخذت في العزف وتكرار نفس النغمة حتى وصلت لمرحلة التكرار، وملها الناس.

وسط هذا الكم الكبير من الإعلانات، بالتأكيد كان هناك جيد الصناعة وسيئ الصناعة، وهو ما نحاول رصده في السطور التالية.

إعلانات قدمت فكرة ولكن شاب بعضها أخطاء في الصياغة والتنفيذ:

فودافون “متقاطعش”

الجيد: فكرة حملة “متقاطعش” في حد ذاتها جيدة، واختار الإعلان شخصيات محببة ولديها روح الفكاهة، ولكن تنفيذه لم يكن موفقا. بمعنى أن الحملة كان من الممكن أن تعتمد على عدم المقاطعة مع اللاعبين، الأهداف، المانشتات الصحفية والإعلامية، وهو ما تحقق في حديث بعض الضيوف مثل اللاعبين أحمد فتحي ومحمد بركات، والفنان بيومي فؤاد، والمراسل مهيب عبد الهادي، ولكن تطرق “المقاطعة” للمواطنين كان مبالغا فيه، مثل استنكار المذيع الساخر عمرو وهبة من أن “حمادة” عامل القهوة بيضع تشكيل المنتخب.

السيئ: حمل الإعلان المواطن البسيط مسئولية عدم تأهل مصر لكأس العالم لمدة 28 عاما بسبب “النبر”. لكن العكس يبدو أنه الصحيح، فدائما ما يردد الجميع أن “دعوات المصريين” كانت هي طوق النجاة في عدد كبير من البطولات والمبارايات الهامة، خاصة التي أداها المنتخب بشكل غير لائق مثل مباراة أمس، ثم إن رجل القهوة البسيط يكون أحيانا “فاهم كورة” أكثر من بعض محللي الإستوديهات، فلماذا التهكم غير المبرر عليهم ومطالبتهم بأن يركزوا في عملهم؟

بيريل “رجالة 90”

الجيد: كان العامل المشترك في أجزاء الحملة هو إبراز نماذج لرجال يحكون عن خبرتهم وتجربتهم مع الحياة، ومن ثم يكتشف المشاهد أنهم جميعا من مواليد عام 90 الذي شهد آخر تأهل لمنتخب مصر في كأس العالم. نجحت الفكرة في تحقيق الهدف المرجو منها لسببين: الأول تقديم فكرة غير نمطية تم إعدادها وتنفيذها جيدا من خلال الاستعانة بنماذج وشرائح مختلفة لمواليد هذا العام، وكانوا جميعا لديهم حضور وقدرة على التمثيل. أما السبب الثاني، هو تماشي فكرة الإعلان مع شعار الشركة عامة “استرجل”، فناسبت الحدث والعلامة التجارية للشركة.

السيئ: شاب الإعلان بعض الأخطاء على مستوى صياغة الفكرة، أهمها المبالغة في بعض العبارات الواردة، فالمولود عام 90 لديه 27 عاما، وليس من المصدق في زمننا الحالي أنه متزوج منذ 6 أعوام ولديه ثلاث أطفال! أو النموذج الآخر الذي يفخر بزواجه الثاني بعدما مر بتجربة طلاق فضلا عن أنه يمتلك سيارة أوتوماتيك وشقة فاخرة ويتردد أولاده على مدارس الإنترنشونال وينقصه فقط تأهل المنتخب!

جهينة “كلنا مبروك”

الجيد: حاول الإعلان أن يقدم فكرة مبتكرة بطلها كلمة “مبروك” الذي أصابه الشلل من إخفاق المنتخب في التأهل لكأس العالم، مستعينا ببعض أفراد عائلة “مبروك” الذين أكدوا أن صعود مصر لمونديال 2017 سيعجل بشفائه، في شكل أقرب للفيلم الوثائقي وهي فكرة جديدة.

السيئ: تكدس عدد كبير من الوجوه في الإعلان إضافة إلى أن الفكرة يوجد فيها قدر من “التنظير”، جعل المشاهد البسيط لا يدرك منذ الوهلة الأولى أن بطل الإعلان هو “كلمة”، ما أفقد الإعلان أهم سماته في أن يكون جماهيريا وحماسيا.

https://www.youtube.com/watch?v=tts8skXHHfg

أورانج “يا نتأهل يا متلحقوناش”

الجيد: اختيار كبار السن ليعبروا بصورة ساخرة عن رغبتهم في رؤية منتخب بلادهم في بطولة كأس العالم قبل أن يرحلوا كان موفقا لأنهم عبروا عن رسالة الإعلان بقدر من الكوميديا ولأن ظهورهم يعد نادرا في هذه النوعية من الإعلانات.

السيئ: عدم مراعاة مشاعر هذه الشريحة من الجمهور باستخدام ألفاظ يمكن اعتبارها جارحة و”تفول عليهم بالموت”، بداية من عنوان الحملة “يا نتأهل يا متلحقوناش” وصولا للكلمات التي أقرت إصابتهم بأمراض الشيخوخة والقلب فضلا عن تواجد بعضهم بالإنعاش، وهو ما جعل جهاز حمايةالمستهلك يلزم “أورانج” بتعديل محتوى الحملة بسبب ما تضمنته من إساءة.

إعلانات شكلية واكبت الحدث دون أن تقدم فكرة جديدة:

شكرًا غانا “اتصالات”

قدم الإعلان الشكر لمنتخب غانا بعد تعادلها مع منتخب أوغندا أول أمس السبت، ما أتاح لمصر فرصة أكبر لتأهلها لكأس العالم 2018. فكرة تقديم الشكر لمنتخب منافس غير مستهلكة ولكن طريقة تنفيذها حملت قدرا كبيرا من المبالغة، إذ تمت هذه التحية على خلفية عزف النشيد الوطني في أحد المدارس؛ ما علاقة كرة القدم بنشيد وطني في المدارس؟ ولماذا لم يكن النشيد في الإستاد؟ لعله الاستسهال!

https://www.youtube.com/watch?v=BrKr3NykatY

“اندهش” فريسكا

بدأ الإعلان ساخرا من الإعلانات المنافسة، مؤكدا أنه لا توجد علاقة بين كرة القدم وشركات الحديد والأسمنت والمياه الغازية والشيبسي والاتصالات وغيرها، ومن ثم انتظر المشاهد أن يقدم الإعلان–بشكل ساخر على الأقل- العلاقة بين منتجه والكرة، إلا أنه هرب من تقديم أي فكرة، مؤكدا انضمامه لفريق الإعلانات “اللي لمت أي حد معاه قرشين”، على حد وصفه، ومعلنا عن منتجين جديدين على سبيل “روح المشاركة”!

يلا نفك النحس “بيبسي”

خرج الإعلان بصيغة حماسية أقرب للتشجيع من خلال الاعتماد على أغنية شبيهة بأغاني الأولتراس جاءت كلماتها قريبة من المواطن البسيط وتعتمد على “فك النحس” من خلال “الكف”، وهي صيغة خفيفة وقريبة من الثقافة الشعبية. ودعمها الاستعانة بالإعلامي مدحت شلبي لأنه دائم الحديث عن المقاطعة والحسد.