السادات كان يفضل البدل القطن.. زيارة لأشهر ترزي رجالي بوسط البلد

 ميريت ماهر حلمي

في زقاق هادئ بوسط القاهرة، لا تلفت انتباهك الزينة، بل لافتة قديمة كتبت بخط يدوي: "جمال... ملابس للرجال".

واجهة زجاجية بسيطة تقف كأنها تحرس أسرار زمن ولى، وخلفها صورة باهتة لرجل أنيق يفصل بدلة للرئيس الراحل أنور السادات، تتوقف لحظة، تتأمل، وتتساءل: هل كانت هذه الصورة مشهدًا حقيقيًا من قلب هذا المكان الصغير؟

المحل لا تتجاوز مساحته بضع خطوات، لكن تفاصيله تنبض بحياة زمن مضى، ماكينة خياطة عتيقة، لفائف قماش أنيق، وأرشيف من الذكريات المتوارثة، جعلت من هذا المكان ما يشبه متحفًا للذوق والتاريخ، لا مجرد دكان.


داخل المحل، التقيت بابن المؤسس، رجل بسيط، يشع من كلماته مزيج من الفخر والحنين. قال مبتسمًا:

"المكان ده ورثته عن أبويا... كان بييجي له خواجات من كل الجنسيات: يهود، فرنسويين، طليان، يونانيين، أرمن... وكان الباشوات كمان بيفصلوا هدومهم هنا، زي فؤاد باشا سراج الدين وأخوته"، هكذا قال: ممدوح جمال الدين

ثم أضاف بفخر:أنور السادات نفسه كان زبون عند أبويا لأكتر من 18 أو 19 سنة، وكان دايمًا يختار القماش "القطن."


كل ركن في محل "جمال" يروي حكايةلا شاشة عرض ولا أضواء مبهرة، بل صمت يليق بقدسية الذكريات، وأشياء ما زالت تقاوم النسيان.

في زمن تسارعت فيه الموضة وتراجعت فيه الحِرفة، يظل هذا المحل الصغير في قلب العاصمة شاهدًا على عصر من الأناقة الصامتة والقصص التي لم تُروَ إلا على ألسنة الخياطين.