فادي عاكوم
من لم يتابع مباريات كأس العرب المقامة في العاصمة القطرية الدوحة فاته الكثير جدا من المتعة خاصة لعشاق الكرة المستديرة ومتابعي المباريات الحامية المشعلة للحماس والتي تشدك طوال الوقت من دون مبالغة، لكن اللافت الروح الجميلة الموجودة في الملاعب إن كان على المربع الأخضر أم في المدرجات أو حتى على مداخل الملاعب بين الجماهير.
اعتدنا في مباريات ماثلة خاصة تلك المصيرية منها كالمباريات الخاصة بالأدوار الإقصائية أو المباريات الحاسمة بأن تحصل مشاجرات ومشاحنات وأحيانا صدامات بين جماهير الفريقين، لكن الحاصل حاليا في الدوحة لوحة فسيفسائية جميلة بين الجماهير الذين يتقاسمون المدرجات فعليا، فرغم تخصيص أقسام لكل منغ الفرق إلا أن الاختلاط كان واضحا ربما بسبب الإقبال الكبير من قبل الحضور، ربما يكون الأمن الصارم هو السبب لكن كلنا رأينا في أكبر الدوريات الأوروبية الصارمة أمنيا حالات الشغب التي قد تندلع في أي وقت داخل الملعب أو خارجه.
اللافت أيضا حالة الهدوء بين اللاعبين وخصومهم في الملعب حيث لم يسجل أي حالات صدام مباشرة بين اللاعبين الخصوم رغم ارتفاع شدة المواجهة، حيث تبدو الروح الرياضية عالية جدا وهو ما انعكس بالتالي على الهدوء في الملعب والمدرجات معا، وذلك رغم حالات الطرد وركلات الجزاء وغيرها من الحالات التي تثير اللاعب وغريزته كمقاتل يريد تحقيق الفوز.
أما الرقم الصعب في هذه البطولة فهو الإقبال الجماهيري الكبير الذي فاق المليون مشجع في المدرجات والذي كسر الأرقام القياسية لباقي مباريات الكأس طيلة العقود الماضية وربما كسر بعض أرقام كأس العالم الذي أقيم في نسخته الأخيرة على نفس الملاعب في قطر، فعلى رغم العروض الخاصة بالنقل والإقامة التي تغري المشجعين إلا أن الأمر يحتاج إلى مشجع حقيقي يلحق بفريقه إلى بقعة حول العالم وهو ما كنا نفتقده في المنطقة العربية وهنا أتت هذه الأعداد الكبيرة، وهو ما يرفع من شأن ثقافة الرياضة الحقيقية بمعناها الحقيقي الجميل البعيد عن العصبيات الكروية.
فنيا برز العديد من اللاعبين العرب خلال مباريات الكأس بعد فترة من الإغلاق أو حتى عدم الاعتراف بالنجومية، وحسب ما تسرب من معلومات فإن العديد من اللاعبين تنهال عليهم العروض من فرق عربية وخليجية وأفريقية وأوروبية بسبب ما قدموه من عروض فنية مميزة ولافتة خلال المباريات.
وفي المحصلة فإن المشهد الكامل من مدرجات ممتلئة ولعب جدي ومحترف وتحكيم رائع يعطي صورة جميلة للانقلاب الكبير الذي حصل في المنطقة العربية ولشعوبها، فهذه الشعوب التي عانت من ويلات الحروب والتوترات الأمنية شبه الدائمة إلا ظهرت بمشهد حضاري يؤكد تعطشها إلى حرية العيش وحرية الاختيار والأهم حرية التعبير الخالي من التسيس مع قبول الآخر وهي ثقافة افتقدناها فعليا خلال العقود الماضية.
ولا بد من القول إن ما قبل كأس العرب 2025 بالنسبة للكرة العربية لن يكون كما بعده، وسنرى متابعة عالمية كبيرة في النسخ المقبلة وحركة انتقالات للاعبين كثر بين الأندية العربية أو حتى بين العربية والغربية وهو ما يصب في النهاية لمصلحة مستقبل هذه اللعبة مستقبلا.
نرشح لك: "آسف جدا".. قفشة يعتذر عن خروج منتخب مصر من كأس العرب