من الميديا للجمهور: أنتو عايزين إيه بالضبط؟!

رباب طلعت

 

“ليه الإعلام مابيهتمش؟”، سؤالٌ كثيرًا ما يردده رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عند سطوع نجم أحد المواهب، أو تميز أحد الشباب المكافح في مجال ما، أو حتى قضية ما، موجة انتقاد واسعة تجتاح “السوشيال ميديا”، موجهة للصحافة والتلفزيون، “الهدامين”، من وجهة نظر البعض، لاهتمامهم بـ”التفاهات”، والأشخاص ذوي “اللا قيمة”، دون غيرهم من النابغين، ولكن هل يهتم المنتقدين أنفسهم بهم؟ الإجابة يبرزها “إعلام دوت أورج” فيما يلي:
 
 
1
ظهرت خلال الآونة الأخيرة العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، ذات المحتوى الهادف، يستخدم أصحابها مختلف الطرق للوصول لفئة الشباب، لتقديم محتوى علمي، أو ثقافي، أو اجتماعي، من خلال عرض “فيديوهات”، يخوضون من خلالها تجارب تثقيفية مختلفة، استطاع عددٌ قليلُ منهم، إحراز قاعدة جماهيرية، كبيرة نسبيًا، إلا أنها مقتصرة على متابعيها فقط، وليس على “العامة”، فلا يتحدث عنهم أحدٌ، .. أو .. فلا يتحدث عنهم أحد، ومن النادر أن تجد فيديو لهم يتعدى المليون مشاهدة، مثلما حدث مؤخرًا مع دالي حسن مغنية كليب “ركبني المرجيحة”، أو حتى ميرنا مجدي، التي اهتم بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة بحث البعض عن تاريخها، ليكتشفوا فيديو قديم لها منذ عدة سنوات مع طوني خليفة، تروي قصص تعذيبها من أهلها وهي صغيرة، محللين الموقف بأن ما تفعله هو ناتج مرض نفسي، أي أنها اشتهرت مرتين، الأولى بسبب “سخافة” فيديوهاتها، والثانية بالدفاع عنها.
 
2
من بين تلك الصفحات الهادفة، يمكن ذكر أشهرها، وأكثرها حظًا بين أشباهها، بعدد “الفانز”، المتابعين لها، “الإسبتالية” التي أطلقتها الطبيبة إيمان الإمام، والتي تشرح من خلالها بعض المفاهيم الطبية الهامة، بطريقة مبسطة وبسيطة، كذلك “الدحيح”، لأحمد الغندور، خريج الجامعة الأمريكية، الذي قرر أن “يروشن” العلوم على حد تعبيره، لإيصال المفاهيم العلمية عن طريق “الإفيهات”، لتبسيط وصولها، وقدرتها على تثبيت المعلومة، كذلك هنالك أحمد سمير صاحب صفحة “ايجيكولجي”، والذي يرد من خلالها على بعض الإشاعات العلمية بطريقة مبسطة عن طريق “الفيديوهات”، والتجربة المميزة من نوعها “سيكولجي”، والتي حاولت فيها الدكتورة شيرين عماد، ربط المفاهيم النفسية، بالأعمال الفنية، فشرحت من خلال مشاهد سينمائية وتلفزيونية، العديد من الأمراض النفسية التي تعاني منها الشخصيات، وبسنت نور الدين، الأشهر، والأكثر حظًا من بينهم جميعًا، والتي استطاعت أن تحرز شهرة واسعة، لطريقتها المختلفة في شرح التاريخ المصري، والمواقع الأثرية في مصر، وغيرهم الكثير، ممن يتساءل البعض عن سبب اهتمام الإعلام بهم، والإجابة أن الإعلام اهتم بالفعل، لكن الجمهور هو من لم يهتم، فبالبحث عن تلك الأسماء في “جوجل”، ستجد أن أغلبهم له حوارًا شخصيًا على أحد المواقع الإلكترونية، لكنه لم ينل ما يستحقه من الشهرة، لأنه لم يجذب القراء!
 
