عباس الطرابيلي يكتب: العزبى.. وكتاب غير مسبوق!

هذا كتاب يجب أن يدرسه كل الإعلاميين من أصحاب الصوت العالى، وكل دارسى الإعلام فى الكليات وأقسام الصحافة، ليعرفوا أنه لولا جهاد من سبقوهم لما استطاعوا أن يقولوا كلمة واحدة مما يتشدقون به هذه الأيام.

هو خلاصة فكر وتجربة وعقل واحد من رواد المهنة رغم أنه دخلها من باب الطب، يوم هجر دراسة الطب وجذبته الصحافة منذ أوائل خمسينيات القرن الماضى.. فكسبته حرفة القلم.. وخسرته حرفة المشرط.. وفرق بين هذين السلاحين.

صحفى من الجيل الذى عانى، فدخل السجون ولم ييأس، وعمل فى أكثر من صحيفة، وعانى ودفع الثمن ولم يتربح من المهنة كما يتربح من يعمل بها الآن ويجنى الملايين، ولكنه قانع بما أدى، ولكنه ترك لنا خلاصة تجربته من أجل حرية الكلمة.

هو الأستاذ الكبير محمد العزبى الذى بدأ صحفياً بدار أخبار اليوم، وتقلب فى العديد من الصحف حتى صار رئيسا لتحرير أكبر صحيفة مصرية تصدر بالإنجليزية، وكان بذلك شاهداً على عصر مديد من الصحافة، عاش وعمل مع الكبار ثم عاش مع الصعاليك، ثم ها هو يقدم لنا شهادة حق عما رآه وعاشه، يروى لنا معارك الصحافة مع الحكم.. مع حاكم لا يريد لصوت غير صوته أن يرتفع حتى ولو بتكميم الأفواه، ومن يجرؤ فإن مكانه السجون.

هو فعلاً يروى لنا معارك الصحافة والحكم، ولأنه عفيف اللسان كريم الخلق لم يشأ أن يسمى الأشياء بأسمائها فى أغلب الأمور رغم أنه عاش صعود هذه المهنة من عصورها الملكية إلى أن شاهد انهيارها تحت سيوف كل ديكتاتور حكم مصر، وروى بحيادية، يُحسد عليها، ما عاناه أصحاب القلم وأيضا أصحاب «الجيوب» التى لم تشبع من مصريين ولبنانيين، وروى لنا عدم وفاء معظم الحكام لمن عملوا معهم أو من خدموهم، وكشف كيف أن عبدالناصر- مثلا- كان يفكر فى السيطرة على الصحف حتى قبل أن يؤممها بسنوات طويلة، وضحى حتى بأقرب أصدقائه من الصحفيين.

وكتاب العزبى عن «الصحافة والحكم» الصادر عن كتاب الجمهورية أراه الكتاب الوثيقة، بل يكاد يكون الوحيد بين الصحف التى تناولت تاريخ الصحافة الذى تناول هذه الزاوية «الخطيرة» من العلاقة بين الحاكم والصحفيين. من هنا تأتى أهمية هذا الكتاب الذى يؤرخ لهذه السنوات التى تزيد على نصف قرن، والذى يكشف ما حاول كل ديكتاتور ألا ينكشف. من هنا أضع هذا الكتاب فى مقدمة ما يجب أن يدرسه كل دارس للإعلام وقبل أن يدخل عالم الصحافة، تماما كما أضع كتاب المفكر الكبير سلامة موسى بعنوان «الصحافة حرفة ورسالة»، وهو كتاب يكمل ما حاوله عمالقة المدافعين عن حرية الكلمة من خالد محمد خالد وكتابه الرائع «الديمقراطية أبداً»، وجلال الدين الحمامصى فى كتابيه «القربة المقطوعة» و«من القاتل»، ثم كتاب مصطفى أمين «الكتاب الممنوع»، وإذا كانت كل هذه الكتب تتناول حكايات هؤلاء «الشخصية» مع الحكام والحرية فإن كتاب محمد العزبى يروى تجاربه وتجارب الآخرين مجردة من هذه الأمور الشخصية. من هنا تأتى أهمية هذا الكتاب.

لقد وضع كاتبنا الكبير ليس مجرد النقط فوق الحروف، ولكنه غاص وروى الحقائق، وإن لم يترك دماء فأسلوبه المهذب دائما كما حياته ولسانه هكذا.

ولكننى أتمنى من كل من يقرر ويضع مناهج الدراسة بكليات الإعلام أن يضع هذا الكتاب فى مقدمة ما يقترحه ليعرف صحفيو الغد كم عانى الرواد، وحتى لا يندفعوا للعمل بالإعلام بحثا عن المال والقصور، كما يحلم معظمهم الآن. هو كتاب علمى- عملى إذا أردنا أن ننقذ المهنة مما تندفع إليه الآن، بل يجب أن يصبح دستورا لكل إعلامى، مادمنا نعيش عصر الدساتير.

شكراً أستاذ عزبى.. فهذا هو كتاب العام.. بل كتاب العصر بكامله!!

نقلاً عن المصري اليوم

 

اقـرأ أيـضـًا:

بالنسب المئوية .. فرص فوز المشتركين الأربعة في The Voice

أحمد موسى وخالد يوسف.. التنازل بالصمت

إعلام.أورج يرصد أبرز 93 حدثاً إعلامياً في 2015

عمرو قورة : نسعى للوصول بالنجوم العرب للعالمية

12حلقة من 2015 صالحة للعام الجديد

أفضل 8 ضيوف زاروا المشاهد في 2015

هذا ما يجمع ويفرّق المستشاران “شحاتة” و “منصور”

أول تحليل لديكورات ١٧ برنامج “توك شو”

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا