أندرو محسن يكتب: إذا حدث إضراب لكتاب السيناريو في مصر.. ماذا ستكون المطالب؟

أندرو محسن

أغلب المهتمين بصناعة السينما الهوليوودية، قد سمعوا من قريب أو بعيد عن إضراب الكتاب (Writers Strike) والمنظم من قبل رابطة كتاب السيناريو الأمريكيين (Writers Guild of America). تعددت الأسباب وراءه، وإن كان أبرزها مطالبات خاصة بتعديل العائد المادي للمؤلفين لإعادة عرض المسلسلات، بعد تضاؤل العرض التلفزيوني والاتجاه للمنصات، كما طالبوا بعدم إلغاء الغرف المخصصة للكتاب لتطوير الحلقات التجريبية (Pilot) والتي كانت توفرها شركات الإنتاج مسبقًا قبل المنصات، وكان المقابل المادي لها أفضل.

الإضراب الذي بدأ في شهر مايو الماضي، يتسع ويزداد تأثيره على صناعة الصناعة السينما والترفيه بشكل عام، خاصة بعد انضمام رابطة الممثلين للإضراب أيضًا (SAG-AFTRA)، ليؤثر ذلك على خريطة تصوير أو عرض العديد من المسلسلات والأفلام الشهيرة التي ينتظرها الجمهور، هذا بجانب توقف عدد من البرامج الترفيهية اليومية أيضًا، وأشهرها “SNL”. بل وصل الأمر إلى انسحاب الممثلين من السجادة الحمراء لأفلامهم.

نرشح لك: أندرو محسن يكتب: فيلم تاج.. أهو البطل الخارق الذي نريده أم الذي نستحقه؟

طوال متابعة تداعيات هذا الإضراب، دار في ذهني إن كان يمكن أن نشهد إضرابًا مشابهًا في مصر، وماذا ستكون المطالب؟

لا للـ30 حلقة

اعتاد المشاهد طوال عدة سنوات على مشاهدة أعمال تمتد إلى 30 حلقة، وكانت هناك شكوى سمعناها كثيرًا من وجود تطويل غير مبرر أو بطء في الأحداث لعدة حلقات، والسبب هو عدم قدرة كتاب السيناريو على صناعة الثلاثين حلقة بنفس الجودة، أو لعدم مناسبة الفكرة من الأساس لهذا العدد من الحلقات.

مع انتشار المنصات مؤخرًا وظهور الكثير من الأعمال العربية عليها، شاهدنا التحرر من هذا القالب، وصارت المسلسلات تقدم في 15 حلقة وأحيانًا 6 حلقات أيضًا، وانتقل هذا لمسلسلات رمضان أيضًا، وشاهدنا عدة مسلسلات مكونة من 15 حلقة فقط، ساعد هذا نسبيًا على تقديم أفكار منوعة وأعطى مساحة للكتاب لعرض إبداعهم بما يتناسب مع الأفكار التي يودون تقديمها. وإن كنا لا زلنا نجد في الأعمال ذات الحلقات الأقل أيضًا حلقات غير مؤثرة، ولكن الأمر تحسن نسبيًا مقارنة بالقالب القديم.

لا للقيود الرقابية

ربما ستكون السطور التالية مكررة، ولكن بما أننا لا نجد تحسنًا حقيقيًا فلا ضير من إعادة الكلام. توجد الكثير من القيود الرقابية لدينا، يمكن إجمالها بشكل ما في الثالوث الشهير: الدين والجنس والسياسة.

في السنوات الأخيرة، بتنا نشاهد بعض الأفلام العربية التي تُعرض خارج بلادها في مهرجانات دولية، وتُمنع من العرض في بلد إنتاجها العربية، مثلما حدث مع فيلم “بابيشا” الجزائري إخراج مونيا مدور، أو فيلم “ريش” المصري إخراج عمر الزهيري، والذي عرض داخل مصر فقط في مهرجان الجونة السينمائي لكنه لم يعرض تجاريًا.

أسباب المنع تختلف في كل مرة، وإن كان على الأقل صناع هذه الأفلام حظوا بفرصة صناعتها وعرضها ولو في الخارج، بينما تقف القيود الرقابية أحيانًا في وجه صناعة الكثير من الأعمال من الأساس، وربما يُضطر كتاب السيناريو إلى تغيير بعض التفاصيل في أعمالهم في حالة رغبتهم في خروج العمل للنور، لكن بالتأكيد لن تكون النتيجة النهائية مرضية لهم كما كانوا يودون.

لا لتدخل النجوم

لا يخفى على كثيرين تدخلات بعض النجوم في سيناريو الأعمال بالإضافة أو الحذف، فعكس ما يجب أن تسير عليه الأمور في الصناعة، المسلسل أو الفيلم يبدأ من الفكرة ثم تأتي بقية تفاصيل العمل، وفي حالة صناعة عمل ناجح متكامل فإن النتيجة تصب في مصلحة النجم بالتأكيد، والعكس صحيح.

نقرأ كثيرًا عن تدخلات النجوم في سيناريوهات أعمالهم، وإضافة شخصيات لصالح ممثلين أو ربما إضافة بعض المشاهد الجديدة لممثل أو ممثلة بعينهم أثناء تصوير العمل.

هنا تجب الإشارة إلى أمر مهم، إذ أن قياس ردود أفعال المشاهدين على الأعمال أثناء عرضها، وتعديل بعض تفاصيل المسلسل هو أمر يحدث في المسلسلات الأمريكية بالفعل، ولكن غالبًا ما تُدرَس طريقة توسعة دور الشخصية الناجحة دون الإخلال بالعمل ككل، ودون أن يبدو الأمر مجرد دقائق إضافية على الشاشة ليس لها تأثير إيجابي على الدراما نفسها.

كذلك فإن التعديلات، إن كانت في مصلحة العمل بالفعل، يجب أن يشترك فيها عدة أطراف، منهم كتاب السيناريو والمخرج والإنتاج بشكل أساسي، لا أن يخضع الأمر فقط لرغبة بطل أو بطلة العمل.

لا لمصطلح “ورق”

أخيرًا، ربما يرغب كتاب السيناريو في تعديل مصطلح “ورق” الذي صار البديل الرسمي لكلمة “سيناريو”. كلمة “ورق” تجعل الموضوع يبدو سهلًا، وغير ذو قيمة، إنه مجرد ورق، وليس سيناريو بُذل فيه مجهودًا حقيقيًا وأعيدت كتابته عدة مرات ليصل إلى الصورة الأفضل. لن نجد على الإطلاق كاتب سيناريو يُطلق على نفسه كاتب “ورق”، لا أدري من ابتدع هذا المصطلح، لكنه صار موجودًا بقوة حاليًا: نعاني من أزمة “ورق”، أقرا حاليًا “ورقًا” جديدًا، عندي “ورق” جيد، وهكذا.
قد يكون هذا المطلب هو الأقل أهمية مقارنة بما سبق، لكن يمكن النظر إليه من زاوية أنه يمنح كتاب السيناريو حقًا أدبيًا يستحقونه، فهم مهنة شديدة الأهمية والصعوبة، ولا يجب النظر إليها باستخفاف.

بقليل من المجهود يمكن أن نجد المزيد من المطالب التي سيرفعها كتاب السيناريو إذا قاموا بإضراب، لكن دعونا نكتفي بهذه المطالب كبداية.