 
 
3
الجدير بالذكر، أن بسنت نور الدين على سبيل المثال، الأوفر حظًا من زملائها سابقي الذكر بالاهتمام من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، استطاعت بالفعل أن تحل ضيفة على كثير من الفضائيات المصرية، ولعل اللقاء الأشهر لها كان مع الإعلامية منى الشاذلي، في برنامجها “معكم”، المُذاع على فضائية “cbc”، أي أن “السوشيال ميديا”، وجهت اهتمام الإعلام لها بالفعل، والذي بدوره أتاح لها فرصة الظهور، لكن بالبحث عن فيديوهات الحلقة، ستجد أن الفيديو الخاص بها على قناة البرنامج على “يوتيوب”، لم تحرز أكثر مما يقارب 299 ألف مشاهدة، في مقابل 2 مليون مشاهدة لفيديو حلقة الإعلامية ريهام سعيد، في برنامجها “صبايا الخير”، المُذاع على شاشة تلفزيون “النهار”، التي عرضت خلالها الرجل ذو القوى الخارقة، ومحاولتها لاختراق جسده بالشنيور، وهو ما لم يحدث، والتي كانت “الترند” الثالث على “يوتيوب” خلال الأيام الماضية، كما أحرز 2 مليون مشاهدة خلال يومين فقط، وهو ما يؤكد على قدرة الإعلامية الكبيرة في جذب الجمهور بشكل كبير، بالرغم من الهجوم الشديد والدائم لها على صفحات التواصل الاجتماعي.
 

5
خلال الأسبوع الماضي، وبتتبع “هري” السوشيال ميديا، سنجد أن الاهتمام الأكبر كان بشكلٍ أكبر منصبًا على المشاهير مثل عودة ظهور حلا شيحة، التي اخترقت صمت السنوات الماضية، بظهورها بالحجاب، وانتقاد مايوه ياسمين صبري، والأغرب، هي ميرنا مجدي مرة أخرى، للأسبوع الثاني على التوالي، حيث تحول “الهري” من ميرنا مجدي “المبتذلة”، إلى ميرنا مجدي “الضحية”، في مقابل ذلك كان هنالك لقاء تلفزيوني، أجرته الإعلامية أسماء مصطفى في برنامج “هذا الصباح”، المُذاع على فضائية “extra news”، مع مجموعة من طلاب كلية هندسة الطيران، بجامعة القاهرة، لابتكارهم وسيلة مواصلات “الهايبرلوب” والمنافسة بها في عدة مسابقات دولية، أي أن البرنامج بحث واهتم واستضافهم، بعكس السوشيال ميديا التي أهملتهم ولم تشر إليهم، ليتحول السؤال إلى “رواد السوشيال ميديا مبيهتموش ليه؟”.
 
 
 
 
 
6
بالرغم مما سبق فإن الإعلام ليس بريئًا كليًا من تهمة “ليه ما بيهتمش؟”، فهو يحمل على عاتقه وبشكل كبير، مسئولية تنوير الرأي العام، وهو ما يضيع تدريجيًا، بما يحدث مؤخرًا بـ”تطبيله” للرأي العام، أو تحديدًا بـ”تطبيله” لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح القائمون على إعداد البرامج، في الغالب يبحثون عن مواضيع الحلقات، بطريقة “الناس بتتكلم في إيه”، أو “الجمهور عاوز إيه”، وبالتالي الاهتمام بـ”نجوم السوشيال ميديا الكارتون”، الذين يتغيرون بصفة شبه أسبوعية، فاليوم تستضيف كافة البرامج الخليل كوميدي، وغدًا دالي حسن، وبعد غدٍ وجهًا جديدًا، يشهره نجوم السوشيال ميديا حتى وإن كان عن طريق الانتقاد، لضمان زيادة عدد المشاهدات، والخروج بحلقة مثيرة للجدل، وبالتالي نجاح كبير يتغنى به الإعلاميون وفريق عملهم، وهو ما يجعل إجابة “ليه الإعلام مابيهتمش؟”، هي أن “الجمهور عاوز كده”.