وليد رشاد يكتب: ليالي الحلمية.. ليه؟!!

ليالى الحلمية لم يكن مجرد عمل درامى بل كان ملحمة وطنية وارشيف يرصد الواقع السياسى والاجتماعى والاقتصادى للمجتمع المصرى واطلقوا عليه وقتها “فالكون كريست” الشرق، بدأ اول اجزائه عام 1987 حتى الجزء الخامس عام 1995 بعدد حلقات هو الاكثر فى الدراما المصرية وهو 160 حلقة، عن قصة وسيناريو وحوار امير الدراما العربية الكاتب الراحل “اسامة انور عكاشة ” واخراج المبدع الراحل ” اسماعيل عبد الحافظ” وبطولة نخبة من نجوم الصف الاول والثانى والثالث فى الدراما والسينما المصرية يصل عددهم الاجمالى الى 300 ممثل، “ليالى الحلمية” بالنسبة لى كانت ولا زالت احد اهم الاعمال الدرامية التى شكلت جزء هام فى تكوين شخصيتى، صحيح ان هناك اعمال درامية اخرى اثرت على تكوينى ولكنها لا ترقى الى درجة “الحلمية”.

waled-rasad وليد رشاد
وليد رشاد

“الحلمية” بالنسبة لجيل الثمانينات كانت عبارة عن طقس رمضانى سنوى وابطالها تحولوا لابطال حقيقيين، وذابت الفوارق بين شخصيات المسلسل ونجوم العمل الحقيقيين وتناسى الناس مؤقتاً اسمائهم الحقيقية، وفى التسعينات نزلت “ليالى الحلمية” كرواية مكتوبة فى مجلد ضخم فى معرض الكتاب.

اعتبر نفسى محظوظاً بمشاهدة اجزاء المسلسل كلها خلال عرضها الاول وافخر انى من جيل “ليالى الحلمية”، وكنت من القلائل الذين تعاطفوا مع فكرة الجزء الخامس من المسلسل رغم اعتراض الكثيرون وقتها باعتبار ان الجزء الرابع كان مسك الختام خصوصاً مشهد النهاية، حيث الصراع الكوميدى بين الباشا “سليم البدرى” والعمدة “سليمان غانم” وبينهم نجمة الليالى “نازك السلحدار” بعد ان بلغوا جميعاً من العمر ارذله، وكذلك النهاية المفتوحة لقصة الحب الرئيسية فى العمل بين “على البدرى”و”زهرة غانم” بعد قتل زوجها الطيار ووقوفه بجانبها خلال ايامها الصعبة وكذلك طلاقه من زوجته، وتركت الحلقة الاخيرة امر قصة حبهما معلقاً.

وقتها رفض الكثيرون فكرة الجزء الخامس واعتبروه استثمار لنجاح الاجزاء الاربعة الاخرى خصوصاً مع التقدم الافتراضى فى عمر الابطال الرئيسيين وتحولهم درامياً لكهول يصعب نسج الحكايات الدرامية عنهم، ولكن حبى ان لم اقل ادمانى للمسلسل جعلنى وقتها متعاطفاً مع اى شئ من ناحيته خصوصاً ان جميع عناصر الاجزاء الاربعة كانت لا تزال على قيد الحياة المؤلف والمخرج ومعظم النجوم، بل اننى اذكر ان البعض اعتبر الجزء الرابع اصلاً ليس له اى قيمة وانه كان يكفى نجاح الاجزاء الثلاثة الاولى، ولكنى شخصياً اعتبر ان الجزء الرابع هو افضل اجزاء “الحلمية” من حيث كل العناصر الفنية، رغم قوة الاجزاء الثلاثة الاخرى وصعوبة الاختيار بين الاجزاء الاربعة ولكن ان كان ضرورياً اختيار احدهم ساختار بلا تردد الجزء الرابع وبعده الثانى فالاول ثم الثالث على الترتيب.

