تهجير "أم الحيران" الفلسطينية.. النكبة تعود في 2017 - E3lam.Com

فاتن الوكيل

كانت مصر عام 1948 وتحديدا خلال النكبة تعيش في ظل الاحتلال البريطاني، وتعاني ممن صراعات القصر والحكومات المتعاقبة، لكنها بالرغم من ذلك اعتبرت مع باقي الدول العربية، أن ما يحدث في فلسطين ظلما عالميا وتآمرا ضد فلسطين، بتهجير أهلها وإحلال المستوطنين اليهود في أراضيهم، وكانت النظرة إلى هؤلاء على أنهم “عصابات صهيونية” سيتم تأديبهم وإعادتهم إلى بلادهم، لكن جميعنا يعرف مع حدث بعد ذلك من نكبات متتالية جعلت الوضع على الأرض يختلف سياسيا بشكل كلي.

الإعلام المصري خلال النكبة، كان مكرسا لخدمة معركة تحرير فلسطين، بالرغم من الظروف السياسية والاجتماعية التي كان من الطبيعي التركيز عليها مع أخبار الحرب. لكننا الآن في 2017 وفلسطين تعيش حروب متتالية وعمليات قتل وتشريد. لكن ما حدث خلال اليومين السابقين في قرية “أم الحيران” التي تقع في النقب المحتل، هو نكبة جديدة تعيشها فلسطين والددول العربية، مطابقة تماما لما حدث عام 1948.

قوات الاحتلال تُحاصر القرية منذ عدة أيام، ثم تقتحم الجرافات القرية وسط اشتباكات دامية بين أهل واصحاب الأرض، في مواجهة شرطة الاحتلال. أدت إلى استشهاد فلسطني وقتل شرطي من الاحتلال. بدأت الجرافات في هدم المنازل، التي تعيش على مولدات كهرباء خاصة بالأهالي، وسط انقطاع لأدنى الخدمات الآدمية، بدعوى أن سلطة الاحتلال لا تعترف بهذه القرية، لأنها ببساطة ظلت صامدة أمام الاحتلال منذ 1948 وحتى الآن، بالرغم من عمليات الهدم المتواصل.

 

لكن ما اختلف كليا عن وقت النكبة، هو الموقف العربي، والذي يهمنا هنا هو الإعلام خاصة، فإن كنا اعتدنا الصمت من الأنظمة العربية، أو على أقصى تقدير، إصدار بيانات الشجب، فإن الإعلام المصري، قد اهتم خلال الفترة السابقة بما يحدث داخل فلسطين المحتلة، خاصة بعد التهديدات التي شهدتها مدينة القدس، إما بتهجير أهلها أو تكرار عمليات الطعن ضد جنود الاحتلال مما أعادها إلى واجهة المقاومة ومنها إلى شاشات الفضائيات العربية.

لكن هذه المرة، نشهد في وسائل الإعلام صمتا يثير الغضب، تجاه قضية قرية “أم الحيران”، حيث تركزت التغطيات الإعلامية إما على صفحات السوشيال ميديا، أو بعض المواقع الخبرية. التي نشرت أخبار قليلة ومكررة عن تهجير القرية، تشبه التمثيل الشرفي في أحد المؤتمرات.

بينما تعاملت معظم المواقع الإلكترونية مع كارثة تهجير “أم الحيران” التي ستفتح الباب أمام تهجير أكبر لأهالي الداخل الفلسطيني، وكأنه شأن داخلي فلسطيني وفقط.

معظم التغطيات الإعلامية سواء الصحفية أو التلفزيونية، قامت بها مواقع عربية وعالمية، وبالطبع المواقع المهتمة بالشأن والداخل الفلسطيني، مثل “سكاي نيوز عربية”، و”روسيا اليوم”، و”الجزيرة”، و”العالم” الإيرانية و”المنار” اللبنانية، والعربية، و”فرانس 24″. بينما غابت القنوات المصرية، فمثلا قناة extra news التي تهتم بالتغطية الإخبارية المباشرة من جميع دول العالم، حتى نالت إشادة الكثيرين عند انطلاقها، لم تُقدم تغطية خاصة لهذا الأمر بالرغم من أهميته واختلافه عن مجرد خبر، وهو ما ينطبق على قناة on live.

موقع “أخبار مصر” الرسمي، تجاهل الحدث تماما، بينما نشر خبرا تضاربت الأنباء حوله، عن استشهاد “يعقوب أبو القيعان” أحد شبان القرية، الذي استهدفه جنود الاحتلال فور خروجه من منزله، وأطلقوا عليه النار داخل سيارته، ثم ادعوا قيامه بعملية دهس، وهو ما نفاه شهود العيان، الذين أطلق الاحتلال باتجاههم النار عقب استشهاد يعقوب. والأكثر من ذلك، أن الخبر الذي نشره “أخبار مصر”، جاء نقلا عن “تل أبيب – وكالات”، وكان أضعف الإيمان الصحفي لهذا الموقع “الرسمي” أن ينقل خبرا من وكالة عربية. ذلك بخلاف عدم التحدث عن عمليات التهجير من قريب أو بعيد.

يذكر أن قرية أم الحيران تعتبر ضمن 51 قرية أخرى لا تعترف بها سلطة الاحتلال. وتقع جنوب جبل الخليل. يسكن فيها نحو ألف نسمة، وهي لا تحظى بأي خدمات طبية وصحية أو ماء أو كهرباء، ويستخدم سكانها مولدات الكهرباء الخاصة ويضطر، بينما يُشير أهالي القرية إلى أن المستوطنين كانوا يقومون بزيارة القرية بشكل ثابت، لمعاينة الأراضي، التي يرغب الاحتلال في نقلهم إليها.

وكانت سلطات الاحتلال قد هجرت سكان أم الحيران عام 1948 من أراضيهم الى قرية اللقية. وفي العام 1956 نقلتهم من اللقية إلى وادي عتير حيث هم اليوم. كما جرت محاولة لهدم بيوت القرية في العام  2003 وعندها اندلعت مواجهات أصيب فيها عشرة اشخاص. بينما وافقت حكومة الاحتلال عام 2013 على تسريع عمليات التهجير بالرغم من تقديم أهالي القرية إلى إحدى محاكم الاحتلال ضد قرار إخلائهم من أراضيهم ولا تزال القضية معلقة في المحاكم.

وفي نوفمبر من عام  الماضي،2013 أعلن الأهالي عن تمسكهم بقريتهم ورفضهم أية مخططات لإبعادهم عنها، فيما تحاول “إسرائيل” جاهدة تنفيذ مخططات التهجير ليكون ذلك خطوة عملية لتنفيذ مخططات برافر في صحراء النقب.

عام 2016 احتفلت القوى الشعبية الفلسطينية بيوم الأرض الموافق 30 مارس من كل عام، على أرض قرية أم الحيران، وذلك في رسالة إلى سلطة الاحتلال مفادها التمسك بأرض القرية، مؤكدين أن في الوقت الذي أصبح في الاحتلال أكثر غطرسة أصبح أهالي الجليل أكثر صلابة.

https://www.youtube.com/watch?v=PLfRbtsmTIs