فادي عاكوم يكتب.. فيلم "الهيبة" يعيد هيبة لبنان وسوريا

فيلم “الهيبة”

قبل الاسترسال بالقراءة واعتبار المقال مقالا استعلائيا من قبل السوريين واللبنانيين، الرجاء التروي قليلا، فالمقال لن يكون مقالا نقديا عن الفيلم، بل على العكس، سيكون مقالا عن قوة الفن والفنانين والقدرات على مواجهة أي صعوبات أو معوقات مهما كانت.

فيلم الهيبة الذي أتى بعد نجاح كبير على مستوى الوطن العربي، يعتبر تحديا بحد ذاته ويستوجب هذا التحدي تقديم الدعم له بأي طريقة ممكنة حتى ولو بالنقد البناء لأسباب عدة، فالمنتج اللبناني وهي شركة الصباح شركة لبنانية تعاني كغيرها من الشركات اللبنانية من تبعات لأوضاع الاقتصادية في هذا البلد الصغير-الكبير-، ومجرد التفكير بإنتاج فيلم بهذا المستوى يعتبر إنجازا فكيف بإنجاز الفيلم، كما أن معظم الممثلين من لبنان وسوريا، وهذا أمر بحد ذاته يستوجب التوقف عنده، فاتحاد الفنانين من البلدين في هذا التوقيت بالذات ولا أجمل، بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها البلدين.

نرشح لك: فادي عاكوم يكتب: منى واصف والغناء بأوتار الآلهة

فسوريا الجميلة تعاني من حرب داخلية منذ أكثر من عشر سنوات والفنان السوري ربما أكثر من يعاني من هذه الأوضاع لتوقف الإنتاج المحلي بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وعلى الجانب الآخر فإن الفنان اللبناني ضائع بين تأمين لقمة العيش والحصول على أمواله المفقودة من البنوك وطبعا انعدام الإنتاج المحلي، والجميل بأن الفيلم أتى بباقة من الممثلين من البلدين وكأنهم يخرجون من رحم الألم الواحد، والأمل الواحد، وهو العودة إلى الأمن والأمان والطمأنينة والسلام.

من الناحية الإخراجية فالفيلم يشد الأنفاس والمشاهد بمعظم لقطاته رغم الإطالة الغير مبررة ببعض المشاهد، خاصة مشهد تقطيب جرح جبل ومشاهد المعركة الأخيرة التي لم تكن مقنعة إلى حد كبير بسبب استمرارها لفترة أطول من المعركة لو حصلت حقيقة بالإضافة إلى الطريقة الهليودية بأن لا يموت أحد من الأخيار مقابل القضاء على كل الأشرار حتى آخرهم، كما أن الكثير من مشاهد الفيلم ولا أعلم إن كان ذلك بطلب من المخرج أو مدير التصوير شبيهة بالعديد من الأفلام الأجنبية خصوصا فيلم الغود فازر مع جلسة إدريس أمام نبتة الفلفل الحراق تشبها بجلسة الدون روبيرت دي نيرو أمام الطماطم التي يزرعها بيديه، حتى أن الكثير من المشاهد كان من الممكن الاستغناء عنها وتحويل الفيلم إلى فيلم شرقي بامتياز وليس شرقي مقلدا للأساليب الغربية، لأن الميزانية التي وضعت للفيلم ليست بقليلة وكان بالإمكان العثور على أفكار مبهرة للمتابع العربي.

 فيلم

النص بالمجمل جميل ويعتبر تكملة للأجزاء التي سبق عرضها من المسلسل، لكن كتابة النص قامت وببراعة بتخطي هذه العقبة فأتى نص الفيلم متكاملا مع فلاش باك غير متعب بل على العكس مريح جدا يضعك بالأجواء بأقل وقت ممكن، كذلك يحسب لكتاب الفيلم الحفاظ على جو الفكاهة من حين للآخر للتخفيف من أجواء العصابات والقتل والدماء والتوتر.

ويحسب للفيلم أو لصناع المسلسل من قبله، بأن المنطقة التي تقع فيها الأحداث هي منطقة عشائرية بامتياز، تمارس التهريب وتجارة المخدرات وغيره من الأمور الخارجة عن القانون لكن بضوابط تفرضها العشيرة والأصول، خاصة مسألة الثأر والشرف، لكن للصراحة أنها ليست بهذه المثالية في لبنان وربما أراد صناع الفيلم تجميل الواقع، فما يجري على الأرض غير الأفلام والمسلسلات وربما من يتابع مجريات الأمور على الأرض سيشبهها بقساوة قضية الثأر في صعيد مصر والذي يعتبر الأكثر قسوة في منطقتنا العربية.

بالإجمال الفيلم جميل ويستحق المشاهدة لكن يعاب على صناع الفيلم طرحه على إحدى منصات المشاهدة قبل توزيعه بقاعات السينما بمصر، فمصر تعتبر الخزان البشري لهذه الأعمال الذي يؤمن لها النجاح والاستمرار، لكن ردود الفعل من الذين حضروا العرض الخاص كانت جميلة جدا وتنبئ بنجاحه في القاعات المصرية.

وفي النهاية نكرر القول بأن الفيلم يعيد لبنان وسوريا إلى خارطة العمل السينمائي رغم كل ما يمر به البلدين.

 فيلم

فيلم “الهيبة”