13 رسالة محبة من البابا فرنسيس إلى أرض الشمس

رباب طلعت

“قليلٌ من الرحمة تجعل العالم أقل برودة وأكثر عدلاً” -البابا فرنسيس.

ذلك العالم المليء بالتحديات، القتل، الموت، الإرهاب، الشر المغلف باسم الله، إله الخير، الذي توحدت القلوب على عبادته باختلاف دياناتها، في حاجة إلى الرحمة، والعدل، والإنسانية، والسلام، وهي الرسالة التي توج بها البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، زيارته إلى أرض الشمس ومهد الحضارة “مصر”.

يومان، احتضنت فيهما مصر، زيارة غالية، وحدت فيها كلمة الحق، بتوحد الأديان على هدف واحد: السلام. تلك الزيارة التي بدأت برسالة من البابا فرنسيس، قبل عدة أيام وجهها إلى شعب مصر الحبيب، كما وصفه، وبدأها بـ”السلام عليكم”، قائلًا: “يسعدني أن أزور بعد عدة أيام مهد الحضارة، وهبة النيل وأرض الشمس والضيافة، حيث عاش الآباء البطاركة والأنبياء، وحيث الله الرؤوف القدير والواحد أسمع صوته، إنه يسعدني حقًا أن آتي كمرسل للسلام، وحاج إلى الأرض التي قدمت ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة التي هربت من ظلم الملك هيرودس”.

 

حل صباح الجمعة، كيوم عرسٍ، انتظرته مصر، بمحبة وترقب، استعدت القاهرة لاستقبال الضيف القادم إلى هبة النيل، حاملًا حمامة السلام، باعثًا رسالة للعالم كله بأن “{ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}”، تلك الأرض التي سأضع قدمي عليها دونما تكلف في الحراسة، أو انعزال عن العالم”، فعُلقت صوره، على طرقات المدينة المنتظرة، ترحيبًا به.

 

كان في الجانب الآخر، البابا، يستعد للسفر للقاهرة، مرتديًا زيه الأبيض، الذي رفض تغييره بالأحمر المعتاد عند استلامه مهام الباباوية، في الفاتيكان، وصعد إلى طائرته، مع حرصه على التسليم على كل من يقابله، من أول مضيفة الطائرة، والطاقم المصاحب له في الرحلة، حتى الصحفيين، الذين صعدوا معه عليها ليرافقوه في رحلة “السلام”، مودعًا من تركهم وراءه في روما.

في الثانية من ظهر الجمعة، حل البابا، ضيفًا على أرض مصر، واستقبله، شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، في مطار القاهرة، ليتوجها بعدها إلى قصر الاتحادية ليرحب به الرئيس عبدالفتاح السيسي، استعدادًا لانتقاله إلى مشيخة الأزهر، ليصافح فور وصوله الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لتتوحد الأديان على “أرض الشمس” كما وصفها، وتصافح بعضها بعضًا معلنة اسم الله الأكبر “السلام”.

 

قبل الرحيل من أرض مطار القاهرة، كان لأمنية عفاف جورج حليم، بتقبيل يد البابا، نصيبًا في أن ترى النور، فمخرجة التلفزيون المصري، التي لم تتمالك نفسها من سعادتها برؤية بابا الفاتيكان أمام عينها، طلبت أن تقبل يده ليباركها، فسمح لها الحراس بذلك بعد موافقته، لتلتقط صورةً للذكرى ستورثها لأحفادها.

 

نرشح لك: كواليس تقبيل مخرجة التليفزيون المصري ليد بابا الفاتيكان

 

وسط العمم الحمراء، وقفاطين الأزهر السوداء، وقف بابا الفاتيكان، ملقيًا كلمته داخل مشيخة الأزهر الشريف خلال المؤتمر العالمي للسلام، الذي نظمته المؤسسة الدينية، بادئًا كلامه بـ”السلام عليكم”، بلسان عربي، متقدمًا بالشكر لـ”الطيب” الذي أسماه بـ”أخيه الأكبر”، مشددًا على أن التعليم الصحيح، خاصة تعليم الأجيال المقبلة أهمية تقبل الآخر، ومحبته، هي بذرة السلام، لافتًا لضرورة زرع أصول محبة الله الذي يرفض الكره والموت، في كلمة نابعة من إيمانه بأن “محبة الله مطلقة، لا حدود لها!”-البابا فرنسيس”.

نرشح لك: 4 كلمات بالعربية للبابا فرنسيس في كلمته للمصريين

“مصر أم الدنيا”، قالها البابا فرنسيس بالعربية، أمام حضور كلمتيه هو والرئيس عبدالفتاح السيسي في فندق الماسة، الذي توجه له بعد إنهاء رسالة “السلام” في مشيخة الأزهر، ليرسل أخرى بـ”الأمان”، مؤكدًا أن الإرهاب لا دين له، ولا وطن له، فالشر الذي ينتهك الأرواح من تعاليم الكره لا المحبة والإيمان بالله، مؤكدًا على أنه “في سبيل تغيير العالم، يجب أن نفعل الخير إزاء أولئك الذين لا يمكنهم التعويض لنا”-البابا فرنسيس، وذلك ما تفعله مصر بمحاربتها لأيادي الإرهاب في المنطقة.

 

نرشح لك: 17 تصريحًا لبابا الفاتيكان من القاهرة

“هناك الكثير من الضجيج في العالم! لنتعلّم أن نكون صامتين في قلوبنا وأمام الله” -البابا فرنسيس.

وأمام دماء الشهداء، التي لطخت جدران بيت الله، الذي أقيمت فيه الصلوات، والتي جعلت البابا يصر على إشعال شمعة، أمامها، ويضع إكليلًا من الزهور، على الأرواح التي أزهقت ظلمًا بأيادي الكره، في الكنيسة البطرسية بالعباسية، بعد انتهاء مراسم الصلاة المسكونية فيها بصحبة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

 

عقب انتهاء اليوم الأول وتوجه البابا لاستراحته في سفارة الفاتيكان بالزمالك، حرص محبوه على انتظاره أمامها ليرسلوا له تحيتهم.

 

نرشح لك: صور.. مفاجأة لبابا الفاتيكان في الزمالك

 

في صبيحة اليوم الثاني للزيارة، احتشد ما يقرب من 25 ألف شخص من مختلف الطوائف المسيحية، في استاد الدفاع الجوي، لحضور القداس الإلهي الذي من المنتظر أن يترأسه البابا فرنسيس، الذي سجل مشاهد تاريخية، خلال القداس، أولها كان دخوله بعربة للجولف أحضرها معه من روما، لكي لا يحجبه عن محبيه شيء، ويطل عليهم مستأمنًا على نفسه بينهم، مزعزعًا الإرهاب، برسالة ضمنية، مفادها ما قاله في كلمته في فندق الماسة بأن “الرب هو من يحمي ليس البشر”.

“يكمن مقياس عظمة مجتمع في طريقة معاملته للأكثر احتياجاً، لمن ليس لديهم أي شيء سوى فقرهم، تقاس حضارة الأمم برعايتها للأكثر احتياجًا خاصة من الأطفال والمسنين” –البابا فرنسيس.

تلك الكلمات التي يؤمن بها بابا الفاتيكان، والتي دائمًا ما يرددها، جاء وقت تنفيذها بمحبة على استاد الدفاع الجوي من قلب العاصمة المصرية، فمن بين كل الحاضرين، كان للمسنين والأطفال، والمرضى الأولوية في لقاء البابا ومباركته.

لم ينصب اهتمام البابا فقط على “المستضعفين” بل نظر للمستقبل، إيمانًا منه بأن “العائلة هي حيث نتلقى التنشئة كبشر.. كل عائلة هي لَبِنة في بناء المجتمع”، فبارك زواج عروسين من المنيا، بالرغم من مرور عام ونصف على زواجهما، لينالا بركة البابا فرنسيس.

نرشح لك: صور.. بابا الفاتيكان يبارك زواج عروسين في استاد الدفاع الجوي

نرشح لك: كيف تم اختيار العروسين اللذان باركهما بابا الفاتيكان؟

بعد توجه البابا إلى الكلية الإكليريكية الكاثوليكية بالمعادي، التي عقد فيها اجتماعا مع كهنة الكنيسة الكاثوليكية بمصر، التي استقبله فيها المصريون بالهتافات والزغاريد، انتهت فعاليات زيارة البابا فرنسيس رسميًا، إلا أنها لم تنته إنسانيًا، فبداخله، ظل شيء معلق، أراد أن يتمه، بوقفة على نهر النيل المبارك، ناظرًا له، مؤكدًا على إيمانه بأن “مصر أنقذت الشعوب الأخرى في زمن يوسف من المجاعة، وقادرة الآن على إنقاذ العالم من مجاعة المحبة والأخوة فهي تبني في نفس الوقت السلام بيد وبالأخرى تحارب الإرهاب”.

 

اختتم بابا الفاتيكان زيارته لـ “أرض الشمس” كما يحب تسميتها، برسالة لأبنائها من على سلم طائرته العائدة إلى روما، قائلًا فيها: “سأحملكم دائمًا في قلبي وفي صلاتي، تشجّعوا، وسيروا إلى الأمام، ومن فضلكم لا  تنسوا أن تصلوا من أجلى، وتحيا مصر”.