هادية غالب والحرب على غزة.. هل عملت حاجة فعلا؟!

خلال الساعات الماضية كان اسم هادية غالب متداول بشكل كبير عبر منصات التواصل الاجتماعي، مرفقا بهشتاج "هادية عملت حاجة"، وذلك بسبب موقفها من القضية الفلسطينية واستغلال منصة "إنستجرام" التي تمثل مصدر عمل لها، كمنصة إعلامية تخاطب من خلالها الغرب وتعرفهم بالقضية، وتعلن عن دعمها للفلسطينيين في حرب الاحتلال على أصحاب الأرض.

كيف تصدرت هادية غالب الترند؟

بدأ اسمها يتم تداوله مساء أمس بشكل كبير، بعدما نشرت عبر خاصية القصص المصورة بموقع تبادل الصور والفيديوهات "إنستجرام"، صورة لها وأرفقتها بتعليق باللغة الإنجليزية جاء فيه: "أنا خائفة على عملي وكل أعمالي التي ضحيت بكل حياتي من أجلها ولكن لا يهم.. الأهم من ذلك الله والحقيقة أولا".


تلك التدوينة جعلت الناس ينتبهون إلى حساب هادية غالب على إنستجرام -والذي تستغله دائما لنشر ما يخص عملها من مشروعات وكل ما يتعلق بالموضة والأزياء- فوجدوا أنها تشارك عدد كبير من الفيديوهات والصور المؤثرة عن غزة وتعرف بالقضية الفلسطينية باللغة الإنجليزية، كما ترفقها بتعليقا بالعربية تعبر عن دعمها للقضية ووقوفها بجانب فلسطين.


الاستفادة من مقارنتها بموقف محمد صلاح

المتابع لرأي غالبية الجمهور المصري عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الشهور الماضية، فيما يتعلق بالأخبار الخاصة بهادية غالب أو ما يتم تداوله عنها، يرى أنها كانت محط سخرية واستهزاء بسبب فيديوهات "الاستايلينج" التي تقدمها إلى متابعيها، وهي عبارة عن فيديوهات تظهر فيها وتبدأ في ارتداء ملابس معينة حسب ذوقها الشخصي وتنصح الفتيات بالطريقة الأفضل لاستخدام كل قطعة.

تلك الفيديوهات كانت تثير سخرية المتابع المصري، ويعتبر ما ترتديه "غالب" في أغلب فيديوهاته أشياء غريبة لا مكان لارتدائها في المجتمع. والبعض يرى أنها سيدة تمتلك أموالا تصرفها في اللا شيء، بالإضافة إلى كونها شخصية من عالم فانتازي تنتمي للموضة ولا تختلط بحياة المصريين الصعبة. وبرز ذلك الرأي وقت تداول مقطع فيديو لها قبل أعوام تحكي فيه معاناتها في رحلة الصعود، التي كانت تتحدث فيه عن طبقة اجتماعية أعلى من غالبية المجتمع، فاعتبروا حديثها رفاهية مبالغ فيها وليست قصة معاناة.

لكن الموقف تحول تماما في انطباعات الناس عنها منذ أمس، وذلك بسبب موقفها الداعم لفلسطين. والأمر الذي زاد من تحسين صورتها أمام متابعي السوشيال ميديا، هو مقارنتها باللاعب محمد صلاح الذي التزم الصمت منذ بداية الأحداث، ويتعرض لانتقادات شديدة وانقسام كبير في الرأي حول موقفه وتأثيره على القضية. كذلك الاهتمام بالدور الفعال للمؤثرين ومن يمتلكون منصات فعالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثير ذلك على المجتمع الغربي وإيصال رسالة مغايرة لما يقدمه المجتمع الإسرائيلي، جعل من هادية غالب التي كان المجتمع يراها معبرة عن الرفاهية فقط، فتاة قوية تدافع عن رأيها وتتخذ موقفا قويا في قضية تهم العرب والإنسانية بشكل عام.

ذكاء هادية غالب في التسويق

في الحقيقة هادية غالب ليست فتاة ساذجة كما يراها البعض، فهي في سن 27 عاما، وتمتلك واحدة من كبرى شركات الإنتاج الإعلامي واستشارات الموضة وخدمات العلاقات العامة في العالم العربي. وشركتها لها فروع في مصر ودبي -التي تفضل هادية العيش بها- وواحدة من أبرز رائدات الأعمال في مصر خاصة في مثل سنها.

