فيلم "باربي" يثير أزمة حدودية بين الصين وفيتنام.. ماذا حدث؟

أسماء مندور

“نفد العالم من اللون الوردي”، هذا ما قالته سارة غرينوود، مصممة إنتاج فيلم “باربي”، أثناء حديثها عن كواليس إنشاء خلفية مبهجة مثالية للفيلم، مؤكدةً أن العمل على ذلك تطلب الكثير من اللون الوردي لدرجة أنه أدى إلى نقص عالمي في هذا الطلاء.

لكن على الجانب الآخر، لا تبدو الصورة الوردية لعالم “باربي لاند” الخيالي مبهجة دائماً، وإنما أثارت العديد من المشكلات في عدة دول، أبرزها منع عرضه في دور السينما في فيتنام بسبب مشاهد تتضمن خريطة تصور “خط القطاعات التسعة”، أو “خط الفواصل التسعة”، وهو ترسيم حدود مُتنازع عليه لمطالب الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، ومن ثَم توالت الأزمات تباعاً.

نرشح لك: راسل كرو ساخرا من سؤاله عن “2 Gladiator”: سأتلقى أموالاً على الإجابات

ترسيم الحدود

منعت فيتنام عرض فيلم “باربي” في دور السينما، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية في البلاد، بعد عرض خريطة تحتوي على الأراضي التي تطالب بها بكين في بحر الصين الجنوبي، إذ يُقال إن الفيلم الأمريكي يعرض مشهدًا به خريطة تُظهر ما يُسمى “خط القطاعات التسعة”، وهو ترسيم يُستخدم في الخرائط الصينية لتوضيح مطالباتها بأجزاء كبيرة من بحر الصين الجنوبي.

وبحسب ما أفادته شبكة CNBC الأمريكية، فإن بحر الصين الجنوبي يُعد طريقًا تجاريًا حيويًا يربط المحاور الرئيسية للتجارة في جنوب شرق آسيا، في حين تُعد فيتنام مجرد واحدة من العديد من الدول التي تعارض هذه الادعاءات، لافتةً إلى أنه تم عرض النزاع على تلك الأراضي على محكمة دولية في لاهاي في عام 2016.

وقضت محكمة تسوية المنازعات الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) في لاهاي في عام 2016 بالإجماع ضد صلاحية خط القطاعات التسعة، وأسفر عن رفض مطالبات الصين بمعظم بحر الصين الجنوبي، ورغم أن التحكيم في هذا الصدد نهائي وملزم، إلا أنه لا توجد آليات واضحة لتنفيذه، حيث قالت الصين إنها لا تعترف بالقرار، مؤكدةً أنها لم تقبل الحكم.

مطالبات مماثلة

في السياق ذاته، تدرس السلطات في الفلبين قرارًا بشأن ما إذا كانت تنوي اتباع خطى فيتنام في حظر فيلم باربي للمخرجة جريتا جيرويج لنفس أسباب نزاعات الحدود، حيث تمتلك الفلبين، على غرار فيتنام وبروناي وماليزيا، مطالبات في بحر الصين الجنوبي، وتدحض بشدة مطالب الصين بالمنطقة البحرية بأكملها تقريبًا.

بشأن هذا القرار، قال السيناتور الفلبينى فرانسيس تولينتينو، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في تصريح لوسائل إعلام محلية في البلاد: “إذا تم تصوير خط القطاعات التسعة بالفعل في فيلم باربي، فإنه يتعين على مجلس مراجعة وتصنيف الأفلام والتلفزيون فعل نفس الشيء لأنه يتعارض مع مبدأ السيادة الفلبينية”.

وبحسب معلومات مجلة فارايتي، فقد نشر مجلس مراجعة وتصنيف الأفلام والتلفزيون في الفلبين بيانًا على موقعه الإلكتروني قال فيه إنه يدرس تصنيف الفيلم، موضحاً أن اللجنة تُجري بالفعل مداولات بشأن طلب شركة وارنر براذرز للحصول على تصريح للعرض، في حين قال بعض المسؤولين بأنه في حالة السماح بذلك، يجب أن تتضمن دور السينما الفلبينية “كحد أدنى” إخلاء صريح من المسؤولية بأن خط القطاعات التسعة هو “نسج من خيال الصين”.

أهمية استراتيجية

رغم أن الموضوع يبدو للوهلة الأولى بأنه مبالغ فيه، أو يثير الاستغراب بسبب كل تلك الضجة بسبب فيلم، لكن ربما يحسم الجدل حقيقة أن بحر الصين الجنوبي يحتوي على بعض من أكثر ممرات الشحن استخداماً في العالم، فضلاً عن مناطق صيد غنية وموارد معدنية.

وعليه، فقد عززت الصين مطالبتها بالسيطرة على المنطقة من خلال تكثيف الشعاب المرجانية واستصلاح الأراضي المحيطة بالمد والجزر البحرية التي تبعد مئات الأميال عن ساحلها القاري. في حين يشتبك خفر السواحل الفلبيني بانتظام مع أساطيل القوارب الصينية التي يُزعم أنها سفن صيد.

لكن يزعم آخرون أنها جزء من محاولة واسعة لتخويف المناطق المجاورة، كما تتقدم فيتنام بشكاوى متكررة حول السفن الصينية التي تعمل على مقربة من منصات إنتاج النفط البحري في المياه التابعة لـ فيتنام، وفق ما ذكرته BBC.

السينما والنزاعات الدولية

رغم الجدل الكبير، إلا أن فيلم “باربي” ليس أول فيلم يتم حظره في فيتنام لتضمينه صورًا للخريطة المعنية التي تُظهر خطًا على شكل حرف U “ذو تسع فواصل”، والذي يعكس مطالبات الصين أحادية الجانب والمتنازع عليها في مساحات من بحر الصين الجنوبي، وإنما تم بالفعل حظر فيلم “Uncharted” من بطولة توم هولاند العام الماضي، وكذلك فيلم “Abominable” عام 2019 لنفس السبب.

ويشهد فيلم باربي، الذي حقق بإعلاناته الترويجية نسب مشاهدات قياسية، تأجيلاً أيضاً في الشرق الأوسط وصالات السينما العربية حتى نهاية أغسطس المقبل، وذلك بحسب ما كشفته الصفحة الرسمية لسينما فوكس في كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولبنان.

الفيلم من إخراج غريتا جيرويج المرشحة مرتين لجائزة الأوسكار، ومن بطولة مارجو روبي وريان غوسلينج، وتدور قصته حول عروسة باربي التي تعيش بسعادة في عالم “باربي لاند” الخيالي، لكنها تُنفى إلى العالم الحقيقي وتضطر لمواجهة البشر، ومن المقرر عرضه في 20 يوليو الجاري.