مهند المحرج يكتب: تعلموا من غازي

كنت قد قرأت منذ وقت طويل مقالاً للكاتب السعودي محمد الرطيان عن الراحل غازي القصيبي – رحمه الله – فبحثت عنه في عالم الانترنت فوجدته في منتدى قد نشر عام 2005، أي قبل عشر سنوات، وكان عنوان المقال الذي نشر أيضا في صحيفة الوطن “غازي القصيبي العقدة “، ولمن لا يعرف غازي القصيبي هو وزير سعودي سابق، وكانت الردود على المقال قد قاربت 60 رد ، وكما ذكر الرطيان في المقال أن الناس أتفقوا معه بتطرف واختلفوا معه بتطرف، وظهر ذلك جلياً في الردود، فلماذا الاختلاف الحاد على شخصية دكتور، وعميد، ومثقف، ومدير عام، ووزير، وشاعر، وسفير، وروائي ساخر – فهل تعدد سمات ومناصب الشخصية جعلته بطلاً أمام محبيه وهدفاً سهلاً للانتقاد لكارهيه، وإن كنت أرى بأن شخصية كهذه تملك أيضاً حضوراً وكاريزما يجب أن نقف أمامها ونستفيد منها كعرب بوجه خاص، فقد كان الإعلاميين يصطفون من أجل تصاريحه وأحاديثه، والبحث عن أخبار أي وزارة يتولى شؤونها حتى يخيل للمواطن السعودي بأنه لا توجد وزارة غير وزارته، وكان قد تدرج من دكتور إلى عميد مروراً بمدير عام وصولاً إلى وزير وإنتهاء بسفير.

وكان خلال هذه الرحلة المليئة بالنجاحات تارة وبعض الإخفاقات تارة أخرى كانت الرواية والشعر يرافقنه خلالها، فقد كان الدكتور الذي يقول للطلبة في المحاضرة الأولى إن رسوب أي منهم يعني فشله في تدريس المادة قبل أن يعني فشلهم في استيعابها، وهو ذلك العميد الذي جعل مكتبه مفتوح على مصراعيه ولا يوجد سكرتير ينظم المواعيد وأن حماسة الطالب لدخول الكلية تعوض عن نقص درجة ودرجتين في معدله، ومدير عام السكة الحديد الذي كان قراره الأول أن يسافر من الرياض إلى الدمام عبر القطار الذي أصبح مسئولا عنه، ووزير الصناعة الكهرباء (كانت وزارة واحدة في ذلك الوقت ) صاحب فكرة إنشاء الحوت الضخم الحالي “سابك” وتمليك المواطنين أسهم فيها والذي كان يذهب أثناء إنقطاع الكهرباء في الرياض مع فرق الصيانة إلى الأحياء لتصليح الأعطال أو الذهاب إلى مقر الوزارة ومشاركة موظفي السنترال تلقي الشكاوى الهاتفية، حتى أنه يحكي في أحد المرات قصة إتصال مواطن غاضب قال له ” قل لوزيركم الشاعر أنه لو ترك شعره واهتم بعمله لما انطفأت الرياض كلها ” فرد له ببساطة ” وصلت الرسالة “، وكان وزير الصحة صاحب الزيارات الخاطفة إلى المستشفيات فجراً ودون علم أحد فقد كان يقف في الطابور مع المراجعين حتى بدأت تظهر أساطير زيارات في نفس الوقت في أماكن مختلفة!

وأثناء عودته من أحد المدن رفقة أحد أصدقائه، أخرج صديقه ما في صدره وأعلن رفضه تصديق الزيارات الخاطفة وأنها تتم بتخطيط مسبق, فقررا الوقوف أمام مستشفى أمامهما, وأثناء مروره بالدور الرابع من المستشفى أتى الإعلاميين، وكان السفير الذي كان له دور مهم خلال حرب الخليج الكويتية العراقية وتقديراً لجهوده منحته الكويت منح وسام “الكويت ذو الوشاح من الطبقة الممتازة، وصاحب كتاب “حياة في الإدارة” الذي وضع فيه فلسفته الإدارية ونصيحته إلى كل إداري ناشئ” إن كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع” ، فلماذا لا نستفيد من تجارب شخصية كهذه مليئة بالمحطات والنجاح والأمل والألم وبعضاً من الإخفاق، فقد أحبه البسطاء وبعضاً من النخبة، وأمام أي وزير عربي فرصة للنجاح ستخلق الأساطير حوله، فهل لقلة الناجحين بيننا أصبحنا نبحث عن أي أسطورة لنتحدث عنه، فكم وزير عربي أستطاع خلال الخمسة سنوات الأخيرة تطبيق خططه للنهوض بوزارته الخدمية والقرب من رجل الشارع، الذي جل مطالبه توفير حياة كريمة لأبنائه.

اقـرأ أيـضًا:

ريهام سعيد لسما المصري: هاتي الـ10 آلاف جنيه‎

“90 دقيقة” يلغي امتحان طالبة “صفر الثانوية” ويكشف مفاجأة

خبير أمني يكشف سيناريو تزوير أوراق مريم

قناة “مجمع التحرير” .. ontv سابقا

6 مطربات ينطبق عليهن قرار نقابة الموسيقيين الأخير

ناشطات لبنانيات للمصريين: طلعت ريحتكم

كيف ظهرت القناة الإباحية على نايل سات

5 فروق بين “تامر ماسبيرو” و”أمين روتانا”

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا