محمود صالح يكتب: صناعة الجدل الإعلاني.. "دقو الشماسي نموذجا"

دعونا نتفق أن أحد أهم أهداف الحملات الإعلانية هي جذب انتباه الفئة المستهدفة، ثم اهتمامها ومن ثم رغبتها وأخيرا شراء المنتج أو الخدمة أو تبني فكرة الحملة الإعلانية.

ومن أحد أدوات جذب انتباه الفئة المستهدفة إثارة الجدل وفي رواية أخرى "الدعاية السلبية" إلا أن استخدام هذه الوسيلة عملية محفوفة بالمخاطر لأن إثارة الجدل من خلال الدعاية السلبية عندما يرتبط بطبيعة المنتج أو الخدمة يؤدي بالضرورة إلى أضرار جسيمة على مستوى قيمة العلامة التجارية وتصور الجمهور المستهدف حول المنتج كذلك يضر بقدرة المنتج أو الخدمة على المنافسة بشكل كبير والأمثلة على التأثير السلبي لاستخدام الدعاية السلبية كثيرة على سبيل المثال شركة الملابس الداخلية التي اعتمدت هذا المنهج خلال الأعوام الماضية في حملاتها الإعلانية أضر كثيرا بقيمة العلامة التجارية الخاصة بها لدرجة أن الجمهور أصبح يخجل من ظهوره كمستخدم لمنتجات الشركة بالرغم من جودة المنتجات، تخيل معي أن أسلوب الدعاية السلبية نفر الجمهور من ارتباطه بالمنتجات وغض الطرف عن جودتها.

إلا أنه هناك آلية أخرى أكثر ذكاءا في التعامل مع مكون إثارة الجدل من خلال الحملات الإعلانية هو التعامل بحرفية كبيرة بحيث يكون عنصر إثارة الجدل لا يرتبط بطبيعة المنتج أو الخدمة أو مقدمه وأن يكون الجدل منصب فقط على التوجه الإعلاني بحيث يكون مكون إثارة الجدل وسيلة لجذب الانتباه وإدارة التنافس مع الحملات الإعلانية المنافسة وهذا ما حدث مع حملة المطور العقاري التي عمدت إلى استخدام الفنانة ملك الحسيني في الحملة الإعلانية وباستخدام أغنية الفنان الراحل عبد الحليم حافظ بمعالجة مثيرة للجدل مبنية على طريقة الأداء والغناء للإعلان وكأنها تؤدي الإعلان على طريقة أبناء “Egypt” وهم الجمهور المستهدف وليس أبناء مصر.

إلا أن ذكاء القائمين على الحملة لم يتوقف عند حد إثارة الجدل فقط بل امتد إلى إدارة الجدل من خلال أكثر من خطوة:

الأولى: عدم مقاومة الجدل المثار على منصات التواصل الاجتماعي من الجمهور حول أداء الفنانة ملك الحسيني للإعلان على أن الجدل قادم من أبناء مصر وليس "Egypt” ، والواضح أيضاً التنسيق مع الفنانة ملك في تجاهل التعليقات السلبية على الحملة من ناحية أخرى.

الثانية: الحسابات الرسمية للمطور لم تركز على بث الحملة الإعلانية مع وقت طرحها وبثتها من يومين فقط على حسابها علي منصة الفيس بوك ولم تنشرها حتى الآن على حسابها على منصة إنستجرام واعتمدت على استخدام مخرجات أخرى للحملة، وكأنها تعلن أننا غير مسؤولين عن حالة الجدل وفي نفس الوقت بث مكثف تلفزيوني لاستكمال حالة إثارة الجدل وجذب الانتباه

الثالثة: إدارة الجدل والصخب بهدوء من خلال التعامل مع جدل جمهور منصات التواصل الاجتماعي والرد على قانونية استخدام المصنف الغنائي وغيرها من الأخبار

والحقيقه أن استخدام مكون إثارة الجدل عملية محفوفة بالمخاطر وكأنها كالمشي على الحبل الخطأ بسمعة العلامة التجارية أو على أقل تقدير بوقف بث الحملة وهو ما حدث خلال السنوات الماضية مع أكثر من حملة، وفي تقديري المتواضع هي وسيلة نلجأ لها حينما يفقد منتجنا قدرته على المنافسو وفرض نفسه على الجمهور واستغرب بشدة أن قيمة العلامة التجارية للمطور العقاري قوية وعريقة لا تحتاج إلى مثل هذه الأدوات ولكن هذا هو اختيار الفريق التسويقي والذي احترمه بشدة رغم تحفظي علي المخاطرة و تداعياتها.


نرشح لك: محمود صالح يكتب: موسم إعلانات رمضاني باهت