تتمتع هادية بذكاء كبير وشديد، فهي تعلم بالضبط ماذا تريد من السوشيال ميديا وما هدفها، فيديوهاتها الغريبة عن اللبس وحديثها عن الموضة وعالم المكياج جذب إليها التفاعل نتيجة الغرابة التي تقدمها بالنسبة للكثيرين.

وحققت في ضربة تسويقية كبرى، مبيعات كبيرة واهتمام بشخصها وما تقدمه، من خلال طرحها لفكرة البوركيني الذي انتشر بشكل كبير بين طبقات المجتمع، والذي يتخطى سعره حاليا آلاف الجنيهات.

هل قدمت هادية شيء بالفعل للقضية الفلسطينية؟

لكن هل هادية قدمت شيئا فعليا للقضية الفلسطينية مثلما روج هشتاج "هادية عملت حاجة؟"، بالتأكيد نعم، ولكن ليس بتلك الصورة التي صورها رواد مواقع التواصل الاجتماعي. كل كلمة عن القضية ستصل للإعلام الغربي هي بالتأكيد مؤثرة وتحقق شيئا مهما بالنسبة للتعريف بحقيقة ما يحدث على أرض فلسطين، وتقديم صورة عن قوات الاحتلال التي يتضامن معها الغرب والمجتمع الدولي.

بحسب ما شاهدت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما قدمه المؤثرون منذ بداية الأحداث، فـ هادية غالب لم تقدم جديدا ولا المؤثر الكبير جدا، بل أن هناك بعض المؤثرين على تلك المواقع اتخذوا موقفا أقوى، منها التبرع لجهات كثيرة تدعم القضية ومشاركة كيفية التبرع عبر منصاتهم، ومحادثة الغرب بلغات أجنبية وتقديم فيديوهات بلغات مختلفة منذ اليوم الأول للأحداث وبدأ الهجوم على غزة من قوات الاحتلال.

بعض المؤثرين حاولوا تقديم الدعم الفعلي على أرض الواقع، وذهبوا لمساعدة الهلال الأحمر المصري الذي يقدم يحاول تقديم المساعدة الإنسانية لإغاثة أهل غزة بصورة عاجلة. بل أن البعض اشتبك ودخل في صراعات مع جهات فضلت الصمت والتزام الحياد في الأيام الأولى من الأحداث، منهم من هاجم ماكدونالدز بعد موقف دعم "ماكدونالدز إسرائيل" لجيش الاحتلال، وظل يحاول إثنائهم عن الصمت وتقديم مساعدات هم أيضا للجانب الفلسطيني.


هادية غالب لم تعلن عن تبرعها علانية لتشجيع غيرها على ذلك. لم تفعل سوى الحديث عن تأثير موقفها الداعم من القضية الفلسطينية على عملها و البيزنس الخاص بها، وفقدانها متابعة شخصيات مهمة لحسابها بسبب موقفها للأحداث، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة حول شخصية هادية غالب، هل هي بالفعل صادقة في موقفها وتتحدث بتلقائية، أم أنها تحاول استغلال الموقف في جذب مزيد من المتابعين والتعاطف لها وتزويد "ريتش" حسابها والذي تأثر مثلما تأثر الجميع بموقف الجهات المسؤولة عن تلك المنصات ودعمها لإسرائيل؟!

صرحت "غالب" لصحيفة "المصري اليوم" بأنها لن تعلق على تصدرها مواقع التواصل الاجتماعي لأن موقفها لا تسعى به لتكون ترند، لكنها عادت وتحدثت عن عملها وفقدانها للمتابعة وهو الأمر الذي يجعلنا نتوقف عنده.


وجهة نظر

أرى أن هادية غالب تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، لأن البعض لم يكن ينتظر موقفا منها، فهي بالنسبة لهم الفتاة المرفهة التي تتحدث عن المكياج والملابس ولن تُدخل نفسها في دائرة الخلاف حولها وتخسر شعبية أو تعاون في العمل. كما أن تأثير غياب موقف محمد صلاح والجدل حول موقفه جعلها في مقارنة معه دون تعمد منها، لأن المهتمين بالقضية أكدوا على ضرورة أن يكون لكل مؤثر موقف ودعم للقضية بأي طريقة كانت. وبالتأكيد هادية غالب قدمت شيئا لكنه شيء في وسط أشياء كثيرة قدمها آخرين، فلم تقدم جديدا أو الشيء الذي أحدث تغييرا في القضية.