الفنانون يتضامنون.. أزمة جيمي كيميل وجدل حرية الإعلام في أمريكا

أسماء مندور

في واقعة هزّت الإعلام الأمريكي، وجدت شبكة ABC نفسها في قلب جدل واسع بعد قرارها تعليق برنامج "جيمي كيميل لايف" مؤقتًا، إثر تعليقات ساخرة أطلقها مقدمه جيمي كيميل عن مقتل الناشط السياسي تشارلي كيرك.

القرار، الذي جاء تحت ضغط محطات البث ولجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، سرعان ما تحوّل إلى قضية رأي عام أعادت النقاش حول حدود حرية التعبير في الولايات المتحدة، وخاصةً حرية السخرية السياسية.

بداية الأزمة

الأزمة بدأت منتصف سبتمبر الحالي حين تناول جيمي كيميل حادث مقتل تشارلي كيرك أثناء خطاب بجامعة في ولاية يوتا، رابطًا الجريمة بجماعة MAGA الداعمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تصريحات كيميل وُصفت من جانب محطات ناقلة للبرنامج بأنها "تجاوز للحدود" في وقت حساس سياسيًا، فامتنعت عن بث الحلقة، لتدخل بعدها لجنة الاتصالات الفيدرالية على الخط، ملوّحةً بإجراءات ضد المحطات بدعوى أن كيميل "ضلل الجمهور"، ما دفع شبكة ABC لإصدار قرار تعليق البرنامج "إلى أجل غير مسمى"، قبل أن تتراجع بعد ستة أيام فقط.

إرث المواجهات مع ترامب

بحسب واشنطن بوست، القضية تجاوزت حدودها المباشرة، لتعيد للأذهان إرث المواجهات بين ترامب والإعلام الساخر منذ وصول الأول إلى البيت الأبيض عام 2016، حيث كان هدفًا دائمًا لبرامج مثل "ساترداي نايت لايف" وستيفن كولبير، وجيمي كيميل نفسه.

وكشفت الصحيفة أن ترامب ناقش مع مسؤولين إمكانية استخدام وزارة العدل أو لجنة الاتصالات للضغط على هذه البرامج، بل واقترح ملاحقة بعضها قانونيًا باعتبارها "دعاية انتخابية متخفية"، ورغم أن تلك المساعي لم تُترجم إلى تشريعات، إلا أنها عكست رغبة واضحة في تقييد النقد الساخر.

موجة تضامن فني وإعلامي

في المقابل، جاءت ردود الفعل من الوسط الفني والإعلامي قوية، فقد وقّع أكثر من 400 شخصية بارزة، بينهم توم هانكس، ميريل ستريب، جنيفر أنيستون، وروبرت دي نيرو، على رسالة مفتوحة نظمتها جمعية الحقوق المدنية الأمريكية، معتبرةً تعليق البرنامج "لحظة مظلمة لحرية التعبير"، وفقًا لمجلة فارايتي.

فيما نشر فنانون آخرون مثل بن ستيلر وواندا سايكس وجين سمارت بيانات دعم علنية، مؤكدين أن ما قاله كيميل يندرج في صميم حرية التعبير، بل دعا بعضهم إلى مقاطعة ديزني المالكة لـ ABC احتجاجًا على ما وصفوه بـ"الرضوخ للضغوط السياسية".

الدستور في مواجهة الضغوط

قانونيًا، يظل التعديل الأول للدستور الأمريكي ضمانة راسخة لحرية التعبير، بما يشمل السخرية السياسية، لكن يرى مراقبون أن الواقع الإعلامي الأمريكي يشهد تحولات مقلقة مع تزايد نفوذ المعلنين والجهات التنظيمية.

وبالنسبة لمؤيدي قرار التعليق، فإن تعليقات جيمي كيميل لم تكن مسؤولة في سياق من التوتر السياسي والعنف المتصاعد، في حين يرى معارضوه أن ما حدث يفتح الباب أمام "رقابة سياسية ناعمة" تختبئ خلف شعارات مثل "المعايير المهنية" أو "الحساسية المجتمعية".

انعكاس للاستقطاب الأمريكي

نيويورك تايمز ترى أن الأزمة عكست في جوهرها حجم الاستقطاب السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة؛ فأنصار ترامب يعتبرون أن الإعلام الساخر يتعمد تشويههم وتقويض خطابهم، بينما يرى آخرون أن هذه البرامج تشكل أداة محورية للرقابة الشعبية على السياسيين.

وبالنسبة للفريق الثاني، فإن المساس بها يهدد أحد أعمدة الديمقراطية الأمريكية، ورغم عودة البرنامج سريعًا، إلا أن الجدل الذي أثارته الواقعة قد يبقى طويلاً، باعتبارها حلقة جديدة في معركة مفتوحة بين حرية التعبير وضغوط السياسة والإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية.