أيمن عبد التواب.. عن ذلك الإنسان الذي حارب السرطان بالسخرية

مصطفى فتحي
أيمن عبد التواب
في الفترة الأخيرة فقدت واحدًا من أقرب أصدقائي، وهو الصحافي الموهوب الذي أجاد فن السخرية أيمن عبد التواب.. لكن هل كلمة فقدت دقيقة حقًا؟ الحقيقة لا، فمنذ رحلت أمي قبل أعوام قليلة وأنا أتعامل مع الموت باعتباره سفر إلى الجنة، وبأن التواصل مع من أحبهم متاحًا متى أردت ذلك.. فقط أنظر للسماء فأرى وجوهمم العطرة تبتسم لي.

مثل رجل عجوز –وأنا الذي لا زلت في مرحلة الشباب- أجلس على مقعد هزاز موجود في شرفة منزلي وأنظر للسماء وابتسم، أرى فيها دائمًا وجه “أيمن” الذي أحبتته كثيرًا رغم أنني لم أقابله سوى مرات قليلة، لكنه ترك أثرًا طيبًا في نفسي. كان هذا الإنسان –وسيظل- بالنسبة لي نموذجًا رائعًا للمحارب الذي اختار أن يواجه المرض الذي تعود البشر على الخوف من مجرد ذكر سيرته.. فعل ذلك بقكل قوة وشجاعة ورضا.
تعَود ابن “عبد التواب” أن يسخر من هذا المرض بشكل مثير للدهشة، وذلك عبر كتاباته الإنسانية التي تلمس القلب على وسائل التواصل الاجتماعي، كان يتعامل مع تجربة المرض المؤلمة بشكل يجعلك تضحك من قلبك قبل أن تلاحظ أن هذه الكتابات خلفها ألم شديد لكن صاحبها أقوى منه.

نرشح لك: قصة وفاة سيد درويش كما رواها “التابعي”

كانت كتابات “عبد التواب” الساخرة تنقل كل تفاصيل علاقته بالمرض، سواء تعامل الأطباء أو الممرضات معه، أو استعداده للحصول على جلسة علاج كيميائي صعبة، كان يفعل ذلك بموهبة رائعة في الكتابة تجعلك تتعجب من كل مشاعر الرضا التي يمتلكها هذا الإنسان ويتعامل بها حتى مع أصعب مرض يمكن أن يصاب به إنسان.

سافر أيمن عبد التواب إلى العالم الآخر قبل أيام، لكنه سيظل دائمًا في قلوب كل من أحبوه -وأنا واحدًا منهم- سيتذكرونه دائمًا بكل الخير والأمل، وسيبتسمون حين تأتي سيرته العطرة، قائلين لأنفسهم إنه كان هناك إنسان ذات مرة قرر أن يحارب السرطان بكل قوة، ويتعامل معه بالسخرية، قبل أن يقرر أن يتسامح معه ويجعله يتغلب عليه.

رحل أيمن عبد التواب لكنه سيظل بالنسبة لي موجود دائمًا، صورته الجميلة تزين سطح مكتبي.. ووجهه المبتسم مثل نجمة جميلة أراها كلما نظرت إلى السماء.. ولن أقول له أبدًا وداعًا، لكني أقول بكل حب: إلى اللقاء.