حضور طاغِ لـ "تحية كاظم" في متحف عبد الناصر

فاتن الوكيل

غريب هذا الحضور الطاغي لمن لم يكن لها صخبا ولا ضجيجا، وهو الحضور الذي امتلكته “تحية كاظم” زوجة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التي لم تسعَ يومًا إلى لقب “السيدة الأولى”، كان يكفيها أن تكون الأولى في حياة زوجها وأبنائها والمقربين لها.

بمجرد الدخول إلى منزل الزعيم عبد الناصر في منشية البكري، وهو المنزل الذي حوّل إلى متحف، وتم افتتاحه في ذكرى وفاته التي توافق 28 سبتمبر، تشعر بهذا الحضور، حتى بمجرد مشاهدة مقتنيات عبد الناصر، الكاميرا التي التقط بها صورًا لتحية “على البلاج”، صور العائلة، صورة الزفاف الشهيرة.

369

صورة زفاف بالأبيض والأسود، أمامها دبلتي زفاف “جمال وتحية”، لم يُكتب عليها تاريخ الزفاف أو الخطوبة، ولكنهما فضلا تدوين تاريخ أول لقاء جمع بينهما وهو 14 يناير 1944، وهو ذات العام الذي تزوجا فيه، ووضعت دبتلي “جمال وتحية” في قسم خاص بالمقتنيات الشخصية والعائلية في متحف الزعيم.

%d8%af%d8%a8%d9%84

بجوار هذا القسم، وضعت العديد من الصور لتحية، بملامحها المصرية المريحة، التي تدخل القلب من أول نظرة، ابتسامة هادئة بين أبنائها، ود حقيقي مع صديقاتها، وصورة أخرى تنظر فيها إلى “جمال” شريك العمر.

خُصص لتحية صالون خاص بها بجوار صالة الاستقبالات الرسمية الخاصة بالزعيم عبد الناصر، تستقبل فيه “تحية” الشخصيات النسائية خلال الزيارات الرسمية، أما خارج بروتوكولات الدولة، فتستقبل فيه صديقاتها.

%d8%b5%d8%a7%d9%84%d9%88%d9%86-%d8%aa%d8%ad%d9%8a%d8%a9

%d8%b5%d8%a7%d9%84%d9%88%d9%86

أكثر ما أحزننا خلال الزيارة، هو إلغاء غرفة “تحية” التي جاورت غرفة عبد الناصر، حيث تم تحويلها إلى غرفة تجمع المعدات الكهربائية والفنية في المتحف، وبين غرفة تحية “سابقًا” وغرفة الزعيم، حمام مشترك بين الغرفتين، ولم نعلم هل تم هذا بقرار من المتحف، أم برغبة أبنائها أيضًا، لكن هذا القسم من المنزل احتفظ بملامحه العتيقة، لا تحتاج إلى لمس الأشياء لتشعر بدفء الوجود الطاغي لتحية حتى بين متعلقات عبد الناصر.

أما في غرفة ناصر الشخصية والتي توفي فيها، فتصطدم عيناك بمكتبه الشخصي، وصورة تحية أمامه، تتخيل عيناه وهي تتنقل بين هموم الأوراق وصورتها من وقت لآخر، ثم ننتقل إلى “أنتريه” صغير ومكتبة خاصة بـ”ناصر”، بعدها نعبر إلى غرفته الشخصية، التي علقت فيها آخر “بيجامة” ارتداها قبل وفاته، كما تُلاحظ وجود التلفزيون والراديو والتليفون الخاص به، الذين كان يتابع من خلالهم تتابع الأحداث.

%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%a8

%d8%aa%d8%ad%d9%8a%d8%a9-1

ولدت تحية في 1 مارس عام 1920، وتوفيت في 25 مارس 1992، تركت لنا كتابًا عن مذكراتها حمل اسم “ذكريات معه”، لخصت فيه بأسلوب بسيط أحداث السنوات التي عاشتها مع الزعيم جمال عبد الناصر، وأصعب اللحظات التي مرت عليهما معا بدءًا من حرب 1948، مرورًا بمشاركته في حركة الضباط الأحرار، ثم قيام الثورة، ومرارة الحرب والنكسة حتى الوفاة، ويعتبر هذا الكتاب هو المحاولة الثالثة لكتابة مذكراتها، حيث حاولت الكتابة أول مرة أثناء حياته، ثم عقب وفاته بقليل، لكنها لم تستطع فعل ذلك، ثم نجحت في الكتابة بالتزامن مع الذكرى الثالثة لوفاة الزعيم.

%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d8%b9%d9%87