شهد مهرجان صيف الزرقاء العربي المسرحي في الأردن لحظة استثنائية هذا العام، بعدما خطفت مسرحية "كونتينر" الأضواء وحولت مشاركتها إلى حدث بارز في المشهد المسرحي العربي، إذ تمكن العمل من تحقيق إنجاز نادر بحصده أربع جوائز كبرى دفعة واحدة.
فقد حصلت الفنانة مريم حسين على جائزة أفضل ممثلة عن أدائها المؤثر، فيما نال الممثل كُميل العلي جائزة أفضل ممثل، بينما حصد الكاتب عباس الحايك جائزة أفضل نص، وتُوج المخرج عقيل الخميس بجائزة أفضل إخراج، ليؤكد العرض تفوقه في مختلف عناصره الفنية.
وقد جاء هذا النجاح بدعم من هيئة المسرح والفنون الأدائية، ما أتاح تقديم العمل بصورة احترافية وترك بصمة واضحة في المهرجان.
ويعود جانب من هذا التميز إلى الجهود التدريبية التي خضع لها فريق التمثيل، بقيادة الممثل حسن العلي الذي أشرف على تدريب الممثلين وصقل أدواتهم، وهو ما انعكس على قوة الأداء فوق خشبة المسرح وتجسيد الشخصيات بعمق وإقناع.
المسرحية تناولت قضية اللاجئين في قالب درامي مكثف، حيث دارت الأحداث داخل حاوية معدنية تُستخدم كمأوى مؤقت لزوجين يعيشان صراعًا بين ذاكرة مثقلة بالمآسي والاعتقال، ورغبة عارمة في النسيان وبدء حياة جديدة. ومن خلال هذا الفضاء الضيق، استطاع النص أن يستحضر معاناة إنسانية تتجاوز حدود المكان والزمان، لتصبح قصة عالمية عن النزوح والأمل.
كتب النص عباس الحايك بوعي إنساني عميق، جامعًا بين الرمزي واليومي، فيما أضفى إخراج عقيل الخميس بعدًا بصريًا وحسّيًا لافتًا، من خلال توظيف الإضاءة والموسيقى والإكسسوارات البسيطة التي حولت "الكونتينر" من مجرد فضاء مسرحي إلى رمز للحياة المؤقتة والهشاشة، لكنه أيضًا مكان يفيض بالأمل.
أما الأداء التمثيلي، فقد منح النص والإخراج قوة إضافية؛ إذ جسدت مريم حسين شخصية الزوجة بانفعالات مؤثرة وحضور طاغٍ على الخشبة، بينما قدّم كُميل العلي شخصية الزوج بعمق جعلها تتقاطع مع أسئلة الهوية والكرامة ومواجهة الماضي.