محمد ثابت يكتب: طارق لطفي ..الممثل الذي فرض نفسه

«لا قاعدة ولا قانون ولا زمان ولا مكان لظهور الموهبة، لا أحد يعرف أسباب ظهورها، فقط ما نفعله هو أن نعطى الفرصة ونهييء الجو لها، فتظهر أو لا تظهر».  هذا اقتباس من الراحل أنيس منصور.

ما معنى ذلك الكلام؟ المعنى هو أن البيئة والأسرة لا تخلقان موهبة، ولا الزمان، ولا هناك قاعدة وخطوات تمشي عليها، فتصنع من خلالها موهبة كبيرة، كل ما يمكن أن تفعله هو أن يكون المناخ مناسبا، فتفرض هذه الموهبة نفسها، وتضع الذين لا يستحقون فى أقصى مكان حتى لا يراهم أحد.

هذا ما فعله طارق لطفي، فرض موهبته فى الوقت المناسب، بعد أن ظل سنوات بطلا مجهولا يلعب بكل أدوات الموهبة و«حرفنة» الأداء، ولا يشير إليه أحد. فقط كانوا دائمى الإشارة إلى أنصاف المواهب وأبناء الفنانين.

عندما يقف طارق لطفي أمام الكاميرا، تلمع في عينيه بعض الكلمات: «أنا موهوب، موجود، أنا أفضل من يقف أمام الكاميرا».

لا مبالغة، هذا إحساس يصل عندما تشاهده، يجبرك أن تصدقه فى كل أدواره؛ شريرًا أو طيبًا أو خائنًا أو حتى كان يهوديًا.

تعبيرات وجهه مذهلة، وتقمصّه لأدواره ميزّه منذ اللحظة الأولى. قال مرة: «أحيانًا أذهب إلى بيتى ولا تزال ملامح وتعبيرات الشخصية على وجهى».

طارق لطفي، في كل عمل كان يولد من جديد، يدهشنا، كأنه يقول لنا: «الفن موهبة وعطاء ورسالة»، استطاع أن يثبت ذلك فى كل أدواره، حتى فى مواقفه ومبادئه، عندما اعتذر عن أداء دور شخص «شاذ جنسيًا» فى مسلسل «كلام على ورق» لهيفاء وهبي.

مشاهد

مذهل جدًا فى دور الابن البار بأمه وأبيه وإخوته وزوجته فى مسلسل «الحقيقة والسراب».

يقف أمام أمه المتسلطة مطيعًا وبارًا، تظلمه وتظلم زوجته، فتكوّن عيناه وملامحه أمام الكاميرا صورة ومشهدًا، لا تخرج  إلا وأنت مُستَفز عاطفيا، وهذه هى رسالة الفن الحقيقية؛ أن تحرك المياه الراكدة وتستفز المشاعر.

https://www.youtube.com/watch?v=_yKDc3WBttU

فى مسلسل «سارة» بطولة حنان ترك، لا بد أن تكره طارق لطفي، يتقمص الشر وقسوة القلب والجحود، لا يحب إخوته ولا أمه ولا زوجته؛ يحب نفسه، يضع أخته فى مصحة نفسية، يسرق حقها ومالها، لا رحمة، لا إنسانية، لا تخرج من المسلسل إلا وأنت تلعنه. لا تعرف كيف يفعل الشيء ونقيضه وتصدقه فى نفس الوقت!. إنها الموهبة.

 مشهد عبد الحكيم عامر

هل يمكن أن تبكى بعين واحدة، ثم تملأ عينك الأخرى بالصمود والقوة ومشاعر الكراهية والانتقام فى نفس الوقت؟. هذا ما فعله طارق لطفي فى أروع مشاهد الدراما المصرية فى مسلسل العندليب. مشهد لخص فيه المعادلة الصعبة للعلاقة الحميمية بين الرئيس جمال عبد الناصر وقائد جيشه المشير عبد الحكيم عامر.

وقف طارق لطفي، يؤدى دور المشير بأداء بارع، يعاتب صديق عمره وتوأم روحه على اتهامه له بالخيانة والمؤامرة. فما بين اتهامه له وعلاقتهما التى دامت ثلاثة عقود، ترجم طارق لطفي مشاعر متناقضة فى نفس اللحظة، تدل على أنه فنان لا يؤدى دوره وكفى، بل يدخل إلى عمق الشخصية، ويخرجها لنا بكل طاقته وموهبته.

https://www.youtube.com/watch?v=_Hm7nktI–s

بصيص أمل

وصول طارق لطفي إلى البطولة الآن، للعام الثانى، بصيص أمل ضد الارتداد الفنى الذى يغرق الساحة من وساطة ومحسوبية. كنا دائما فى حاجة ماسة إلى نموذج يثيرينا، يدهشنا، يلمسنا، يعطينا بصيصا للأمل، يؤكد لنا أن الإنسان يمكن أن يصل بمجهوده وضميره وموهبته.

إن طارق لطفي نموذج وقدوة للموهبة التى صعدت السلم خطوة بخطوة. كان مشواره صعبا، والآن أصبح أصعب وأعقد، فبطولة عمل مسؤلية كبرى، والاستمرار على قمة المنافسة ليس سهلا.

نرشح لك

دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا

تعرف على معنى ” الدوندو” في إعلان جهينة

شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن