صدور الترجمة العربية لرواية "هابيل سانتشيت.. قصة شغف"

صدر عن دار ميتافيرس برس للنشر والطباعة والتوزيع في الشارقة، رواية (هابيل سانتشيت - قصة شغف) للكاتب الإسباني ميغيل دي أونامونو، نقلها إلى العربية المترجم أكرم سعيد.

وهي الرواية التي كتبها أونامونو خلال أصعب مراحل حياته وتعتبر من أكثر رواياته مرارة وإثارة، حيث تتجلى كآبة وجوده في سوداويتها. تقدم الرواية العوالم النفسية العميقة لدى شخصية بطلها خواكين مونيغرو الطبيب الحاسد الذي ينتهي إلى مصير مأساوي، مستلهمة من قصة قتل قابيل لشقيقه هابيل بسبب الحسد الذي كان يكنه له، بعد أن تم قبول قربان هابيل ولم يتقبل قربانه .

نرشح لك: إبراهيم عبد المجيد: بعت زجاجة زيت لشراء أكل لأولادي

وهي تعبر عن وجهة نظره في علاقته بمحيط ، خاصة مع صديقه هابيل الذي يكن له حسدا كبيرا. نشرت أول مرة عام 1917 ولم تنجح ثم ترجمت لعدد من اللغات فعرفها الجمهور الأوروبي اشتهرت بعدها في أوروبا وإسبانيا. عثر بين أوراق خواكين مونيغرو بعد وفاته على شيء شبيه بالمذكرات حول الشغف الكئيب الذي ينهش روحه خلال حياته، تمتزج في الرواية مقاطع مقتبسة من اعترافات كما أسماها وتتخذ شكل تعليقات يقوم بها خواكين نفسه حول آلامه وكانت اعترافات موجهة لابنته.

ضمن توجهها لرسم ملامح جديدة للسيكولوجية والهندسة النفسية والاجتماعية للإنسان في أي زمان ومكان. تقدم دار النشر روايتها التي تحكي عن صديقين عرفا بعضهما منذ الطفولة المبكرة. هما هابيل سانتشيت وخواكين مونيغرو. وفي الخطوات الأولى من حياتهما ظهرت التمايزات بينهما. خواكين شاب جدي يهتم بالدراسة يعيش حياة صارمة ويطمح لتحقيق جوائز دراسية عالية، وهو يفعل ذلك فعلا من خلال جديته في الدراسة. على الجانب الآخر لا يبدو هابيل سانتشيت شغوفا بالجدية في الدراسة وهو يهرب من صفوفه ويحب المغامرة والتسلية والرسم. خواكين وبحكم جديته الصارمة لا يتمتع بحضور كما هابيل عند الناس، مما يولد حسدا في نفسه تجاه صديقه الذي يقابله الناس بالحب والاهتمام.

يحب خواكين ابنة عمه هيلينا ويعرفها على صديقه هابيل الذي يقوم برسمها بلوحة تحقق نجاحا وشهرة، ويهتم كلاهما ببعضهما والذي سرعان ما يتحول إلى علاقة حب، الأمر الذي يعزز حسد خواكين على هابيل كونه يحب هيلينا. بعد فترة يتزوجا ويشعر أنهما قاما بذلك ازدراء به. وتغلي في كيانه عاطفة الحسد مجددا. وقد أهداهما في حفل زفافهما مسدسين مطليين بالذهب.

كتب خواكين عند زواج هابيل وهيلينا: "شعرت كما أن روحي قد تجمدت والجليد يضغط على قلبي، كان ذلك كلهب من الجليد ويصعب علي التنفس، لقد أكتسب كرهي لهيلينا صلابة وقساوة وبشكل خاص لهابيل لأنه في الحقيقة كان كره، كره بارد تمتد جذوره في النفس بأكملها".

وعند ولادة هيلينا لابنها كتب خواكين: "عند الولادة شعرت أنني أتأجج كرها، لقد أرسل في طلبي للعناية بهيلينا أثناء الولادة، ولكني اعتذرت لأنني لا أقدم الرعاية في عمليات الولادة وهذا صحيح، ولأني لست قادرا على البقاء بدم بارد وبالأحرى بدم متجمد أمام ابنة عمي في حال تعرضها للخطر، ولكن الشيطان أغواني بشدة للذهاب بمعاينتها وخنق الرضيع خلسة، تغلبت على تلك الفكرة المثيرة للإشمئزاز".

وفي مكاشفة مع نفسه يكتب: "لماذا كنت حاسدا وسيئا جدا؟ ما الذي فعلته لاكون هكذا؟ وأي حليب قد رضعت؟ هل كان سحرا مشروبا للكره؟ هل كان سحرا مشروبا من الدم؟ ولماذا ولدت في أرض الكراهية؟ في أرض يبدو مبدؤها. أكره الجميع كما تكره نفسك لأني قد عشت أكره نفسي لأننا هنا جميعا نعيش كارهين لبعضنا البعض". وتتابع مسارات حياتهما بالتقاطع حتى تصل إلى مراحل خطرة تخص حياة حفيد مشترك بينهما وتنتهي بجريمة غير معلنة وسط أزمة ضمير يعيشها مرتكبها.

يعتبر ميغيل دي أونامونو 1864 - 1936 فيلسوفا وكاتبا إسبانيا من أهم المفكرين والكتاب في إسبانيا في القرن العشرين درس الفلسفة والآداب وقام بالتدريس في جامعات إسبانية. في عهد ريفيرا نفي إلى فرنسا حتى سقوط النظام العسكري. قرر بعدها الابتعاد عن الوسط السياسي. في الحرب الأهلية في إسبانيا انحاز للإنقلابيين ولكنه رفضهم لاحقا بعد معرفته بما قاموا به. عاش في نهايات عمره منعزلا محبطا، أطلق عبارته الشهيرة: "قد تنتصرون ولكنكم لن تكونوا مقنعين". من مؤلفاته الشعور المأساوي بالحياة ورواية ضباب والخالة تولا والقديس مانويل بوينو شهيدا.