محمد حمدى سلطان يكتب : سيد درويش يغنى اه لو لعبت يا زهر!

وجدتنى جالسًا مع الفنان العظيم سيد درويش فى منزله ولا أعلم كيف حدث ذلك .. كنت مبهورًا به أيما انبهار بينما كان مشغولاً هو بإعادة قراءة كلمات الأغنية التى أسمعته إياها ، كان يعيد قراءة الكلمات بعد أن كتبها فى ورقة يعيد قراءتها – ربما للمرة العاشرة – وكنت فى بداية الكلام معه قد أخبرته بأننى قادم إليه من المستقبل ، من عام 2016 تحديدًا فطلب منى فورًا وبلا تفكير أن أسمعه إحدى أغنيات هذا الزمن .. قال لى أنه شغوف جدًا ليعرف كيف أصبح شكل الغناء والموسيقى بعد أكثر من 90 عام من الآن .. كنا فى العام 1923 كما أخبرنى هو ، أخرجت الموبايل من جيبى ووضعته أمامه بعد ما قمت بتشغيل أغنية ( اه لو لعبت يا زهر ) لأحمد شيبه وعليت الصوت على الآخر .. وفور أن انطلق صوت شيبه صادحًا ( اللى له قرش ما بينامشى ما بالك بقى باللى عليه ) وإلى آخر الأغنية .. رأيت على وجه سيد درويش كل الانفعالات السلبية الممكنة من دهشة واستهجان وذهول وعدم تصديق .. بعد انتهاء الأغنية طلب منى أن أعيد تشغيلها مرة أخرى وفى هذه المرة كان مشغولاً بكتابة الكلمات ، كلمات الأغنية التى ينهمك فى قراءتها الآن – للمرة المليون – لدرجة أنى بدأت أشك فى أنه نسى وجودى ،  فوجئت به يسألنى ودون أن يرفع رأسه عن الورقة او ينظر لى

 

– هما الانجليز لسه موجودين فى البلد ولا مشيوا ؟

 

– لا يا شيخ سيد الانجليز مشيوا من زمان جدًا

 

– يعنى البلد مش محتلة او فى حالة حرب او فيه اى مصايب تانية ؟

 

– لا مش محتلين ولا حاجة بس هى المصايب مفيش أكتر منها ده احنا حتى بنتعرض دلوقتى لحروب الجيل الرابع

 

– وإيه حروب الجيل الرابع دى كمان ؟!

 

– ده موضوع كبير أوى يا شيخ سيد وصعب افهمهولك لأن انا نفسى مش فاهمه

 

– طيب انت متأكد ان اللى سمعتهانى دى أغنية ؟ أقصد يعنى أغنية ناجحة وبتعبر عن الناس وفعلاً اتغنت فى سنة 2016 زى ما بتقول ؟

 

– إلا ناجحة دى قربت تكمل 15 مليون مشاهدة على يوتيوب فى أقل من شهر وكل سواقين التكاتك مشغلينها ليل ونهار ؟

 

– يعنى إيه يوتيوب وتكاتك ؟! براحة عليا يا ابنى انت أغلب كلامك غريب ومش بفهمه

 

– مانا عشان جاى من المستقبل أكيد هيبقى أغلب كلامى مش مفهوم بالنسبة لك .. بص يا شيخ سيد يوتيوب ده نقدر نقول حاجة كدة زى مسرح إليكترونى كل الفنانين بينَزلوا او بيعرضوا أعمالهم الفنية عليه ومن خلاله وبتبقى متسجلة صوت وصورة او صوت بس والمسرح ده الناس مش بتروحله

 

– أومال ايه هو اللى بيروحلهم ؟!

 

– لا هو بس بيبقى سهل يوصلوله من خلال أجهزة زى اللى سمعتك منه الأغنية دى ومعيار النجاح بيبقى من خلال العرض اللى بيحقق أعلى نسب مشاهدة لأن المسرح ده بيحسب كل عرض اتشاف كام مرة أما بالنسبة للتكاتك فدى حاجة كدة زى ( السوارس ) او الحنطور على أيامكم ، وسيلة المواصلات الشعبية والأكثر انتشارًا فى زماننا وموجود منه أعداد مهولة دلوقتى فى مصر

 

– مصر .. انت والله قلقتنى على مصر بكلامك ده

 

– ليه بس يا شيخ سيد ؟ انت تعرف ان أغنيتك بلادى بلادى بقاله أكتر من 35 سنة هو السلام الوطنى لمصر

 

– ايوة بس حد بيسمعه ؟ حد بيشوفه على يوتيوب بتاعك ده ؟ ولابيشوفوا  ويسمعوا اه لو لعبت يا زهر ؟

 

– هى الأغنية دى مالها ؟ مضايقاك اوى كدة ليه ؟

 

– يا ابنى الفن مراية المجتمع وانا لما بصيت على الزمن بتاعكم من خلال الأغنية اللى مكسرة الدنيا دى زى ما بتقول شفت مصايب سودا

 

– الفن مراية المجتمع .. تصدق يا شيخ سيد احنا عندنا دلوقتى بعض الناس ومنهم مثقفين وفنانين وإعلاميين بيهاجموا منتجين سينمائيين عشان بيعملوا أفلام فيها راقصات وبلطجية وبيتهموهم بإفساد المجتمع بالأفلام دى ونشر البلطجة والعرى

 

– طب وهما الراقصات والبلطجية دول مش موجودين فى المجتمع من الأول ولا الأفلام دى هى اللى اخترعتهم وبعد كدة ظهروا ؟

 

– لا موجودين من الأول طبعا

 

– يبقى انتوا اللى حمير بقى

 

.. انفجرت فى الضحك بينما ظل هو عابسًا وساهمًا حتى سألته وانا لازالت محتفظًا بابتسامتى :

 

– ما قولتليش بقى إيه هى المصايب اللى شفتها فى الأغنية يا مولانا ؟

 

– هقولك إيه ولا إيه خد عندك مثلاً أول حاجة ده مجتمع فيه فكرة عامة أغلبه مؤمنين بيها وهى ان الحظ فقط هو اللى بيحول بينك وبين إنك تبقى غنى ( اه لو لعبت يا زهر واتبدلت الأحوال ) دى ناس مقتنعة تماما ان تبدل الحال مرتبط بالحظ ، الحظ فقط .. مش بالعرق والتعب والاجتهاد .. فين قيمة العمل يا ابنى ؟!

 

– وهو حد لاقى شغل يا شيخ سيد دى الناس حالتها صعبة خالص انت بس اللى مش عايش معانا

 

– وهى الناس فى زمنى ده اللى حالهم يسُر اوى ؟ ما حالهم يصعب على الكافر برضه وبرغم كدة اسمع الأغانى بتاعتى ( الشيالين ) و(الحلوة دى ) و( اهو ده اللى صار ) وغيرهم كتير وشوف عبرت ازاى عن البسطاء وأحوالهم بعزة نفس وانا بقولهم ان الأمل فى ربنا كبير وبحرضهم على السعى الى الرزق بالشغل والاجتهاد

 

– ماهو مش انتوا برضه اللى ورثتونا المثل بتاع ( قيراط حظ ولا فدان شطارة ) مش اتقال ده على أيامكم برضه ؟

 

– ده مثل واحد يتيم فيه قصاده مليون واحد تانى بيقول العكس راحت فين ( من جد وجد ومن زرع حصد ) لغيتوها من مناهج التعليم ولا إيه ، وبعدين انت بتعترض من أولها ده انا لسه ما كملتش كلامى

 

– مش بعترض والله انا بس بحاول اوضحلك الصورة كلها لأن وضعنا فعلا معقد ومش عايزك تيجى على الناس اوى لإن الناس والله مظلومة

 

– طول عمر الناس فى البلد دى مظلومة وطول عمرها ظالمة نفسها أكتر ما بتتظلم ، أما بخصوص الوضع فهو امتى ما كانش معقد يا أخينا ؟

 

– طيب كمل يا مولانا مش هعترض تانى

 

– طيب تسمحلى أسالك سؤال

 

– اه طبعا اتفضل

 

– انت عمرك سمعت عن حد بيروح للحظ ولا دايمًا بنقول السعد جاله .. الحظ خبط على بابه وهكذا ؟

 

– طبعًا الحظ هو اللى بييجى ومحدش بيروحله وده يمكن عشان منعرفلوش مكان ؟

 

– مكانه الشغل يا ابنى ، لكن للأسف الناس بتوع ( اه لو لعبت يا زهر ) وإن الحظ بس هو اللى ممكن يبدل أحوالهم أكيد هيفضلوا منتظرين الحظ لما يجيلهم والانتظار يعنى كسل وجمود وعدم سعى ، ما هو خلاص التعب مالوش لزمة بقى ومش هيوصل لحاجة يبقى اشتغل ليه ماخلينى مستنى الحظ احسن وهى دى الكارثة

 

– والله عندك حق ، بس انت عارف .. الأفلام بتاعتنا فضلت فترة تقدملنا نموذج الشاب الفقير المكافح ، العصامى اللى تعب واجتهد لحد ما بنى نفسه بنفسه ، دلوقتى بقالهم سنين طويلة معادوش بيقدموا النماذج دى خالص فى الأفلام لأنها فعلاً ما بقتش بتحصل فى الواقع ولا فيه أى مجال لحدوثها لأن الناس دلوقتى بتكافح كفاح مرير عشان بس تعرف تعيش حياة آدمية ولو فى أبسط صورها ، أقصى الطموح دلوقتى بقى لقمة العيش وكتير منهم مابيعرفوش يلاقوها وبيداسوا فى الزحمة او بينحرفوا وعشان كدة الأفلام بقت مليانة راقصات وبلطجية وعشوائيات وناس بتاكل من الزبالة .. الناس فقدت الأمل ويمكن عشان كدة بقوا مستنيين الحظ يا شيخ سيد وده لإن مصر باختصار بقى فيها قلة هى اللى معاها كل حاجة وبتمتلك كل شىء وأغلبية ساحقة مغلوبة على أمرها وممعهاش أى حاجة خالص

 

– طب وفين الناس اللى فى النص ، اللى المفروض هما اللى بيعملوا توازن فى المجتمع ؟ الموظفين والعمال وأهل الثقافة والعلم والفن فين دول ؟

 

– موجودين والله بس ( بيأدنو فى مالطة ) ده غير انهم كل مدى بيقربوا أكتر من اللى تحتهم ويبعدوا عن اللى فوقيهم ، احنا الطبقة الوسطى عندنا ماتت اكلينيكا من زمان .. ده عمرو دياب ومحمد منير – ودول أشهر وأنجح مطربين فى زمانا – عملوا مع بعض أغنية اسمها القاهرة ، أغنية عادية جدًا ولمجرد انهم صوروها فى مكان فخم على النيل ، الناس بهدلتهم وفضلوا يقولوا دول بيغنوا لطبقة الأغنياء ولقاهرة تانية غير اللى احنا نعرفها ، فى الوقت اللى استقبلوا فيه أغنية ( اه لو لعبت يا زهر ) بالحفاوة دى كلها .. ده مشهد لخص كل حاجة بس كتير ما خدوش بالهم منه ..

 

– اه عشان كدة بقى

 

– عشان كدة ايه ؟

 

– أصل انا من ساعة ما سمعت الأغنية مش بالع الجملة بتاعة ( وركبت أول موجة فى سكة الأموال ) لكن كلامك ده خلانى فهمت

 

– فهمت إيه يا شيخ سيد ؟

 

– فهمت ان حالكم بقى صعب اوى لدرجة ان الفروق عندكم ما بين الحلال والحرام تقريبًا انعدمت ، أصل ده كلام حد عايز يبقى غنى وخلاص بأى وسيلة ومش مهم ازاى .. اصل ( ركبت – موجة – سكة ) ده لو شيطان مش هيقول كدة !

 

– للدرجة دى ؟!

 

– وأكتر .. يا ابنى ده حد ربنا لسه مدالوش وبيفكرفى الانتقام ، أومال لو اداله فعلاً هيعمل ايه ؟!

 

– إنتقام ازاى ؟

 

– هى إيه أول حاجة فكر يعملها بعد ما يركب أول موجة فى سكة الأموال زى ما بيقول مش انه يروح لأول واحد احتاجله فى سؤال وينتقم منه عشان ماوقفش جنبه

 

– ينتقم منه ازاى بس وهو قال ( واقف جنبه فى المحن واكون طويل البال )

 

– طب ما تكمل اللى بعدها ( واعرفه ان الفلوس مابتعملش رجال ) هو ده الغرض وهى دى خلاصة الموضوع ، الرغبة فى الانتقام وكسر العين وإشفاء الغليل .. سيبك من الكلمتين اللى قالهم فى الاول ، الحقيقة انا اعرف ان الواحد يقول لو ربنا كرمنى هبنى جامع هعمل خير هتبرع للأيتام مش اروح لأول واحد ومعرفش ابصر إيه ، إيه السواد ده كله !

 

– مش عارف اقولك إيه والله

 

– تقول ايه فى إيه بس .. ده بعد ده كله راح قايل ( بس خلاص انا نفسى اتسدت بعد ما إيدى للواطى اتمدت ) اللى هو ممعيش ونفسى جدًا يبقى معايا عشان انتقم بس حتى لو هيبقى معايا مش هكون مبسوط .. إيه كمية العقد والأمراض النفسية دى كلها ؟! شوف الكلام ده وشوف لما انا قلت ( صبح الصباح فتاح يا عليم والجيب مافهشى ولا مليم بس المزاج رايق وسليم باب الأمل بابك يا رحيم ) شايف الفرق ؟ شايف حالة السلام النفسى وراحة البال والطمأنينة اللى فى الكلام ؟ ( بس المزاج رايق وسليم ) مش ( بس خلاص انا نفسى اتسدت ) وبعدين ليه الكلام مليان عدائية لدرجة انه يشتم ويقول على اللى معاه فلوس ( الواطى ) ليه مايقلوش بكل بساطة ومن غير تجريح ( يا اللى معاك المال برضه الفقير له رب كريم ) او أى حاجة شبه كدة .. بس انتوا شكلكوا نسيتوا ربنا او شيلتوه من حساباتكم باين

 

– استغفر الله العظيم .. لا مش للدرجة دى

 

– أومال لدرجة إيه ؟ لدرجة ايه بس وليه ماسمعتوش كلامى ؟

 

– ماسمعناش كلامك ازاى ؟

 

– ان كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك أهون عليك يا حر من مدة إيدك .. ليه فرطتوا فى حريتكم ومديتوا إيديكوا ( للواطى ) زى ما بتقولوا ، إيه بس اللى وصلكوا لكدة ؟

 

– الحياة صعبة والناس بقت وحشة أوى يا شيخ سيد

 

– ما هو ده بالظبط اللى جايبكم ورا

 

– يعنى ايه ؟

 

– كل واحد شايف نفسه ملاك وبقية الناس كلها شياطين ، فكرة الآخرون هم الجحيم .. مش بيقول فى الغنوة ( كنت عامل خدى مداس بحب الخير لكل الناس بقيت ع التراب بنداس وناس تخونى وناس تبيعنى )

 

– ما كل واحد بيشوف نفسه كويس ده طبيعى

 

– ايوة بس مش الطبيعى ان كل الناس تبقى شايفة كل الناس وحشين ومحدش عاجبه الا نفسه بس

 

– ده كلام أغانى يا مولانا وكل الغنا الشعبى طول عمره بيلعب على نفس التيمة دى بتاعة غدر الصحاب وظلم الناس وكدة يعنى ، انا شايف انك مكبر الموضوع حبتين

 

– مكبره ازاى ، يا ابنى الناس لازم تكون بتحب بعض وقلوبهم على قلب بعض ، ده الأساس اللى من غيره مش هتعرفوا تبنوا اى حاجة ، وبعدين اذا كانت كل الأغانى كدة فعلا فدى مصيبة كبيرة والله ، مش مصيبة فى الأغانى نفسها ولكن مصيبة فى حالكم اللى أفرزها .. وبعدين انا عايز افهم حاجة

 

– حاجة إيه يا مولانا

 

– هو كان يقصد إيه لما قال ( زهقت من كتر الترقيع ) الجملة دى بالذات مش قادر افهمها

 

– لا هو هنا عم شيبة تقريبًا كان عايز يتكلم فى السياسة بس كان خايف فرمى الكلمة من تحت لتحت

 

– لا اله الا الله .. هو لسه فيه ترقيع على أيامكوا برضه ؟!

