محمد فوزي سعيد يكتب : هيبتا ... التحدي العظيم

أصعب ما يواجه كاتب السيناريو أن يتعامل مع نص أدبي ناجح ويحاول تحويله لمعادل بصري على شاشة السينما، ولعله من الشرعي أن يحول السينارست الرواية إلى شكل مختلف كما حدث في العديد من الروايات فمثلا اختار العبقري داوود عبد السيد شخصية الشيخ حسني فقط من رواية مالك الحزين ونسج فيلم الكيت كات.

ولعل رواية ناجحة بحجم هيبتا تصيب من يحاول التعامل معها برعب شديد بسبب نجاحها منقطع النظير ،إلا أن السينارست وائل حمدي والمخرج هادي الباجوري أقدما على هذه المغامرة وأعتقد أنهما نجحا إلى حد كبير في إنتاج تجربة سينمائية جيدة ممتعة.

في البداية السينارست وائل حمدي التزم الشرعية مع الرواية ولم يحاول العبث في الشخصيات أو في الأحداث ونقل معظم المشاهد التي رسمها مؤلف الرواية محمد صادق والجمل الحوارية التي هي في الأساس بديعة وجيدة ، ولم يحاول حمدي التغيير إلا في بعض الشخصيات التي تركها صادق مبهمة وبعض الأحداث التي تركها مفتوحة مثال ذلك شخصية الأم وسبب انتحارها التي قامت بدورها كندة علوش وزوجها في الفيلم هاني عادل ونسج قصة وقضية دافعة للانتحار لم يذكرها صادق في الرواية وكذلك تحويل شخصية سارة مريضة سرطان المخ ودمجها مع شخصية عبد الحميد أو الفنان أحمد بدير وحتى الشخصية التي جسدها ماجد الكدواني لمح خلالها وائل حمدي لبعض تفاصيله حيث ترك التدريس الأكاديمي والتلميح لمرضه وبعض التفاصيل التي لم يتطرق لها صادق ولعل هذه الأشياء لم تصيب المشاهد بالنفور لأنها تفاصيل جديدة أضافت للفيلم ولم تضر بالرواية ، فيما عدا ذلك والتزام وائل حمدي بالرواية وتفاصيلها وتطورها وصعودها الدرامي والجمل الحوارية دفعت بالفيلم للأمام بالفعل .

أما هادي الباجوري فليس فقط نجاحه في اختيار الديكورات واللقطات والإضاءة والموسيقى التي تعبر عن كل شخصية هو سبب جمال وإثراء الفيلم فكان العنصر المهم والعبقري من وجهة نظري هو اختيار الممثلين المعبرين بالفعل عن كل شخصية وبنجاح مبهر جسدت تطورات البطل في كل مراحله العمرية وكل الفتيات التي أحبهن وتفاصيل كل شخصية جسدها الباجوري في ممثل كانت بمقاسه المناسب وكما رسمها محمد صادق في الرواية ، حتى اختيار الشخصيات الثانوية في المحاضرة محمد فراج ونيللي كريم وشرين رضا وآخرين كان جيد إلى حد جعلنا نرى الرواية مجسدة في شخصيات حية وكأن صانع الرواية هو صانع الفيلم وتحولت الكلمات على الصفحات إلى شخصيات حية تتحرك وتنطق وتؤدي ، ومن خلال هذا الاختيار قام كل ممثل بدوره على نحو مبهر جعل من الفيلم نجاح آخر ..

لو انفصلت عن الرواية وشاهدت فيلم رومانسي يتحدث عن تطور الإنسان ووجهة نظره للحب المختلفة خلال مراحله العمرية سوف تشعر بالاستمتاع ، وهو ما يجعلك تشعر أنك لو قرأت الرواية سوف تستمتع ولو شاهدت الفيلم سوف تستمتع أكثر .

لقد نجح صناع فيلم هيبتا في التحدي الأعظم من وجهة نظري وتحويل رواية ناجحة إلى فيلم ناجح أيضا يترك بصمة في المشاهدين بمختلف المراحل العمرية سواء كان قرأ الرواية أو لم يقرأها.

في النهاية أود أن أشيد بعنصر نجاح أخر في الفيلم وهو العبقري ماجد الكدواني الذي أدى دوره بقوة وجمال تؤكد أن ما مضى في تاريخ الكدواني ونجاحه شيء والمستقبل شيء آخر سوف يكون خلاله نجم يرتقي للعالمية