محمد سلطان محمود يكتب: عندما احتفل واتساب بالمولد النبوي الشريف

(1)

قام شاب سعودي بإرسال رسالة صوتية لصديقه الذي يُدعى شريف عبر وتساب يهنأه فيها بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ويطلب منه أن يرسل رسالة لقائمة اصدقاءه يدعوهم فيها للأحتفال بالمناسبة عن طريق الصلاة على النبي ودعوة اصدقائهم لفعل نفس الشيء.

ربما يكون شريف قد شعر بالكسل أو اعجبه طريقة القاء صديقه للرسالة، لكنه في نهاية الأمر قام بإعادة إرسال التسجيل الصوتي إلى اصدقائه بدلًا من كتابة رسالة صديقه، وبدورهم قرر أصدقاء شريف أن يعيدوا إرسال التسجيل الصوتي إلى اصدقائهم، وأنتشر التسجيل الصوتي سريعًا ليصل إلى الاف الأشخاص خلال بضعة ساعات.

(2)

وصل التسجيل الصوتي إلى شخص يشعر بإمتلاكه الموهبة الصوتية، فقرر كتابة الرسالة وإعادة تسجيلها بصوت رخيم حاول فيه تقليد مذيعي محطات الـFM ، ثم قام بإرسال التسجيل الصوتي مرة أخرى إلى اصدقاءه، تلك المرة بصوته وبعد أن قام بحذف اسم شريف من التسجيل الصوتي الأصلي، لكن دون أن يقوم بحذف دعاء صديق شريف له بالعثور علي الزوجة الصالحة ودعاءه لنفسه أن يكون التسجيل صدقة جارية له هو ووالدته.

كما قام اصدقاء شريف بتداول تسجيل صديقه السعودي، قام اصدقاء الشخص المجهول حتى الأن بإعادة تداول التسجيل الذي أرسله لهم مع أصدقائهم، لتبدأ سلسلة الرسائل بين الاف الأشخاص.

(3)

لسبب ما تخيل بعض مستخدمي فيسبوك أن يكون صاحب التسجيل الصوتي هو أسامة منير مقدم برنامج “انا والنجوم وهواك” ومُذيع الـ FM الأشهر في مصر خلال السنوات الأخيرة، بالرغم من عدم وجود أى تشابه في نبرة الصوت أو طريقة الإلقاء، وهو شيء يسهل تمييزه بالأخذ في الإعتبار شهرة أسامة منير ووجود صوته في مئات الإعلانات والفواصل الإذاعية.

سريعًا بدأت الفكرة تكبر وتحول التسجيل الصوتي المقصود به الدعوة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف إلى تسجيل لأسامة منير يقوم بتهنئة اصدقائه بالمولد النبوي الشريف، ويصبح السؤال الأكثر تكرارًا خلال الـ24 ساعة الماضية هو “جالك التسجيل بتاع أسامة منير؟”

(4)

تحول تساؤل مستخدمي فيسبوك إلى ما يشبه الشائعة سريعة الإنتشار، حتى وجد أسامة منير نفسه امام تساؤلات من الصحفيين عن علاقته بالتسجيل الصوتي المنسوب له، وهو الأمر الذي قام منير بنفيه مؤكدًا على وجود عدد من الأشخاص الباحثين عن الشهرة الذين يقوموا بتقليد صوته، لكنه ينتهز الفرصة لمعايدة المسلمين بمناسبة المولد النبوي الشريف.

(5)

كان من الممكن أن يقوم شريف بتفريغ محتوى رسالة صديقه وإرسالها في شكل رسالة نصية يرسلها إلى اصدقاءه ولا يهتم معظمهم بقراءتها أو إعادة ارسالها بسبب طول النص، لكن قرار شريف بإعادة ارسال التسجيل الصوتي يبدو أنه تسبب في تحقيق رغبة صديقه المجهول عندما قال “سنهدي رسولنا هدية بمناسبة مولده الشريف 10 مليون صلاة”.

(6)

بالتأكيد لم يكن شريف وصديقه السعودي مدركين أنهم يقوموا بشيء سيجعل مواقع التواصل الاجتماعي تهتم به خلال ساعات قليلة من بداية تداوله، أو أن يكون صوت الشاب المصري مثير للجدل لدرجة إهتمام بعض وسائل الإعلام بالأمر والإستفسار من أسامة منير عن صحة التسجيل. لكن ما حدث قد حدث، تسجيل وتساب مدته 50 ثانية انتشر من هاتف شخص يٌدعى شريف ليصل إلى عناوين الأخبار في أقل من 24 ساعة، في إظهار جديد لقدرة وسائل التواصل الإجتماعي على فرض نفسها كمحرك لإهتمامات الرأى العام، حتى في أبسط الأمور.

(7)

اللافت للنظر هو سهولة انتشار معلومة خاطئة لم يقف عندها احد من الذين اهتموا بإعادة نشر التسجيل الصوتي، فقد وقع صاحب التسجيل الصوتي الأصلي في خطأ تم نقله في التسجيل الأخر، وهو ما قاله الشاب السعودي في حديث نسبه إلى الرسول قائلًا في تسجيله “نهر أحلى من العسل أبيض من اللبن، قالوا لمن يا رسول الله؟ ، قال لمن سمع اسمي وصلى على”، وهو حديث لا وجود له، حيث أن النهر الذي تم وصفه بتلك الصفات هو نهر الكوثر، وهو نهر منحه الله لرسوله الكريم في الجنة.

بينما يوجد حديث أخر لا سند له جاء فيه ” إن في الجنة ثمره أكبر من التفاح أصغر من الرمان أحلى من العسل أبيض من اللبن، قالوا لمن يا رسول الله ،قال لمن سمع اسمي وصلى علي”.

معلومة مغلوطة مرت مرور الكرام، وبالتأكيد تم ترسيخها لدى العديدين ممن تداولوا تسجيل وتساب بينهم.

ربما كان يجب على مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي محاولة التحقق من المعلومات الواردة بجانب محاولتهم التحقق إن كان أسامة منير هو من يقوم بتهنئتهم بالمولد النبوي الشريف أم شخص أخر.

(8)

اللهم صل وسلم وبارك على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وكل عام وأنتم بخير.