ذهب للسياحة وظل عالقا بالحرب.. يوتيوبر مصري يوثق رحلة هروبه من السودان

هروبه من السودان

هالة أبو شامة هروبه من السودان

لم تكن رحلة سفره من أسوان للخرطوم وحدها شاقة، وإنما كانت رحلة هروبه منها عقب اندلاع الصراع في السودان هي الأصعب في حياته على الإطلاق، وبدلا من أن يشارك متابعي قناته على “يوتيوب” بجولاته السياحية، شاركهم بلحظات ترقب وخوف من مصيره المجهول.. هكذا وثق أحمد البدوي، مغامرته المحفوفة بخطر الإصابة أو الموت في السودان.

معاناته أثناء سفره من مصر للسودان

البداية كانت من الفيديو الذي طرحه يوم 11 أبريل، بعنوان “أصعب رحلة سفر في حياتي.. 36 ساعة بالبر من مصر للسودان”، حيث أوضح فيه أنه قرر السفر عن طريق البر، ليخوض التجربة التي يعيشها الكثيرين يوميا للتنقل بين البلدين سواء كانوا مصريين أم سودانيين، إلا أنه عانى الأمرين.

نرشح لك: “بلاش أفورة”.. محمد الباز: 14 ألف سوداني فقط دخلوا مصر

 

أوضح “البدوي” في لقطاته أن الصعوبات التي عاشها تمثلت في أنه لم يكن يتخيل أن الطريق يستغرق كل ذلك الوقت المشار إليه سابقا للوصول من أسوان للخرطوم، عكس ما كان ظاهرا له على “خرائط جوجل”، والسبب هو كثرة الحقائب وتكرار عمليات التفتيش في حدود كل دولة، هذا بجانب اضطراره للنوم في الحدود السودانية على سرير بسيط غير مريح في العراء.

 

تفاصيل إقامته بين دوي الرصاص وأعمدة الدخان

الأيام الأولى من رحلته السياحية كانت موفقة، إذ استعرض الشوارع وتحدث عن عاداتهم وتقاليدهم، إلا أنه لم يمر يومين حتى حدث ما لم يكن في الحُسبان، إذ تحولت المدينة لساحة كبيرة للقتال على السلطة، مما أدى لإغلاق المحال التجارية والمطاعم والتزام المواطنين بالمكوث في منازلهم وعدم خروجهم إلا للضرورة القصوى تجنبا للرصاص الطائش المتطاير في الأجواء.

حال أحمد البدوي، الرحالة ذو الـ 23 عاما، لم يختلف عن غيره من المتواجدين بالمدينة، إذ اضطر أيضًا للالتزام بالبقاء في البيت وتحول المسكن الذي كان قد استأجره للمبيت فيه خلال رحلة استجمامه، إلى مكان يحتمي فيه من المناوشات التي كانت تجري على مقربة من منزله، ورغم أن دوي صوت الرصاص الذي كان يسمعه بوضوح لم يهدأ للحظة، وأعمدة الدخان التي كان يراها تشق السماء من نافذة غرفته لم تتبدد، إلا أنه طمأن محبيه ومتابعيه بأن منزله في الجانب الآخر من المدينة وبعيدا نسبيا من الأماكن العسكرية التي كان يدور فيها الصراع.

 

مع مرور الوقت، عانى “البدوي من انقطاع دائم للكهرباء ولم تكن تأتي إلا باستخدام مولد يعمل بالبنزين، وبسبب نفاذ الماء والطعام لديه اضطر للمخاطرة والنزول للبحث عن “سوبر ماركت” يمكن من خلال شراء ما يساعده على البقاء حيا حتى يستطيع أن يجد وسيلة تمكنه من العودة إلى مصر، ووثق أيضًا تلك المغامرة بمقطع فيديو طرحه بعنوان “مصري في شوارع الخرطوم أثناء الاشتباكات”، تلاه مقطع آخر بعنوان “ماذا يحدث في السودان بعد 5 أيام من الاشتباكات على أرض الواقع”.

 

تفاصيل رحلة الهروب من السودان

بحلول يوم 26 أبريل، طرح أحمد بدوي، مقطع فيديو مدته 17 دقيقة بعنوان “رحلة هروبي من السودان”، وتفاصيله كانت هي الأصعب في رحلته، وقال في بداية حديثا مؤثرا جاء فيه: “بعد 10 أيام في الخرطوم مزنوق فيهم وسط الحرب، بعد ما كنت جاي السودان عشان أصور وأوثق حياة الناس في رمضان والعيد، لاقيت نفسي في حرب.. وثقت لكم شوية من الحرب وكان نفسي أقعد وأشوف الحياة ترجع لطبيعتها والحرب تخلص، لكن طولت الحرب وبدأت تزيد، فكان لازم أمشي حرصا على سلامتي”.

انطلق “البدوي” للتخطيط لرحلة هروبه، وكشف أه واجه صعوبة لإيجاد أتوبيس يمكن أن يستقله إلى مصر، لكنه نجح في النهاية أن كرسي في أحد الأتوبيسات شاركه مع راكب آخر، رغم التكلفة الكبيرة والمبالغ فيها.. ووصف تلك الحالة قائلا: “الناس زي الزومبي، كله بيجري أول ما بيشوف أتوبيس عشان يلحق يلاقي مكان”.

بعدما استقل الأتوبيس أوضح أنه ظل خائفا طوال الطريق، نظرا لأنه كان في الصدارة ذلك الأمر الذي جعله معرضا لأي طلقات رصاص متطايرة، هذا بجانب خوفه من قطاع الطريق، لكن ما تسبب خلال رحلته في قطع الطريق هو أنه تم ردمه بالرمل، مما جعله يستغرق وقتا أطول للوصول.

بخلاف المخاطرة والخوف، أكد أن الرحلة كانت بدون طعام أو ماء، قائلا: “محدش معاه لا أكل ولا مية.. محدش أصلا لاقي في بيته”، وهو ما تكرر معه أثناء تواجده في الحدود السودانية حينما كان ينتظر دوره لختم جواز السفر الخاص به، حيث ظل لمدة 12 ساعة كاملة دون أن يشرب رشفة مياه واحدة.

بعد 18 ساعة انتظار بالحدود السودانية، تمكن من الوصول للحدود المصرية واختتم حديث قائلا: “الحمد لله الواحد رجع بلده، الهلال الأحمر واقف والناس بتوع الصحة بيستقبلوا المصاب أو اللي عنده حاجة، بيوزعوا مية وعصير وأكل، بجد الناس محترمة جدا، والتعامل قمة في الاحترام.. كل حاجة منظمة في الحدود المصرية، الدخول مكنش أسهل حاجة، بس في لحظة ما دخلنا الناس مقصرتش”.