 

– يووووه ده الترقيع على قفا مين يشيل

 

– طب وآخر جملة خالص ( وهو مين واخد حاجة ما كله هيسيبها ويمشى ) يعنى مش شايف ان القفلة دى مش مناسبة خالص للسياق العام للغنوة ؟

 

– ما هو لازم يبقى فيه موعظة او ( تاتش ) دينى فى الآخر وماتنساش ان الدين عندنا أهم حاجة

 

– كل ده والدين عندكوا أهم حاجة ! أومال لو ألحدتوا كان هيجرالكوا إيه أكتر من كدة ؟

 

– طب ما تسيبنا من الأغنية دى وتسمعنا حاجة من حاجاتك العظيمة يا مولانا .. ده انا نفسى اسمعك جدًا

 

– لا مانا بطلت الغنا خلاص

 

– كلام إيه ده يا شيخ سيد ؟! من امتى ؟

 

– من دلوقتى ، خلاص معادش له لزوم

 

– ازاى بس تقول كدة

 

– يا ابنى انا كنت بغنى عشان بكرة يبقى أحسن وانت خلاص وريتنى بكرة شكله هيبقى إيه فمفيش داعى اوجع دماغى

 

– صدقنى الصورة مش سودا اوى كدة وأغانيك أثرت وغيرت ولسه عايشة فى الشارع واحنا عملنا ثورة واتنين وبنحاول وهنفضل نحاول نغير بلدنا للأحسن

 

– ما انت لو جالك حد من المستقبل بعد 100 سنة مثلاً وورَّاك ان الحال بقى أسوء ، أكيد هتفهم ساعتها انا حاسس بإيه دلوقتى وأكيد كلامك ده كله هيتغير .. يا ابنى البلد دى شكلها مفيش منها فايدة خلاص ، الزمن بيجرى واحنا عمالين نلف حوالين بعض والناس كلها بتطلع لقدام واحنا واقفين مكانا .. بس على العموم انا برضه هنفذلك طلبك وهغنيلك حاجة ، هغنى آخر غنوة هغنيها فى حياتى ..

أمسك سيد درويش بعوده وبدأ يتنحنح ويتهيأ للغناء ثم فوجئت به يغنى ( اه لو لعبت يا زهر ) غناها بغضب وحزن سخرية مريرة ، غناها وكأنه يصرخ صرخته الأخيرة على طريقته الخاصة ، كان يغنى وهو يبتسم فى مرارة بينما اختنقت عيونه بالدموع وبعد أن انتهى من الغناء أغمض عينيه وعاد برأسه الى الخلف ثم لم يعد موجودًا .. مات سيد درويش .. مات يوم 10 سبتمبر 1923 وهو فى ريعان شبابه وعز مجده الفنى ، كنت لا أصدق أننى أتيت من المستقبل لأقابل سيد درويش وتحديدًا فى يوم وفاته ، بل لا أستطيع أن أستوعب أننى قد أكون السبب فى وفاته المبكرة ، لا .. ليس انا بالتأكيد ، بل أحمد شيبة .. أحمد شيبة وأغنيته هما اللى ( قصفوا ) عمر فنان الشعب وكانوا السبب فى موته المفاجىء ورحيله المبكر و المحزن و .. ما هذا الظلام ؟! فتحت عينى ، عاد وعيى تدريجيًا إلى عالم الواقع ، انا فى غرفتى وعلى سريرى ولم أذهب الى الماضى كما كنت أعتقد ، كنت أرى بصعوبة وسط هذا الظلام الحالك لكننى كنت أسمع جيدًا ، أسمع صوت أحمد شيبة الصاخب الذى يأتى عبر الشباك من شقة أحد الجيران ، أسمعه وهو يقول ( ملعون أبوك يا فقر .. يا حواجنى للأندال ) بينما كان يأتى صوت سيد درويش فى نفس الحظة متسائلاً – من خلال نغمة موبايلى الذى يرن بلا توقف – ( الصبر طيب عال .. إيه غير الأحوال ..)

 

اقـرأ أيـضـًا للكاتب:

محمد حمدي سلطان يكتب: حمار جحا الذي ظهر في أغنية القاهرة!

محمد حمدي سلطان يكتب : لو لم يمت أحمد زكي ..!

محمد حمدى سلطان يكتب: مأساة ممدوح عبد العليم.. والجيل اللى ضاع فى النص

محمد حمدى سلطان يكتب: عن عودة شيكابالا الذي لا يعود أبدًا

 

اقـرأ أيـضـًا:

إحالة أبو تريكة إلى نيابة أمن الدولة

مرتضى منصور يرحب بماكليش و يتوعد ميدو بسبب صفقة مايوكا

عمرو مصطفي يتبني حملة “نفسي ومش قادر”

5 أسباب وراء مشاكل حفل منير في جامعة القاهرة

هيثم الحريرى: أشعر بالعار لجلوس توفيق عكاشة بجواري

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا