وليد رشاد يكتب: ولا عمرك هتنسى الدوندو!!

waled-rasad وليد رشاد
وليد رشاد

 

استاذ الاعلام الدكتور”سامى عبد العزيز” المتخصص فى علوم الاعلان كانت له طريقة رائعة فى محاضراته وخصوصاً محاضرته التعريفية الاولى، ومن اجمل ما اذكره عن تلك المحاضرة هو طريقة تفسيره الشهيرة لحروف كلمتى اعلام واعلان، فالالف تعنى انا.. والعين تعنى عندى.. واللام تعنى لكم.. والالف الثانية تعنى اشياء.. والميم فى كلمة اعلام قد تعنى مفيدة او مهمة او مميزة.. اما النون فى كلمة اعلان فتعنى نافعة، وبذلك يصبح معنى كلمة اعلام “انا عندى لكم اشياء مهمة او مفيدة او مميزة” ومعنى كلمة اعلان “انا عندى لكم اشياء نافعة”.

وبعيداً عن ان الميم فى كلمة اعلام شهدت تحولاً خطيراً فى الفترة الاخيرة من مهمة ومفيدة ومميزة الى مثيرة ومستفزة ومحرضة ومحبطة ومنفرة وربما مؤرفة وهو ما ادى الى تراجع اهمية الاعلام وتزايد حدة الانتقادات الموجهة اليه لابتعاده عن اهدافه الاساسية، ولكن تغير دور الاعلام ممكن ان يكون موضوع مقال اخر (ان شاء الله).

وعودة الى معنى حروف كلمة اعلان وفقاً لتفسير دكتور”سامى عبد العزيز” وهو “انا عندى لكم اشياء نافعة”، اى ان الاعلان الجيد لابد ان يقدم للمتلقى اشياء نافعة، ولان رمضان هو مهرجان الاعلانات نتيجة الارتفاع الرهيب فى نسب مشاهدة القنوات الفضائية وربما الارضية، نتيجة ما تشمله الخريطة الرمضانية لاغلب القنوات من مسلسلات مميزة لمعظم نجوم الدراما فى العالم العربى، وكذلك برامج مقالب ينتظرها الجمهور من عام لاخر حتى لو اختلفوا على محتواها وجدواها لكنهم فى النهاية يشاهدوها بمنتهى الاصرار والكثافة.

وجرى العرف منذ سنوات ان يتحول رمضان الى موسم اعلاناتى من الدرجة الاولى متوافقاً مع ارتفاع معدلات المشاهدة اى ان العلاقة بينهما طردية، ومنذ الثمانينات عملت شركات المنتجات المختلفة على تخصيص ميزانيات ضخمة للاعلانات التليفزيونية، وبدأت وكالات الاعلان تتبارى فيما بينها لتقديم اعلانات مبتكرة تستطيع ان تستحوذ على اعجاب المشاهدين، ولا يمكن ان ننكر انه عبر تلك السنوات الطويلة كانت هناك مجموعة من الاعلانات المميزة التى ما زالت كلماتها تترددعلى الالسنة من حين لاخر.

وفى السنوات الاخيرة بدأ يظهر اتجاهان جديدان فى الاعلانات المصرية، الاول هو الاعلان المزدحم بكبار النجوم والذين يتقاضون الملايين وذلك لخطف نظر المشاهد، والاتجاه الثانى هو استخدام عبارات صادمة للمشاهد او حتى خادشة لحيائه، وبدا واضحاً ان الاتجاهين يحققان النجاح ويستحوذان على اهتمام المشاهدين.

وبعيداً عن اختلافى مع الاتجاه الاول لانى اعتبره بهرجة وزيطة زيادة عن اللازم وتحميل الامور اكثر مما تحتمل، اللهم الا لو كان تواجد النجوم الكبار له دلالة معينة او يخدم فكرة الاعلان، كما حدث فى اعلان فودافون 2015 والذى حشد مجموعة كبيرة من النجوم، لكن كل نجم منهم كان له دوره والعلاقات بين نجوم الاعلان منطقية ومعروفة وتساعد على توصيل فكرة الاعلان وهو مفهوم لمة العيلة فى رمضان، بخلاف اعلان العام الحالى والذى لا يوجد اى رابط يجمع بين نجومه سوى البهرجة واثبات التواجد ولا حتى هناك اى تناسق بين كلمات الاعلان.

