ست الحبايب عزيزة حلمي ..الملايين نادوها بماما إلا ابنها!

 سما جابر

يومًا واحدًا من كل عام نسترجع فيه معظم ما تم انتاجه فنيًا عن الأم، فيمر في أذهاننا شريط سينمائي بكل المواقف المشابهة لتلك الأعمال، والتي مررنا بها مع أمهاتنا، سواء فرح، حزن، ألم، إلخ.. دموع حب مع إحساس دائم بالتقصير تجاهها، يصبح الشعور المسيطر على كل ابن/ابنة في ذلك اليوم.

لا يمر عيدها دون أن نتذكر الأغنية الأشهر على الإطلاق، والتي تغزو كل بيت مصري في هذا اليوم، “ست الحبايب” التي أهدتها المطربة الكبيرة فايزة أحمد للأم، والتي قام بتلحينها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وهي من كلمات حسين السيد وتم إنتاجها عام 1958، حيث تعتبر هذه الأغنية النشيد الرسمي لعيد الأم كل عام، بالرغم من ظهور العديد من الأغنيات عن الأم بعدها، لكن عيد الأم لا يمكن اعتباره عيدًا إلا بالاستماع لـ”ست الحبايب” دون سواها، والبكاء معها إذا لزم الأمر.

نرشح لك: سيف من عجين.. قصيدة عن الأم لأحمد شبكة ‎

“ست الحبايب” رغم ارتباطها بفايزة أحمد فقط، إلا أن البطلة الأساسية للأغنية التي لم يذكرها الكثيرون، ولم يهتموا بها – حيث اكتفى الجمهور مع مرور الزمن بالاستماع للأغنية دون مشاهدتها – كانت الفنانة القديرة الراحلة عزيزة حلمي.. الأم الطيبة، الحنونة، الهادئة، وجهها ذو ملامح مليئة بالطيبة والشجن والفرح في آن واحد، واحدة من أشهر أمهات السينما المصرية، إن لم تكن الأشهر على الإطلاق، التي أدت دور “ست الحبايب” بالأغنية وسط أبنائها الفنانين مثل زهرة العلا ومحمد عوض وغيرهم.

يزخر تاريخ مصر الفني بالعديد من الفنانات الأمهات اللاتي بمجرد ظهورهن على الشاشة يتمنى الفرد أن يرتمي في أحضانهن لأخذ المزيد من الحنان.. كانت عزيزة حلمي واحدة من هؤلاء.

عزيزة حلمي التي فاضت مشاعرها على معظم ممثلي القرن الماضي، والتي اشتهرت بلقب “ماما”، حُرمَت من هذا اللقب في الواقع، حيث توفى ابنها الوحيد من زوجها الكاتب علي الزرقاني في سن مبكرة، وأصبحت “ماما” الوسط الفني كله وقتها، إلى أن توفيت في أبريل عام 1994.

مع العودة للبدايات، بدأت ماما عزيزة – كما أطلق عليها البعض وقتها – مشوارها الفني منذ أن جاءت من الزقازيق إلى العاصمة، حيث التحقت بمعهد الفنون المسرحية، لكنها لم تكمل دراستها به، وكانت صديقتها وجارتها الفنانة زينب صدقي هي من ساعدتها على دخولها مجال التمثيل، فقدمتها للمخرج أحمد بدرخان لتخوض أول تجربة لها من خلال فيلم “قبلني يا أبي”، بالرغم من اعتراض أسرتها على دخولها هذا المجال، فظّل والدها مُقاطعًا لها حتى وفاته، إلى أن استطاعت أن تثبت من خلال أدوارها أنها مصدر فخر لأسرتها.

منذ أول أفلامها، التصقت بها أدوار الأم، فظهرت في أكثر من مئتي عمل فني، لم تقدم فيهم سوى دور الأم الطيبة والسيدة المغلوبة على أمرها، ومن أبرز أفلامها سيدة القطار، دهب، موعد مع الماضي، أيامنا الحلوة، اليتيمتين، كفاني يا قلب، ابنتي العزيزة، غاوي مشاكل، سواق الأتوبيس، الفتى الشرير، الذل.

أما أهم أعمالها الدرامية، مسلسلات دموع في عيون وقحة، القاهرة والناس، ورأفت الهجان، سليمان الحلبي، بنت الحتة، هارب من الأيام، المجانين، الضحية وغيرهم، بجانب عدد من المسلسلات الإذاعية.

رغم حرمانها من مشاعر الأمومة في حياتها الشخصية، إلا أنها اختارت أن تفرّغ شحنة الأمومة لديها على الشاشة ومن خلال الأعمال الخيرية أيضًا، حيث كانت عضوا في عدد كبير من الجمعيات الخيرية مثل جمعية الهلال الأحمر وأصدقاء الشعب وجمعية إنقاذ الطفولة، فكشفت أن من أسعد لحظات حياتها وهي تكرس مجهودها في ممارسة النشاطات الخيرية، خاصةً عندما كانت تعمل في مستشفى المعادي العسكري كمتطوعة من الهلال الأحمر لتسعف المرضى والمصابين.

عزيزة حلمي رأت أن حصرها في أدوار الأم لم يقف عائقًا أمامها كممثلة، حيث قالت الفنانة الراحلة في لقاء تلفزيوني لها بتلفزيون “دبي” إنه لا توجد أم مثل الأخرى، ودور الأم هو الأجمل سواء في التمثيل أو في الواقع، لافتة إلى أن أرقى مرتبة في التمثيل هي “الطبيعة”، وهو ما تحقق في أدوارها التي نشاهدها ونستمتع بها حتى الآن.

على عكس الإفيه الشهير الذي انتشر منذ فترة بين الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي “أقسم بالله ما ولادي”، لفتت “ماما عزيزة” أنها تعوّض أمومتها التي حُرمَت منها بأن تكون أمّا للجميع، قائلة نصًا: “كلكم أبنائي”.