فاطمة خير تكتب: الاستدامة الرقمية.. ما الذي يمكن أن تقدمه النساء؟

فاطمة خير

ما الذي يمكن أن يقدمه "الذكاء الاصطناعي" للنساء؟ بل ما الذي يمكن أن تقدمه النساء إلى عالم "الذكاء الاصطناعي"؟ وما علاقة ذلك بـ"الاستدامة الرقمية"؟

أسئلة تنوعت الإجابات عليها من خلال جلسات وفعاليات متنوعة في "أسبوع الاستدامة الرقمية الأول" الذي نظمه "الاتحاد من أجل المتوسط"، وقدم من خلاله نماذج متعددة ومتنوعة لإنجازات حققتها نساء من دول البحر المتوسط، في عالم الذكاء الاصطناعي في مجالاتٍ عدة، بل وقدم جوائز للتأكيد على القيمة العلمية والعملية للحلول التي قدمنها من خلال أفكار ذكية وقابلة للتطبيق.

يشهد هذا العالم منافسة تتميز فيها النساء، على عكس المتصور بأن التمثيل الأكبر فيه هو للرجال، لكن التجارب التي تم عرضها في المؤتمر( ضمن فعالياته الأُخرى) تثبت وجود متميز للمرأة في هذا العالم، بل أنه مجال مناسب لتميز المرأة، لما قد يتضمنه من ظروف قد تكون مناسبة لعمل النساء لوجيستياً.

التقدم الرقمي المتسارع عالمياً، كان هو الدافع للعمل على وضع خارطة طريق لأجل "ابتكارات رقمية أخلاقية ومستدامة" في منطقة البحر المتوسط، ومن الطبيعي أن يلعب الصحفيون دوراً في هذا الأمر، وكذلك الباحثين، لكن البارز هو إطلاق "جوائز المرأة في الذكاء الاصطناعي"، والتي استهدفت نساء رائدات استطعن ابتكار وتنفيذ مشروعات بأدوات الذكاء الاصطناعي ولها أثر اجتماعي ملموس، وذلك في إطار إلقاء الضوء على على قضية المساواة بين الجنسين في الفضاءات الرقمية.

ومما يدعو للفخر، فوز نساء عربيات بجوائز عدة:

جائزة "المبادرة الأكثر استدامة في مجال الذكاء الاصطناعي"، وحصلت عليها: إيناس حافي - تونس، الشريكة المؤسسة ومديرة العمليات في منصة ARSELA، وهي منصة أتمتة لا تعتمد على البرمجة، تمكّن المؤسسات من تصميم وإطلاق وتوسيع نطاق تطبيقاتها بسهولة وبتكلفة منخفضة.

جائزة "المشروع الأكثر تأثيرًا اجتماعياً"، وحصلت عليها: صفاء عياد، رائدة أعمال اجتماعية – فلسطين ، الشريكة المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمنصة “فرص”، وهي منصة رقمية تقودها نساء وتربط الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفرص مهنية متنوعة.

جائزة "الابتكار الأكثر إبداعًاً، وحصلت عليها بترا عوض، عالمة لبنانية لما بعد الدكتوراه ومطورة في جامعة لايدن بهولندا، تقف وراء مشروع 1-DREAM، وهو مجموعة أدوات قائمة على تقنيات التعلم الآلي لتحليل واستخراج الهياكل الخيطية من قواعد بيانات فلكية ضخمة.

ولأن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الاقتصادات، والمجتمعات، وهو ما ستكون الصحافة وكل أفرع قطاع الإعلام لاعباً رئيساً فيه، وستتأثر به أيضاً، فالجميع يعرف كيف بدأ التأثير علينا بالفعل في فرص العمل: ما اختفى منها، وما هو في سبيله للاختفاء، وما سيتولد كفرص جديدة ربما لم نكن نعرف عنها، التحدي إذن حقيقي، لكنه أيضاً مفعم بالأمل في قدرتنا على خلق عالم أفضل وشروط عمل أكثر إنسانية، هو تحدي إيجابي يخلق شغفاً افتقده أغلب العاملين في هذا المجال عالمياً منذ سنوات لأسبابٍ عدة.


في هذا الإطار لا يمكن إغفال ضرورة تمكين النساء بكل السُبل الممكنة، كي يجدن فرصهن في عالم يحتاج الدخول إليه، إلى تدريبات كثيرة ونوعية، حتى يكن قادرات على المنافسة في سوق العمل الصحفي والإعلامي، وفي سبيل ذلك – ولأسباب متنوعة، أعلن الاتحاد خلال هذا الأسبوع،الإطلاق الرسمي للشبكة الأورومتوسطية للصحفيات.

وفي سبيل تحقيق استدامة رقمية، تراعي الأبعاد الأخلاقية، وتساهم في بناء المجتمعات في عالمٍ يتغير بسرعة، لا يمكن إغفال التحديات التي يتسبب فيها الذكاء الاصطناعي، فيما يتعلق بانتشار الأخبار المضللة، وكل ما يتعلق بالاستخدام الضار للبيانات، وللتطبيقات الضارة، وهو ما يستدعي ضرورة سرعة وضع وتفعيل المواثيق الأخلاقية والقوانين والآليات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي.


لم يعد العالم قريةً صغيرةً وحسب؛ بل ربما أن الجميع يجلس في الغرفة نفسها، فإما أن ننجو معاً..أو يدمر كلٌ منا الآخر، بالأدوات نفسها.