ورغم انى شاهدت “الحلمية” فى عرضه الاول بحرص شديد الا اننى شاهدته فى اكثر من اعادة وشاهدته ايضاً باجزائه الخمسة كاملاً حيث انى اذكر انى شاهدت الليالى لمدة تزيد على الخمسة شهور مرتين مختلفتين مرة على قناة روتانا كلاسيك ومرة على قناة النيل للدراما، وكانت “ليالى الحلمية” وغيرها من الاعمال الدرامية القوية سبب لاهتمامى بكاتب تلك المسلسلات الرائعة وقد كنت اعتبره اديب كبير وليس مجرد كاتب سيناريو، وكنت احفظ جمل من حوارات مسلسلاته باعتبارها اقوالاً مأثورة، وتمنيت لقاء “عكاشة” وتحقق الحلم فى بداية عملى فى شبكة الاوربت حينما كنت اعمل فى برنامج جديد وقتها اسمه “نشأت هنا” ورغم انى فى تلك الحلقة لم اتعامل معه بشكل مباشر الا اننى كنت سعيدأً حينما سجلنا معه حواراً مطولاً عن نشأته وسمعت قصة حياته، وكاد ان يتحقق اللقاء الثانى والذى كنت احلم به عندما طلبت ذلك من ابنته الاعلامية الزميلة وخريجة كلية الاعلام “نسرين عكاشة” بعد ان اوضحت لها اعجابى الشديد بوالدها وشغفى باعماله ورغبتى فى مقابلته، واكدت لى انه يرحب بالضيوف فى منزله فى اى وقت ولكن الظروف لم تخدمنى ورحل دون تحقيق حلم اللقاء.

ولا ادرى لماذا كان من ضمن افكارى المجنونة كتابة جزء جديد من “الحلمية” ومحاولة متابعة من تبقى من نجوم المسلسل على قيد الحياة ومن رحل عن عالمنا ووجدت ان الكثير منهم ما زال على قيد الحياة رغم رحيل البعض، ولكن طبعاً لم يكن الموضوع اكثر من حلم منطقى من وجهة نظرى لانى كنت (ولا زلت!!!!) اعتبر نفسى الوريث الشرعى للحلمية فانا احفظ الاجزاء باحداثها وحواراتها، ورغم تذكرى للمشاهد الا انى لا امل من مشاهدتها لدرجة انى كنت اتعامل مع شخصيات الحلمية باعتبارها شخصيات حقيقية واتسائل عن سر التحولات الانسانية فى مسارات حياتهم.

وقريباً استيقظت من النوم على خبر اثار شجونى عندما وجدت الفيسبوك مشتعل بالمعارضة لفكرة تقديم جزء سادس من “ليالى الحلمية” يكتبه “ايمن بهجت قمر” ومعه “عمرو محمود ياسين”، وكانت ابرز اسباب المعارضين هى رفض الاساءة لعمل خالد فى اذهان الجماهير بالاضافة الى اعتباره عقم وافلاس ومحاولة الاستفادة من نجاح المسلسل، ودعا المعارضون الى ابتكار افكار ومسلسلات جديدة، ووجدت نفسى فى حيرة شديدة بين حلمى القديم الذى اقترب من التحقق ولكن بعيداً عنى من ناحية و اقتناعى بمخاوف افساد العمل وتشويه صورته التاريخية من ناحية اخرى، وبدأت افكر فى صعوبة استمرار العمل بدون الكاتب ووجدت انه يمكن ان يستمر عمل بدون المخرج او بعض الابطال لكن صعب جداً فى عدم وجود الكاتب الاصلى خصوصاً مع مسلسل مثل “ليالى الحلمية” يستعرض المجتمع المصرى سياسياً واجتماعياً، وهنا يمكن ان تكمن المشكلة انه لم يكن مجرد حدوتة درامية معزولة عن المكان والزمان، ولذلك فان الكاتب الجديد اياً كان اسمه سيعمد الى تسريب ارائه السياسية والاجتماعية داخل احداث المسلسل خصوصاً ان الفترة الاخيرة زاخرة بالاحداث والتى تتباين حولها اصلاً وجهات النظر، ولكنى لا اريد ان احكم مسبقاً على المحاولة الجديدة بالفشل حتى لا اتهم انى اغار لانى لن اكتب الجزء السادس من “الحلمية” كما كنت احلم !!!! لكن الحقيقة الثابتة للاسف ان كل محاولات اعادة الاعمال القديمة او تمديدها لم يكتب لها نفس النجاح .. ولكن حبى للحلمية يجعلنى ادعو واقول ربنا يوفق الجميع !!

اقـرأ أيضـًا:

وليد رشاد يكتب: توقعت سقوط “مبارك” و”مرسي” !!!!

وليد رشاد يكتب: أفلامنا الحلوة (1).. فى بيتنا رجل

وليد رشاد يكتب: قلم سخن على وجه لاعب الأهلى !!!!

وليد رشاد يكتب: صليبية الأطفال سبقت فيديو “أحمد موسى” بمئات السنوات!!

وليد رشاد يكتب: “أهواك” وأفلام اللب والسودانى!!!!

وليد رشاد يكتب: الثأر لقتل جنود مصر في المكسيك !!!!

وليد رشاد يكتب: أحلى حاجة في مصر.. هي الفساد !!!!‎

 .

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا