جاء فيلم «محاربة الصحراء – Desert Warrior» ليصبح أحد أبرز العناوين في دورة هذا العام من مهرجان البحر الأحمر السينمائي. منذ الإعلان عنه، جذب الفيلم اهتمام الجمهور والنقاد بسبب حجمه الإنتاجي الكبير، القائمة الطويلة من الأسماء أمام وخلف الكاميرا، والمواقع التي تم التصوير فيها في المملكة. ومع العرض الأول له في المنطقة، يمكن القول إن الفيلم قدّم تجربة سينمائية تستحق التوقف عندها.
كثير من الأفلام التاريخية في المنطقة العربية تدور حول أحداث كبيرة، لكنها تُقدَّم بإمكانات محدودة تجعل الصورة غير قادرة على حمل الفكرة.
• مواقع تصوير طبيعية واسعة في نيوم وتبوك
• معارك متقنة بصريًا
• تصميم أزياء وإكسسوارات يراعي الحقبة
• تصوير سينمائي بمعايير دولية
كل ذلك لم يكن مجرد ديكور، بل جزء من رؤية إنتاجية واضحة: تقديم فيلم يمكن عرضه في المهرجانات العالمية بنفس الثقة التي يُعرض بها محليًا.
يتناول الفيلم مرحلة مفصلية من تاريخ شبه الجزيرة العربية، خلال الصراع مع الإمبراطورية الساسانية.
لكن بدلاً من أن يغرق في التفاصيل التاريخية، يركّز الفيلم على الحكاية الإنسانية:
الهروب، الخوف، الثقة، ثم القيادة.
اختيار البطولة النسائية في شخصية الأميرة هند (عايشة هارت) جاء موفقًا، حيث تتحول الشخصية من ضحية محتملة إلى رمز للحشد والقرار.
المرونة في رسم الشخصيات، وعدم اختصارها في قالب أحادي، منح السرد مساحة للتنفس.
اختار الفيلم خليطًا من الممثلين العالميين والعرب، وهو خيار لا يخلو من المخاطرة عادة.
• أنتوني ماكي يقدّم أداءً كاريزماتيًا دون مبالغة.
• غسان مسعود يضيف حضورًا ثقيلًا وسلطة هادئة.
• بن كينغسلي يبتعد عن clichés ويقدم شخصية الإمبراطور كـ”إنسان مؤمن بقوته”.
• عايشة هارت تعطي الشخصية العمق المطلوب، من دون استعراض.
الأداء العام منضبط، يخدم القصة، ويبتعد عن الميلودراما الفائضة.
أحد أقوى عناصر الفيلم هو استخدام المكان.
الصحراء ليست خلفية جميلة، بل قوة فاعلة في السرد.
المساحات الواسعة تعكس العزلة، والمشاهد الليلية المضيئة بالنار تعكس الخوف والتهديد.
• تنظيم الحشود
• حركة الكاميرا
• الدمج بين المشاهد الواسعة والتفاصيل الدقيقة
النتيجة: مشاهد واقعية لا تبدو مصطنعة، وهو أمر نادر في السينما العربية.
الموسيقى التصويرية تدعم الفيلم دون أن تطغى عليه.
الإيقاع مضبوط: ليس سريعًا بلا داعٍ، ولا بطيئًا إلى حد الملل.
الفيلم يعرف متى يتحدث، ومتى يصمت، ومتى يترك للصورة أن تقول كل شيء.
لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته MBC Studios في هذا العمل.
الإنتاج متماسك، ويظهر على الشاشة بشكل مباشر.
الإدارة اللوجستية للمشروع، اختيار المواقع، التعامل مع فريق دولي كبير… كلها مؤشرات على نضج الصناعة.
دعم قطاع الصناعات الإعلامية في نيوم كان واضحًا في توفير البنية تحتية، ما أعطى الفيلم واقعية ومصداقية على مستوى الصورة.
«محاربة الصحراء» ليس فيلمًا معصومًا عن النقد؛ قد يجد البعض ملاحظات على بعض الحوارات أو على اختصار التاريخ في إطار سينمائي.
• إنتاجًا متينًا
• رؤية فنية واضحة
• أداءً تمثيليًا قويًا
• لغة بصرية جذابة
الفيلم يرفع سقف التوقعات لما يمكن أن تكون عليه السينما التاريخية في المنطقة.
وإذا كان الهدف من الفيلم هو تقديم حكاية كبرى في قالب ممتع وجذاب للجمهور العام، فهو نجح في ذلك.
«محاربة الصحراء» ليس مجرد تجربة سينمائية، بل خطوة متقدمة في رحلة صناعة الأفلام في السعودية.
وبناءً على ما شاهدناه في هذا العمل، فإن المستقبل يبدو مهيئًا لأعمال أكبر وأكثر طموحًا