ولكن الاتجاه الثانى هو الاخطر لانه يدس السم فى العسل وهى الاعلانات التى تستخدم ايحاءات او عبارات مبتذلة سواء بشكل مباشر او غير مباشر، وهى اعلانات متواجدة منذ فترة لكنها زادت عن الحد فى العام الحالى، وكان اغربها اعلان “الدوندو”، وبعيداً عن منع عرض الاعلان لان هناك جدل كبير حول فكرة منع عرض اى اعلان لا سيما بعد فترة من عرضه لعشرات المرات، بل انه ربما قرار المنع فى حد ذاته يجعل من الاعلان هدفاً عزيزأً لكل الذين لم يشاهدوه لكى يبحثوا عنه على شبكة الانترنت ويشبعوا فضولهم، اى ان الهدف من المنع لن يتحقق على الاطلاق وربما تحقق الهدف المضاد، وكان الاجدى (من وجهة النظر الاخلاقية) تواجد الرقابة المسبقة ومنع ظهور الاعلان من الاساس.

ولكن من وجهة النظر الاعلانية فمن الواضح ان مبتكرى هذا الاعلان هم اسعد الناس بالمشاهدات الرهيبة التى حققها فى البداية ثم تضاعفت بعد الضجة وقرار المنع، وهم كاصحاب فكرة اعلان لم يكونوا يحلمون باكثر من ذلك، فالموضوع بالنسبة لهم اعلان بسيط وغير مكلف حق ضجيجاً وصخباً ربما اكبر من اعلان تكلف الملايين وشارك فيه صفوة نجوم مصر.
ومن الناحية التكنيكية الاعلانية البحتة فقد نجح المعلن فى اختصار الاعلان كله فى كلمة واحدة تستخدم لاول مرة فى مصر وربما فى العالم، وهى كلمة “الدوندو” والتى تخيلها بعض ذوى النوايا الطيبة انها الببرونة !!!! ولكن اقر الغالبية العظمى بان المقصود منها هو “ثدى الام” !!!! وبغض النظر عن الاخلاقيات فان مسألة نحت مصطلح جديد ودمجه فى قاموس مفردات الشعب هى من اصعب تكنيكات الاعلان، وهو ما نجح فيه بجدارة اصحاب فكرة اعلان “الدوندو”، وبعيداً عن قصة نحت المصطلحات المبتكرة والتى تهم اى اعلانى او حتى اعلامى وتحقق له الشهرة والتفرد، فان المعلن كذلك اصر على ان يكون هناك شعار للحملة الاعلانية، وهو “ولا عمرك حتنسى الدوندو !!” بما يعنى انه استخدم مصطلحه المنحوت فى صناعة شعار ربما لن ينسى لسنوات قادمة، وربما يستخدم مثل الافيه الدارج كما استخدم الشارع المصرى قبل ذلك بسنوات شعار “باين عليه ما بياكلش كرانشى !!”، صحيح ان تلك الشعارات يتم استخدامها بايحاءات مبتذلة ولكن المعلن لا يعنيه الا انتشار شعاره وتحطيمه الارقام القياسية.

ولكن الاهم بالنسبة لى هو تقييم الاعلان من حيث جدواه التسويقية وهو ما اعتقد انه اكثر الامور تعقيداً، لاننى اعتقد ان كثيراً من الحملات الاعلانية فى رمضان ليس لها اى جدوى تسويقية !!!! نعم.. تلك النتيجة صادمة !!! لكنها قد تكون الحقيقة مع كثير من اعلانات المنتجات التقليدية.

وكل القصة هو تنافس بين شركات الاعلانات ومجرد اثبات تواجد وغيرة بين شركات المنتجات المختلفة، فمن مثلاً يمكن ان يغير عاداته الشرائية لنوع البان عادية وفقاً لان اعلان ما لفت نظره او اثار اهتمامه ؟! فالناس تشاهد وتستمتع بالاعلان دون اى تأثير قوى على قراراتهم الشرائية تجاه المنتج خصوصاً اذا كان منتجاً تقليدياً مثل الالبان، ربما يمكن ان تفيد الاعلانات فقط عند طرح منتجات جديدة او مختلفة او مميزة او فى حالة تقديم خصومات او عروض تسويقية، ولذلك ارى انه يجب على الشركات مراجعة تلك الميزانيات الضخمة المخصصة للاعلانات التليفزيونية، وتوجيه نسبة كبيرة من اموال الاعلانات لتطوير منتجاتها او حتى تقليل اسعارها، (وهذا من وجهة نظرى الشخصية) افضل من التنافس الاستعراضى فى الموسم الاعلانى الرمضانى دون تأثيرات تسويقية مهمة.

نرشح لك

شاهد: كيف ضلل إيهاب توفيق وهالة فاخر المشاهدين

دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا

شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن