محمد صلاح البدري يكتب: أنا وأمي والفيس بوك

أعتقد أنه قد أصبح لزاماً علي أن أعترف .. أنني من هؤلاء الذين يبدأون يومهم من علي مواقع التواصل الإجتماعي .. و ربما أنهيه بنفس الفعل أيضاً!

فأنا من هؤلاء الذين يتصفحون تلك الصفحات طوال الوقت .. سواء للبحث عن أخبار جديدة .. أو متابعة ما يكتبه الأصدقاء من أخبارهم الشخصية التي ربما لا تهم أحداً سواهم ..

البعض يعتبره إدماناً من نوع خاص.. و لكنني لا أعتقد هذا.. أو لا أهتم!

الطريف أن البحث عن الأخبار علي تلك المواقع قد صار عملاً مرهقاً بالفعل .. فقد أصبح لزاماً علي أن أتاكد من كل خبر أقرأه عليها قبل أن أتخذ قراراً بصحته من عدمه !! فالعديد من تلك الأخبار لا أساس لها من الصحة!!.. ومواقع التواصل قد تحولت  الي حديقة غناء لنشر الشائعات .. كل الشائعات!

أتصفح الموقع ذو الشارات الزرقاء هذا الصباح فأجد من ينشر أنه قد تم رفع الدعم من علي ألبان الأطفال!! أعرف أن الأمر يتعلق بموجة الغلاء التي تجتاح الدولة بالكامل.. لكنني أعرف جيداً أيضاً – لأنني طبيب- أن قراراً مثل هذا لن يمر مرور الكرام!! ليس صحيحاً بكل تأكيد!

أستمر في التصفح فأجد أن تصريحات جديدة هامة قد خرجت علي لسان أحد المسئولين بشأن مقتل ذلك الشاب الإيطالي.. الأمر هام بالفعل .. أحاول قراءة التصريحات من ذلك الموقع لأكتشف أنها مجرد رأي أو توقع من أحدهم..!

هناك خبراً آخر بشأن وفاة نجم مشهور.. أنظر الي إسم الجريدة التي نشرت هذا الخبر ..ثم أقرر بيني و بين نفسي أنها إشاعة حتي دون أن أحاول التيقن من صحتها .. هناك بعض المواقع التي قد أصبح إسمها كافياً لتتأكد من عدم صحة الأمر .. المشكلة ان البعض يصدقها!.. انه ينشر ذلك الخبر عنها بكل ثقة و هو يترحم علي ذلك الممثل الشاب!!

أسمع أمي و هي تتحدث إلى صديقتها عبر الهاتف: لا .. لا يبدو أن تلك الدجاجة مصابة.. أعتقد إنها سليمة.. بالهنا والشفا!!

أنظر إليها متسائلاً لتجيبني أن أحدهم قد كتب علي صفحة متخصصة للطهي .. أن السرطان قد إنتشر بين الدجاج.. وأن علامات معينة ينبغي أن يتم البحث عنها في كل دجاجة قبل الطهي حتي نتجنب الدجاج المصاب!!

إنها حديثة العهد علي “الفيس بوك” .. لذا فهي تعتبر أنه كل شيئ ..و تلقبه ب”النت” .. إنها تري أن “الفيس بوك” هو “الانترنت” كله.. و أن ما قبله كان العدم !

لم أحاول أن أشرح لها كيف أنه مجرد موقع واحد.. و أن هناك مواقع أخرى ربما تكون جيدة أو سيئة .. و لكنني أبتسم في هدوء وأنا أشرح لها في براءة حقيقية أن خطورة أكل دجاجة مصابة بالسرطان هى نفس خطورة أكل أخري مصابة بانهيار عصبي.. فالسرطان ليس مرضاً معدياً بحسب معلوماتي الطبية البسيطة.. تنظر إلى شذراً.. ثم تمسك بهاتفها المحمول، و تستمر في تصفح معرض الصور التي أرسلتها صديقتها للدجاجة ضحية الغذاء هذا اليوم!!

لن أتحدث عن عدد المرات التي قرأت فيها عن خبر وفاة مبارك.. أو عن عدد الفضائح المخلة بالشرف التي لاحقت نصف ممثلي مصر.. أو عن تلك التحليلات البارعة التي يطلقها علينا من يدعي “أبو العرايس” بشأن الماسونية العالمية وإرتباطها بهزيمة الزمالك من الاسماعيلي ! و الأخير تحديداً يبهرني دوماً .. ليس بما يقوله أو يكتبه.. ولا بنشر ما كتب كوسيلة للتندر.. و إنما يبهرني ما أقرأه من تعليقات تحت منشوراته .. أعتقد انه يشعر بالسعادة بالفعل حينما يدرك أنه ليس وحده في هذا العالم ..فالبعض يصدق ما يكتبه و يتفاعل معه!!

يصر أساتذة الاعلام أن الخبر السليم يجب أن يكون مصحوباً بمصدر واضح ينسب اليه.. ربما لهذا السبب يهاجمون تلك المواقع دائماً!

لقد أصبح “الفيس بوك”  تحديداً مصدراً متجدداً للشائعات .. و أصبح لزاماً أن تتأكد من كل خبر علي حدة قبل أن تعترف به أو تصدقه..! المشكلة ان البعض لا يفعلون!

يقول صديقي : كيف تحتمل أن تنظر الي الهاتف طوال الوقت بهذا الشكل.. بل و كيف يمكنك أن تفند الأخبار المنشورة و تقرر أي منها صحيح أم لا؟! أنت مريض يا صديقي بالفعل!!

أجيبه مبتسم إبتسامة الواثق أنني قد صرت خبيراً الآن.. و أنه يمكنني أن أحدد صحة الخبر ام لا دون ان أضطر لقرائته.. ثم أعود بعيني الي الهاتف لحظات .. لألتفت اليه متسائلاً في قلق واضح : بيقولوا فيه زلزال حصل من شوية في القاهرة.. انت حسيت بحاجة؟!

لماذا ينظر إلي مشفقاً بهذا الشكل؟!

اقرأ أيضًا:

محمد صلاح البدري يكتب : أنا والسائقون وساعات السفر 

محمد صلاح البدري يكتب: #اوقفوا_أحمد_موسى

محمد صلاح البدري يكتب: بطلة.. بلا بطولة!!

محمد صلاح البدري يكتب: أرجوكم اتركوا مرتضى منصور!!

محمد صلاح البدري يكتب: التحليل النفسي لفيديو صحفية الأوسكار

محمد صلاح البدري يكتب: عندما يصيبك الإحباط!!

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا