"صنع في إنجلترا".. هكذا يوثق مارتن سكورسيزي رحلة صناع الأفلام بمهرجان برلين 2024

تستمر الاستعدادات للنسخة الـ 74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي 2024، مع اقتراب موعده المقرر في 15 فبراير المقبل، والذي يثير اهتمام جمهور السينما العالمية في كل مكان، فضلًا عن اهتمام خاص من متخصصي صناعة السينما والنقاد الفنيين، باختيار إدارة المهرجان باقة مميزة ومختلفة أيضًا من الأفلام العالمية، التي تتميز بالشمولية والاختلاف والتنوع.

ينافس في مسابقة المهرجان الرسمية هذا العام 20 فيلمًا على جائزة "الدب الذهبي"، سيتم عرض 19 منها لأول مرة عالميًا، بالإضافة إلى تمثيل إنتاجات من 30 دولة، من المقرر عرضها خارج المسابقة الرسمية، منها الفيلم الوثائقي "صنع في إنجلترا" الذي سيحتفل صناعه بعرضه العالمي الأول كجزء من عرض خاص في مهرجان برلين السينمائي الدولي في فبراير، قبل عرضه الأول في المملكة المتحدة كجزء من مهرجان غلاسكو السينمائي في مارس المقبل.

نرشح لك: 20 فيلما يتنافسون في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي 2024

صنع في إنجلترا

رغم عدم اختياره في المسابقة الرسمية، لكن يعتبر الكثيرون مشاركة فيلم "صنع في إنجلترا: أفلام باول وبريسبرغر" (Made in England: The Films of Powell and Pressburger) حدثًا مهمًا في مهرجان برلين 2024، ذلك لأنه ليس فيلمًا عاديًا، على حد تعبير مجلة فارايتي، التي وصفت الفيلم بأنه "نظرة سكورسيزي الشخصية والمؤثرة لاثنين من أعظم صانعي الأفلام في السينما البريطانية".


"صنع في إنجلترا" هو فيلم وثائقي طويل عن صانعي الأفلام البريطانيين مايكل باول وإيمريك بريسبرغر، يرويه المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، من إخراج ديفيد هينتون، وتدور أحداثه بشكل أساسي حول باول وبريسبرغر، اللذان عملا معًا على مدار 18 عامًا، ويحظيان بتقدير كبير لاستخدامهما المبتكر للتحرير والمؤثرات الخاصة والألوان، والذي كان في ذلك الوقت بمثابة "ابتكار ونظرة مستقبلية للغاية".

من خلال الإنتاج والكتابة والإخراج، قدم مايكل باول (المتوفى عام 1990)، وإيمريك بريسبرغر (المتوفى 1988)، كثيرًا من أبرز الأعمال الكلاسيكية الرائعة من العصر الذهبي البريطاني؛ منها "الحذاء الأحمر"، و"النرجسي الأسود"، و"مسألة حياة وموت"، و"حياة وموت الجنرال بليمب"، والتي يصفها مارتن سكورسيزي بأنها أفلام "عظيمة، وشاعرية، وحكيمة، ومغامِرة، وعنيدة، مليئة بالجمال، ورومانسية للغاية، ولا يوجد مثيل لها على الإطلاق".


رحلة مارتن سكورسيزي

على مدار الفيلم، يأخذ مارتن سكورسيزي الجمهور في رحلة شخصية للغاية، موضحًا كيف كان مفتونًا بأفلامهما منذ صغره، وكيف ساعدا في تشكيل صناعة الأفلام الخاصة به، وكيف تركت صداقته اللاحقة مع مايكل باول علامة لا تمحى على حياته الخاصة، ويتضمن العمل مواد أرشيفية نادرة من المجموعات الشخصية لـ باول وبريسبرغر وسكورسيزي أيضًا، بالإضافة إلى سرد القصة باستخدام المذكرات والتسجيلات الصوتية والأفلام المنزلية واللقطات الشخصية، وبالطبع الأفلام نفسها.

في حوار مع مجلة فارايتي، قال سكورسيزي عن المشروع: "ما زلت أجد أن معرفة مايكل باول شخصيًا لمدة 16 عامًا شيئًا استثنائيًا، فطوال تلك الفترة، لم يكن مجرد داعم لي، بل كان مرشدًا، يدفعني للأمام، ويمنحني الثقة والجرأة والشجاعة"، تابع مشيرًا إلى أنه شاهد الأفلام التي صنعها باول مع إيمريك مرارًا وتكرارًا، لكن تجربة الإثارة والغموض التي حصل عليها منهما ليست باقية في ذهنه فحسب، بل تتعمق مع مرور الوقت، مختتمًا حديثه قائلًا: "لا أعرف كيف يحدث ذلك، لكن بالنسبة لي، فإن أعمالهما تمثل حضورًا رائعًا، ومصدرًا دائمًا للطاقة، وتذكيرًا بماهية الحياة والفن".

المشروع الحلم

في مقدمته عام 1991 لكتاب "سهام الرغبة": أفلام مايكل باول وإيميريك بريسبرغر" الصادر عام 1985 للمؤرخ السينمائي البريطاني إيان كريستي، يوضح سكورسيزي من وجهة نظره الشيء الذي يجعلهما مصدر إلهام موضحًا: "لقد كانا المخرجان المستقلان الوحيدان اللذان تمكنا من العمل ضمن النظام، والاستمرار في إنتاج أفلام تجريبية حقًا".

بدوره، قال مخرج الفيلم ديفيد هينتون: "أفلام باول وبريسبرغر من أكثر الأفلام البريطانية التي تحظى بإعجابي، وكان العمل مع مايكل باول في الثمانينيات من أكثر التجارب الممتعة في حياتي المهنية، وفي رأيي لا يوجد مخرج سينمائي معاصر أُعجب به أكثر من مارتن سكورسيزي، ولا أحد يمكنه أن يتحدث عن باول وبريسبرغر بشغف وتجربة وبصيرة أكثر منه، وعندما تجمع ذلك مع المواد الأرشيفية النادرة التي عثرنا عليها، ستعرف لماذا يعد هذا المشروع حلمًا بالنسبة لي".