هبة ياسين تكتب: رحل ساحر السينما .. وجنتل الدراما

الموت نقاد والناس في كفه .. جواهر يختار منها الجياد.

ولازال عقد الجواهر ينساب ، وتنفرط  إحدى أغلى لآلئه ، وها هو “الساحر” يترجل عن خشبة مسرح الحياة ،مودعاً جمهوره ليسدل الستار إيذاناً براحة طويلة ،وتُكتب لأول مرة كلمة  “النهاية” معلنة رحيل الجنتل رأفت الهجان الشهير بـ “محمود عبد العزيز” الذي صرع المرض جسده لكنه لم يصرع سيرته ومسيرته الفنية التي ستظل زاداً لجمهوره ومحبيه يخفف وطأة الرحيل.

عبد العزيز أحد فناني جيل ذهبي ضم نجوم كثر منهم نور الشريف وأحمد زكي وعاطف الطيب و رضوان الكاشف وغيرهم .

لم يكن عبد العزيز مجرد ممثل عابر بل كان نبعا متفجراً من الإبداع والموهبة جعلته بنفس التميز والتألق يقنعك أنه العميل الخائن لوطنه في ” إعدام ميت ” ، وأنه ذاته الشاب الوطني المخلص الذي يضحي من أجل بلاده  في ” رأفت الهجان ، وهو الشاب  الوسيم في ” الحفيد” ، والرجل الشعبي الكفيف عبر شخصية الشيخ حسني في ” الكيت كات ”  أو هو ذاته ” أبو كرتونة ” أو المزاجنجي الفاسد في ” الكيف ، سيبهرك بخفة ظله في الشقة من حق الزوجة ، و” سيداتي آنساتي” و ” السادة الرجال ” ، ولن تحتمل فظاظته وقسوته في دور الضابط  في ” البريء” . صانع البهجة القادر على انتزاع الضحكة من شفاه جمهوره بنفس قدرته على أن يستدر دموعهم.

ورغم وسامته الواضحه التي تظللها ملامح شقراء أوربية إلا أن صاحب الموهبة المتفجرة  كانت روحه المصرية طاغية ، وتمرد على ملامحه ولم يقع أسيراً لها ليبدع أدواراً مختلفة بين موظف ومدمن وضابط وتاجر مخدرات.

رحل محمود عبد العزيز وتبقى كل تلك الشخصيات النابضة بالموهبة تجعله حيا لا يغيب ليؤكد أنه  وبجدارة “ساحر السينما المصرية وجنتل الشاشة الصغيرة.”

عبد العزيز إبن مدينة الاسكندرية المولود في العام 1946، عشق الفن منذ صغره ، ورفض والده التحاقه بمعهد السينما ليلتحق بكلية الزراعة لكنه لم يتخل عن حلمه ، وبدأ حياته الفنية بأدوار صغيرة حين أسند المخرج نور الدمرداش له دورا صغيرا في المسلسل الإذاعي (كلاب الحراسة) ،ثم اشترك في المسلسل التلفزيوني ” الدوامة مع محمود ياسين ونيللي، ثم تواصلت انطلاقته ، ليقدم عبد العزيز أكثر من 100 عمل فني بين أفلام ومسلسلات تلفزيونية وإذاعية بالاضافة الى ثلاث مسرحيات فقط.

كان آخر أعماله السينمائية فيلم ” إبراهيم الأبيض ” العام 2009، وفي التلفزيون مسلسل ” رأس الغول ” الذي عرض في رمضان 2016 .

حصل محمود عبد العزيز على عدة الجوائز السينمائية من مختلف المهرجانات الدولية والمصرية منها: جائزة أحسن ممثل عن أفلام “الكيت كات”، “القبطان”، “الساحر” من مهرجان دمشق السينمائي الدولي،  أحسن ممثل عن فيلم “سوق المتعة” من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأحسن ممثل عن فيلم “الكيت كات” من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي.