تساؤلات حول ردود متحدث الخارجية على الإعلام الغربي

عبد السميع الدردير

“لن نضع في اعتبارنا الانتقادات التي يوجهها الاعلام الأمريكي لمصر طالما انها ليست بيانات رسمية”،هكذا
جاء رد السفير بدر عبد العاطي على سؤال حول تقرير نشره موقع “مجلس العلاقات الخارجية” بواشنطن في آخر تصريحاته كمتحدث باسم الخارجية.

وما ان حل المستشار احمد ابو زيد محل السفير عبد العاطي منتصف يوليو الماضي طرأ تغيير مفاجئ في تفاعل الخارجية مع الإعلام الغربي والأمريكي بشكل خاص، الأمر الذي يلقي الضوء على ما يبدو نهجا جديدا للدبلوماسية المصرية الرسمية بشأن ما يبخه الإعلام الغربي.

بعض الخبراء والمحللين انتقدوا هذا الاسلوب.. واشاد آخرون به الا انهم حذروا في نفس الوقت من الافراط في استخدامه.. فيما اعتبره دبلوماسيون سابقون سلوكا خاصا بالمتحدث الجديد.

لكن هل يعكس ما يقوم به المتحدث الجديد اخفاقا للدور الذي من المفترض ان تقوم به سفاراتنا في الخارج والدبلوماسية الشعبية؟؟.

بعد شهر تقريبا من توليه المسئولية فند المستشار ابو زيد في بيان تقريرا نشرته شبكة “سى إن إن” الإخبارية الأمريكية، حول الأوضاع الأمنية فى مصر فى أعقاب ما تردد عن قتل داعش للرهينة الكرواتى توميسلاف سلوبك بعد انتهاء المهلة التي حددها التنظيم للسلطات المصرية للافراج عن سجينات تابعات لتنظيمات متطرفة وابدالهن معه.. قال المتحدث وقتئذ ان التقرير أعطى صورة تفتقر لأدنى درجات الموضوعية والحيادية شاملاً معلومات خاطئة ومغلوطة.

مصدر دبلوماسي غربي رفيع اعرب عن استغرابه من مثل هذه البيانات التي تصدر على مستوى المتحدث باسم الخارجية المصرية منوها الى أن هناك عشرات من مراكز الأبحاث التي تراقب الآداء الصحفي للشبكات الاخبارية العملاقة للوقوف على اي خطأ مهني لها. كما ان المتحدث لن يستطيع الرد على كل ما تتناوله وسائل الإعلام الأجنبية.

لم يمض اسبوع على تقرير “سي ان ان” الا وانتقدت افتتاحية “نيويورك تايمز” قانون الارهاب الجديد.. وشمل نفس العدد مقالا للصحفية المصرية الأمريكية منى الطحاوي تتهكم فيه على ما وصفته بنفاق الشرطة ومغازلة النظام للاسلاميين بالقبض على “الراقصات الفاسقات”.. وقتئذ لم يطالعنا المتحدث الجديد برد على الصحيفة العريقة.

بعد شهر تقريبا، هاجمت افتتاحية الصحيفة نفسها الحكومة المصرية بشأن حادث قتل سياح مكسيكيين عن طريق الخطأ.

في اليوم التالي كتب ابو زيد خطابا الى مجلس تحرير الصحيفة – نشرته فقط وسائل الاعلام العربية – يصف ما جاء في الافتتاحية بمعلومات “مضللة وغير حقيقية.. ولا تحترم ارادة الشعب المصري”.

لكن “نيويورك تايمز” لم تتوقف عن “افتراءاتها” ونشرت في السابع من اكتوبر تقرير آخر ينتقد الحكومة لإغراقها انفاق التهريب بين غزة وسيناء.. وكعادته اصدر ابو زيد بيانا يرد على التقرير وتم نشره على صفحة المتحدث المخصصة للغة الانجليزية التي يتابعها فقط حوالي ستة آلاف شخص.

السفير دكتور عزمي خليفة المستشار الأكاديمي للمركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة قال انه كان ينبغي على المتحدث اعداد بيان كامل وشامل لتوضيح موقف مصر والرد على جميع وسائل الاعلام دون تسمية صحيفة او شبكة اعلامية بعينها.

