محمد حليم بركات: أون تي في.. بداية مختلفة لنهاية غير متوقعة

بات واضحاً للكافة خلال ثورة يناير وما بعدها، أن قناة “أون تي ڤي” مختلفة تماماً عن بقية القنوات الفضائية الخاصة والمملوكة للدولة.. كان الانطباع الأول ينم عن أنها قناة الأجيال الشابة سواء على الجمهور أو الضيوف أو العاملين بها.. حيث ٨٠٪ من العاملين بها شباب في بدايات العقد الثالث من العمر.. حتى على مستوى المذيعين أنفسهم رغم أنهم كانوا في أواخر مرحلة الشباب إلا أن عقولهم وقلوبهم باتت شابة كما هي.. وهذا بحكم الانتماء إلى طاقم العمل.

١- المجلس العسكري

كان الضمير العام للأداء الإعلامي في القناة متحيز تماماً إلى فكر الشباب باعتبار أنهم الطرف الأضعف في المعادلة السياسية وقتها.. حيث كان المجلس العسكري بكونه الحاكم مسيطر تماماً على الإعلام الرسمي للدولة وبعض القنوات الخاصة التي تنتمي لفكر الدولة القديمة، وفي المقابل إعلام القنوات الدينية التي تسيطر عليه جماعات الإسلام السياسي سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين وغيرها.

الأداء الإعلامي لنجم القناة الأول وقتها “يسري فوده”، أشبه ما يمكن وصفة بالحيادي وفقاً للمدرسة التي ينتمي إليها، وهذا لم يمنعه مرات عديدة من التحيز أحياناً للطرف الأضعف لكونه في الأساس إنسان.. أما “ريم ماجد” كانت منتمية إلى الثورة قلباً وقالباً، لا شيء يعنيها سوى الثورة وشبابها لدرجة أنها قد كونت صداقات عديدة مع شباب الثورة من جميع الأطياف السياسية.. وعندما تتابع الخط الإعلامي “ليليان داوود” الأكاديمي المتميز، لا يستطيع من لا يعرفها أن يحدد هويتها السياسية، فهي من الممكن أن تقول عنها أنها منتمية إلى المهنة وحدها وليس شيء سواها.. وكان “جابر القرموطي” بحكم طبيعة برنامجه ينتمي بالأساس إلى الصحف يتناول ما يريد ويرفض ما لا يريد.. أما على مستوى البرنامج الصباحي فكانت “أماني الخياط” الثورية وقتها بحكم المناخ العام في القناة و”يوسف الحسيني” المعروف بالإعلامي الثوري المتهور آنذاك قبل أن يخصص له برنامجاً خاصاً في الفترة المسائية.. وعن “عمرو خفاجي” المذيع الهادئ مثل ضيوفه فهو مهتم بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية أكثر منا السياسية، وبحكم هذا فهو إعلامي محايد تماماً وفقاً للمادة التي يهتم بتقديمها.

٢- محمد مرسي

في مرحلة حكم جماعة الإخوان المسلمين ظل الوضع كما هو لا يذكر ثمة اختلاف سوى انفصال “يوسف الحسيني” عن برنامج “صباح أون” وتقديمه برنامج مسائي جداً وهو “السادة المحترمون” الذي ظل منتمي إلى فكر الثورة حتى رحيل الجماعة.

٣- عدلي منصور

في تلك الفترة ظل الخط الإعلامي للقناة المؤيدة لما حدث في ٣٠ يونيو كما يشبه حالة الترقب.. لكن بدون “ريم ماجد” التي قررت التوقف تماماً في سبيل الحفاظ على ثوابتها وضميرها، فهي تعلم أن وجودها في ظل ذلك الوضع الجيد سيحدث صداماً حتمياً مع القناة وفقاً لما ستتلقاه من تدخلات السلطة.. حل محلها من كان قد حلت هي محله قبل الثورة “إبراهيم عيسى” الذي بدا وكأنه جاء لتغيير وجه ووجهة القناة.
بدت كراهية “عيسى” لتيار الإسلام السياسي تتحول رويداً رويدًا إلى كراهية لشباب الثورة وأصبحت الألفاظ الخارجة ضد هؤلاء الشباب أمراً مألوفاً لديه في كل حلقة من حلقات برنامجه “٢٥/٣٠” الذي سخرت له القناة التي كانت منتمية إلى شباب الثورة أولوياتها.

٤- عبد الفتاح السيسي

حافظت “ليليان داوود” على مكانها في القناة دون تغيير في سياستها التحريرية الأكاديمية الواضحة أو في قناعتها، وتعتبر هي الوحيدة التي نجت من التحول الدرامي المثير للقناة.. بعد أن رحل “يسري فودة” دون رغبة من القناة في تمديد عقده.. ليسيطرا على القناة “إبراهيم عيسى” صاحب الرأي الأوحد والذي لا يقبل أي معارض لرأيه في برنامجه، و”يوسف الحسيني” الذي يسير على نهج “عيسى” في الأداء والمضمون والانتماء السياسي.. بعدما فشلت “أماني الخياط” في الحفاظ على مكانها جراء سقطة مهنية في حق دولة عربية، دون أن يشفع لها المجهود الكبير في التحول من خط الثورة إلى خط الدولة.

وهكذا أصبحت القناة مثلها مثل غيرها من القنوات.. وقوف مستميت في صف الدولة ومدافعة عنها بالحق وبالباطل.. وهجوم حاد على المختلفين معها.. ليخسر شباب الثورة القناة الوحيدة التي كانت تتحدث باسمهم وباسمها.