خطة "المركزي" لإنعاش سوق الدولار السوداء

جورج انسي

نقلاً عن روز اليوسف

قبل أكثر من ثلاثة شهور ، كتبت فى هذا المكان موضحًا حيثيات قيام البنك المركزى المصرى بإصدار تعليماته للبنوك بتقنين استخدام كروت الفيزا بأنواعها المختلفة خارج مصر سواء فى السحب النقدى من ماكينات ATM او فى شراء السلع والخدمات ، مستندًا على آراء متخصصين فى هذا القطاع بوجود (عصابات) تعمل بجدية للإضرار بالاقتصاد .

وكان التقنين منطقيًا فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، وذلك بتقليل حد السحب والشراء – رغم ان هناك كثيرين من العملاء الملتزمين سيتضررون من مثل هذا التقنين- وان كان ذلك قد ابقى مساحة ليتحرك من خلالها العملاء البسطاء الذين تضطرهم ظروف مختلفة للسفر للخارج .

لكن وبدون سابق إنذار ، أقدم ( المركزى ) يوم ٢٧ سبتمبر الماضى على إصدار تعليماته للبنوك الخاصة بايقاف التعامل تمامًا خارج مصر بكروت الفيزا الدائنة من فئة ( الكلاسيك ) – اقل درجات الكروت – والدائنة (الديبت Debit ) تعنى ان الأموال الموضوعة فى حساباتها من (املاك ) المواطن وليست قرض اى سلفة من البنك للمواطن – كما هو الحال فى الكروت الكريديت – هذا فى الوقت الذى أعطى لكروت ( الكريديتCredit ) امكانية للتعامل خارج مصر وهو من الامور العجيبة جدًا ، خاصة اذا كان هناك نية ما للهرب او الهجرة مثلًا !!

فالثابت ان كل من يريد الأضرار بالاقتصاد وتعطيش السوق من العملات الأجنبية لن يهتم بإصدار كروت دائنة او مربوطة بحسابات توفير بفائدة ، لان ما يعنيه هو الحصول على أموال كثيرة بالعملة الأجنبية دون النظر لاى غرامات او عدم وجود فائدة من أساسه ، وبالتالى فإن هذا القرار وبهذة الطريقة والتى فاجأت مواطنين وهم خارج مصر، يؤكد مدى العشوائية وعدم وجود مراقبة لنوعية العملاء الذين يتاجرون او يضرون بالاقتصاد، وإنما هى عملية اخذ العاطل بالباطل ووضع الملتزم والفاسد فى سلة واحدة !

لقد شهدت هذا الاسبوع موقفًا يلخص ما كتبته ، عندما وقف احد العملاء امام موظف بأحد البنوك الخاصة وقد علم بالصدفة من الخدمة الصوتية بايقاف كروت الفيزا وجاء للبنك طالبًا سيولة مالية – مبلغًا محددًا بالدولار الأمريكى وفقًا لتعليمات المركزى – لانه مسافر للخارج فى مهمة عمل، مؤكدًا انه لم يشتر من قبل ابدا دولارًا او يورو او غيرهما من البنك ، لأن الكارت كان يغنيه عن ذلك ، وهو مضطر الآن للشراء .. والأعجب ان البنك منحه بعد انتظار اكثر من ٣ ساعات ٢٥٠ دولارًا اى نصف ما هو مقرر من المركزى وهذا يرجع لرؤية ادارة البنك الخاص وتصنيفها لعملائها على اساس شرائح ودرجات مالية ومصرفية .

اعود فأكرر : ياسيادة المركزى ان هذة الكوميديا السوداء والتناقض وغياب المنطق فى وضع قواعد مستفزة …تثير حفيظة العملاء المنضبطين ، وكان الاجدر بكم استمرار التقنين والتحديد لحد السحب والشراء خارج مصر بدلا من المنع التام والذى يدعم بطريقة غير مباشرة السوق السوداء ويمنحهم قبلة الحياة من جمهور جديد يدخل مضطرًا للتعامل مع هذة السوق الموازية ، لانها الطريق الشرعى للحصول على احتياجاته من العملات الأجنبية اصبح مسدودًا سواء عن ( دراسة قاصرة) او (غباء عصامى) !!