أحمد فؤاد مخرج النقطة العميا: اخترت أسماء الشخصيات بعناية ولهذا السبب أفضل مسرح القاعة

نادرا ما تشاهد عمل فني وعقب الانتهاء من مشاهدته تجد نفسك تغوص داخل أعماقك لتبحث عن النقطة العمياء داخلك لتتعرف عليها وعلى سبب وجودها داخلك وكيفية التغلب عليها أو علاجها هكذا نحج صُناع العمل الفني المُتميز "النقطة العميا" فيما لم ينجح فيه الكثير فلا يستطيع أن يُنكر من شاهد هذا العمل الرائع تأثيره الفعّال عليه وعلى إثارة الأسئلة داخله.

"إعلام دوت كوم" حاور المخرج أحمد فؤاد حول سبب اختياره لنص "العُطل" لتقديمه في عرض مسرحي "النقطة العميا"، واختياره للفنان نور محمود تحديدا لبطولة العرض، وأسباب تخليه عن الزمان والمكان في العرض، وسبب تكرار عرض أعماله بمسرح غرفة، وهل ذلك له علاقة بانتمائه لمركز الإبداع، والعديد من القضايا الأخرى وفيما يلي أبرز التصريحات:

المُمثل لديه قدرة على فعل أي شئ والفنان نور محمود نجم دراما تليفزيونية ولديه طاقة للعمل بالمسرح ويجب أن نحترم ذلك كمسرحيين ويكون لدينا أمانة شديدة في التعامل معه حتى يعتاد على مجهود المسرح وطاقته فالمسرح يتطلب مجهود أكثر بكثير من الدراما أو الوقوف أمام الكاميرا بشكل عام.

اختيار نور محمود لبطولة "النقطة العميا" كان فيه مُخاطرة تتطلب تدريب كبير وقد كان على استعداد تام لهذا التدريب وكافة الملاحظات التي جعلتنا نخرج في أفضل صورة مُمكنة ولا يُمكن أن يعتقد أحد بأن العرض أولى تجاربه المسرحية وكأنه صاحب تجارب مسرحية عديدة مكنته من الوقوف وسط زملائه في العرض بقوة ورزانة على الرغم من أن الشخصية التي يُقدمها صعبة ومُركبة.


"العرض مأخوذ عن نص "العطل" لفريدريش دورينمات وتسمى اللُّعبة الخطرة واخترت هذه الرواية تحديدا لحاجة في نفسي وهي أننا نظرا للتطور الكبير الذي يحدث في حياتنا أصبح عقلنا يعمل طيلة الوقت دون تفكير فرأيت أننا مقسومين لنصفين ما بين الضمير والعقل فالتكنولوجيا والسرعة جعلت العقل طوال الوقت الحاكم الأساسي ولا يُعطي الضمير فرصة حتى للتفكير ليمحي أي خطأ يفعله الإنسان فالعقل يُصور لنا صورة شديدة المثالية عن شخصيتنا التي تكاد تكون غير حقيقية مما جعلني أفكر في تسمية العرض بـ"النقطة العميا" لأن هذا الاسم يأتي من ذلك المنطلق .

أخذت من الرواية الخط المرتبط بـ اللعبة وبدأت أفكر فيما أريد إيصاله من تلك اللّعبة فكنت أريد القول إنه من الضروري أن يعمل ضميرنا بنفس قوة عقولنا لأن العقل هو من يرسم الصورة الحقيقية التي نُدركها فيجعلنا صادقين.


العرض فيه دلالات على كافة المستويات بداية من الأسماء وصولا للملابس والديكور فاسم بطل العمل "آدم" دلالة الإنسان و"الدكتور عادل" دلالة العدل و"الدكتور كمال" دلالة الشخص الذي يسعى للكمال و"حكيم" دلالة الحكمة ورُمانة الميزان الذي حكم في النهاية لكننا قدمنا هذه الدلالات دون تغريب للنص والعمل الفني حتى لا يكون بعيدا عن الجمهور وفي الوقت ذاته لا يفقد العرض عالميته لأنه مرشح لتمثيل مصر في مهرجانات عديدة حول العالم فمن الضروري أن تكون مفرداته البصرية واللغوية قريبة من الجمهور غير المصري ويستطيع فهمها ببساطة.

لست من مدرسة المسرح التعليمي أو التلقيني الذي يُلقن الجمهور الإجابة أو الدروس المُستفادة من العرض فأحب دائما مستويات الإدراك المُتعددة لذلك فلا أُبرز الدلالات لنجعل الجمهور هو من يفهمها خاصة وأن لدينا أكثر من مستوى للإدراك.


أنا خريج مركز الإبداع وبداياتي المسرحية كانت على مسرح قاعة وهو تحدي أكبر بكثير من التقليدي فقرب الجمهور يجعله معنا طيلة الوقت بكافة التفاصيل ومنغمس في التجربة أكثر وجزء من اللعبة فله تكنيك خاص كما أنني من عُشاق السينما والكادرات الضيقة والتكوينات السينمائية القريبة وأرى دائما أننا نستطيع فعل ذلك على المسرح فيكون فيه تقطيعات السينما وتكون تقطيعات حية.

أبحث دائما عن الممثل الذي يعرف حدود عمله جيدا ويجتهد كثيرا وطموحاته ليس لها سقف ويدخل كل تجربة وكأنها تجربته الأولى ولديه خوف وشغف المرة الأولى وهذه المرحلة تأخذ مني وقتا طويلا لأن ما أبحث عنه أصبح عُملة نادرة لأنني ابني فريق عمل يستطيع تحقيق رؤيتي التي أريدها ليضيف لها فالمسرح عمل يومي ومن الضروري حُب المُمثل لزميله الذي يقف أمامه وهو سبب تكرار بعض العناصر في عروضي مثل الفنان أحمد السلكاوي فهو مُمثل مثالي يتناغم بشّدة مع تركيبة الشخصية التي يُقدمها ويستطيع احتواء الممثل الذي أمامه ويضيف له.

أفضل رد فعل من قبل الجمهور هو حضوره بشكل مُكثف خاصة وأن الحملات الدعائية للعروض المسرحيه ليست قوية ورغم ذلك فقد حضر كامل العدد بل وبجمهور إضافي منذ اليوم الأول والجمهور هو من يُبلغ بعضه وهذا دليل على جودة المُنتج.

نرشح لك: أحمد السلكاوي: أكملت الرباعية مع أحمد فؤاد و"النقطة العميا" نص صالح لكل المجتمعات