وأعتبر اصدار الخارجية بيانات ترد على وسائل اعلام اجنبية “سلوكا شخصيا للمتحدث الجديد” ولا يعكس نهجا جديدا للدبلوماسية المصرية.. واضاف: ان هيئة الاستعلامات هي الجهة المنوطة بالرد على وسائل الاعلام الأجنبية، كما ان المكاتب الإعلامية في الخارج تخضع فنيا واداريا لسفاراتنا وعليها ان تلعب دور أكبر في هذا السياق.

وقال خليفة ان المنظومة الاعلامية لاتزال تسير على انماط قديمة وتحتاج الى جهد أكبر لمواكبة التطورات الجارية.. وتسائل عن عدد رؤساء التحرير المصريين الذين يتواصلون مع نظرائهم في الصحف الأجنبية او حتى مع مراسلي تلك الصحف في مصر.

مؤخرا أجرى وزير الخارجية سامح شكري مقابلة مع “سي ان ان”.. وانتقد الوزير تغطية الشبكة العالمية لحادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء، مشيرا الى أنها لم تفرد نفس المساحة من التغطية للطائرة الماليزية التي سقطت في أوكرانيا العام الماضي.

واصدر المتحدث باسم الخارجية بيانا يكذب فيه مزاعم نشرتها صحيفة “الديلي ميل” البريطانية بأن طائرة تابعة لشركة طومسون تفادت صاروخا في سيناء أغسطس الماضي.

اللافت للانتباه هو ان تفاعل الخارجية مع الإعلام الغربي لم يتوقف عند الشبكات الإخبارية المعروفة بالدقة والمصداقية بل تخطى ذلك بالرد على الصحف التابلويد (الصفراء) مثل الديلي ميل.

مصدر دبلوماسي بالخارجية المصرية اكد ان بيانات المتحدث فيما يتعلق بالرد على الاعلام الأجنبي تتم بالتنسيق مع سفاراتنا بالخارج.

الدكتور حسن وجيه خيبر لغويات التفاوض الدولي والأستاذ بجامعة الأزهر أكد على ضرورة تداخل الدبلوماسية الرسمية مع دبلوماسية المسار الثاني المتمثلة في الاعلام بشكل اساسي.

وأشاد وجيه باستخدام المتحدث الجديد لدبلوماسية المسار الثاني لكنه حذر من الافراط في التفاعل مع كل ما تتناوله وسائل الاعلام الأجنبية بشأن مصر.

ولفت وجيه الى ارتباط الاعلام الأمريكي بالادارة الأمريكية ووزارة الخارجية مستشهدا بحوار اجراه مع هودينج كارتر الثالث احد اشهر الصحفيين الأمريكيين واورده في كتابه “التفاوض وادارة المقابلات” الصادر ١٩٩٧.. يقول كارتر ان الموضوعات ذات الملفات الساخنة لابد ان تعرض قبل نشرها على الخارجية الأمريكية.. واشار الى تعبير “but Henry says” او “لكن هنري يقول” الذي كان متداولا بين صحفيي الشئون الخارجية والدبلوماسية الأمريكيين في بداية سبعينيات القرن الماضي.. فقد كان رؤساء تحرير الصحف الأمريكية يعرضون الموضوعات الصحفية الحساسة على هنري كسينجر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في ادارة ريتشارد نيكسون قبل نشرها وفي معظم الأحيان يعودون الى المحررين مشيدين بتقاريرهم مزيلين كلامهم ب”لكن هنري يقول”……. انها غير مناسبة للنشر حاليا.

اقـرأ أيـضـًا:

شاهد اللحظات الأولى للهجوم الإرهابي على مقهى في باريس   

عادل إمام يحرج مراسل قناة المحور على الهواء

الإعلام المصري في قضية الطائرة الروسية.. شاهد مشافش حاجة

8 حقائق في حب “الفرنجة”

إنجي أنور.. “البيت مش بيتك”

انسحاب ضيف الإبراشي على الهواء: قلة أدب

4 فروق بين “تامر روتانا” و”أمين الحياة”

هشام المياني يحقق: هل كان “هيكل” وراء القبض على “صلاح دياب”؟ 

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا