محمود صالح يكتب: موسم إعلانات رمضاني باهت

يأتي الموسم الإعلاني الرمضاني هذا العام في بدايته خالي من أي أفكار إبداعية إلا من رحم ربي، مجموعة حملات لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة اعتمدت على تصور إبداعي بدون الاعتماد على عمل غنائي ترويجي، إلا أن الملاحظات الأولية على ما تم بثه حتى الآن هي:

أولا: دعونا نتفق أننا أصبحنا نتعامل مع الموسم الإعلاني على أنه جزء لا يتجزأ من محتوى رمضان الإبداعي سواء كنا مختصين أو جمهور عادي، وهنا تكمن المشكلة والمعضلة المستمرة معنا لمواسم سابقة وهي غياب وجود دور للفرق المسؤولة عن التسويق في الشركات المعلنة وتذهب السيطرة بشكل كامل للفريق الإبداعي ومخرجين الوكالات الإعلانية، ومع غياب دور المسوقين ينفرد المخرجين والفريق الإبداعي بإدارة الدفة في اتجاه حملات إعلانية قد تكون صورتها جيدة وأغانيها مسموعة ولكنها بلا تأثير تجاري على الشركات المعلنة.

ثانيا: آفة حارتنا هي التقليد الأعمى لنجاحات الآخرين، حينما نجح البنك الوطني في إنتاج أعمال غنائية تحفيزية على مدار خمسة أعوام هرعت شركات وبنوك أخرى لتحذو نفس المسار بشكل مكرر وباهت أقرب لمسخ بلا طعم، إلا أن هذا العام تأثير العمل الغنائي للبنك الوطني كان جيد للغاية وروحه إيجابية جدا مع محافظتهم على شكل صورة مميزة على مدار الأعوام الخمسة الأخيرة.

ثالثا: شركات الاتصالات هربت من ترويج قوة خدمتها وجودتها وتنافسية عروضها التسعيرية التي تعاني من تحديات كبيرة إلى نموذج باهت من الأعمال الغنائية اعتمد على عنصرين أساسيين، الأول هو الارتكان إلى تأثير خدمتها على المستهلكين مثل (الكلمة الحلوة - اللمة - ساعة السعادة) وشركة واحدة خرجت عن هذا السياق لكن بتصرف أكثر سوءا قدمت عملا غنائيا يصف جمال المصريين يعني بتوصف الجمهور المستهدف، فالحقيقة تصرف غير مفهوم. والعنصر الثاني حشد أكبر عدد من النجوم المؤثرين لعل وعسى تسحب البساط من المنافسين إلا أن المنافسة خرجت من الشركات وذهبت إلى فريق إنتاج الأعمال الغنائية، ولكل لسخرية القدر أن نفس فريق صناع الأعمال الغنائية مشارك في أكثر من عمل منافس في نفس الوقت وهذا أمر يدعو للدهشة، ويؤكد أن إدارة المشهد هي للفرق الإبداعية والوكالات الإعلانية وليس للفريق التسويقي للشركات.

رابعا: شركات التطوير العقاري لم ينجح أحد في خطف الأنظار إلا الشركة التي استعانت بجورجينا، كان دور الفريق التسويقي واضحا للغاية من اختيار النجم ولغة الإعلان التي تخاطب الفئة المستهدفة بامتياز.

خامسا: استخدام الأعمال الدعائية الغنائية أصبحت مساحة تنافس للفنانين بعيد عن تأثيرها التجاري علي المعلنين، عمرو دياب يدخل السباق الرمضاني بعملين وأحمد سعد وأصالة بأكثر من عمل وكأننا خرجنا من المنافسة بين الألبومات الغنائية إلى المنافسة بين الأعمال الغنائية الدعائية، وأصبحت الغلبة لدور الفنان على حساب التأثير التجاري للحملة من خلال ظهور نجوم غائبين عن الساحة بأعمالهم لكن مشاركين في أعمال غنائية ترويجية.

إلا أنه لا بد من الإشادة باختيار الفنان أكرم حسني لأحد حملات شركات الحلويات حتى مع كون الحملة تعتمد في الأساس على عمل غنائي إلا أنه رشيق للغاية والرسالة الإعلانية واضحة والعلامة التجارية أخذت مساحة جيدة ومتوازنة، وأداء الفنان أكرم حسني كان جيدا للغاية.

سادسا: لا بد من أن نشير إلى غياب دور واضح ومؤثر للفرق التسويقية هيدفع السوق الإعلاني إلى ركود وكساد كبير لأنه عاجلا أم آجلاً لن تلجأ الشركات للحملات الإعلانية بهذ الشكل لغياب تأثيرها التجاري على أعمالها، ولنا في مشهد الحملات الإعلانية للمؤسسات الخيرية عبرة.

نرشح لك: فاطمة خير تكتب: كاميرا المرأة.. العالم بعيون تبحث عن المعنى

تابعنا كيف كان يتسم بزخم وقوة كبيرة قبل خمسة أعوام ونتيجة لغياب دور واضح للفرق التسويقية للمؤسسات وسيطرة الوكالات الإعلانية على المشهد أضحى الآن سوق الحملات الإعلانية للمؤسسات الخيرية باهت وفقير للغاية سواء على مستوى الأفكار أو قوة البث، وهذا مشهد قابل للتكرار في أكثر من سوق سوء المطورين العقاريين أو غيرها من الأسواق وقريب جدا.