منة الله عبيد تكتب: للترافيك رب يحميه

في العصور السحيقة كان مصطلح الإعلام مصطلحا صلبا محددا ذو إطار وأبعاد تعرف لها راس من رجلين أما اعلام اليوم فهو بلا شك كائن رخو مائع الملامح كبالونة جيلي فراولة “فعصتها” يد صغير للتو . هل تستطيع عزيزي المشاهد عزيزي المستمع ان تحدد للاعلام في مصر المخروسة-ايوه بالخاء- وبخاصة فيما تلا ثورة يناير شكلا او اوجه او “تراكا” محددا ؟ اتحداك!

ان الانقسام الميتوزي الذي أصاب هذا المجتمع الذي تحاكينا باندماج نسيجه وقوة وحدته لقرون مضت كان أفعل الفاعلين فيه ذلك الكائن العملاق والخفي في ذات اللحظة المسمى بالاعلام ..ارجع بذاكرتك لعام مضى او شهرين او ثلاث اسابيع او خمس دقائق ..ستجد حدثا كان سيمر كما مر غيره مرور الكرام لولا وجود نافخي الكير من اولئك “الاعلاميين” و ذنبهم عند ربهم من خلعوا عليهم ذلك اللقب. حسنا ..هل بدأت تشعر الان اني من الحاقدين الحاسدين المنفسنين على نجاح الناجحين و كارهي عصر السموات المفتوحة ؟ اذن ..فاكس بكسر الكاف.

أنا فقط من المهتمين المحبين وجملة الدراويش الراثين لحال الشغلانة التي امتهنها كل من هب ودب. من تلفزيون بقنوات ذات تصاريح من بلاد الواق الواق ولكم في”فلول” و “الشرق” خير دليل..الى برامج اذاعية لا يعرف مذيعوها مهن ضيوفهم ولا حتى اسماؤهم الصحيحة الى مواقع بيقولوا إخبارية وفي حقيقة الامر لاهي اخبارية ولا عدت من جنبها بل هي مواقع استثمارية استعراضية ربحية تهيجية لا مؤاخذة. وعن التهييج حدث ولا حرج.

فكم من المرات شغل صباحنا عيد ميلاد “فاكك شويتين” اقامته احدى الممثلات او تفاصيل زواج وطلاق لو كانت لاثنين من العامة لكانت الاكثر مللا على الاطلاق ولكن توابل اسماء النجوم والصور والتسريبات تشعل الترافيك وتجعلنا ننسى اوضاعنا وصداعنا ومصائبنا الحقيقية ليتحقق المثل”مصائب قوم عند قوم ..بتعلّي الترافيك” .

“الترافيك” ذلك الصنم الذي فاق بوذا واصنام قريش تقديسا وحرصا. فعبيد الترافيك على استعداد لبذل الغالي والنفيس في سبيل نظرةرضا من مالك الموقع ومايتبعها من اساتك تتاستك في حسابات بنوك الجميع ساحقة في طريقها سمعة هذا واحاسيس ذاك وسكينة اسرة هؤلاء..لا يهم ..المهم الترافيك.

حتى اكبر القنوات الاخبارية عبر الانترنت والتي تنتمي لمطبوعات ناجحة ومؤثرة بالفعل على الارض –وأنا هنا القح بالكلام على اثنتين منهما بعينهما- اصبحتا الان ولا ميلودي هيتس ايام بوبي . يوميا اخبار لا شان لها بالاخبار عن فضائح وشائعات وعروض لقضاء ليالي حمراء واستشارات ساخنة في المسائل الحميمة تجعلني وانا والكثيرين ننكس رؤوسنا دقيقة حداد –على راي طارق الشيخ- اسفا على الترافيك الذي اصبح من امامهم والبحر من ورائهم .

وكما اعطى دستور الترافيك لمصر كلها الحق في التنظير فها انا انتهز الازكازيون  لأدلو بدلوي ..يا عباد الله ,من القائمين على الاعلام والمواقع والبوابات الالكترونية بصفة خاصة , استقيموا واستووا وأصلحوا ..وللترافيك ..ربٌ يحميه !