جيهان منصور: طهروا الإعلام

فى أى مهنة بالعالم، هناك معايير وضوابط بل وشهادات خبرة ودرجات علمية للحصول على الوظيفة، إلا مهنتنا الممتهنة المتسلق عليها من بعض ممن يعملون مهناً حرة ولديهم كارنيهات نقابات أخرى ويتسللون إلى الفضائيات عبر التملق وما يصطلح على تسميته «الشللية» البغيضة التى أضعفت وخربت image الإعلام، للأسف بين باقى المهن! الباحثون عن الشهرة والسلطة يتطفلون على الإعلام بحثاً عن الأضواء التى تسهل لهم أعمالهم الحرة وتمكنهم من جمع الملايين عبر مكاتبهم الخاصة، لأن «البيه صوته عالى وبيطلع يشتم المسئولين فى التليفزيون»، لذلك بيقولوا عليه «واصل» وبيتصور مع كبار المسئولين، فتصبح زيارة لعيادته بأرقام خيالية، أو رسماً هندسياً من شركته يوضع جواره ٦ أصفار، أو فتح ملف قضية فى مكتبه يدر عليه ملايين، لأن البيه مذيع!

وهذا لأن ممارسة أى مهنة حرة يتطلب كارنيه نقابة، لكن للأسف الإعلام ليس له نقابة حتى الآن، مع أن هناك نقابة لجامعى القمامة والكناسين مع احترامنا لكل المهن الشريفة، والأصل فى أى نقابة ألا يجوز الجمع بين كارنيه نقابتين معاً، لذلك أول ما نطالب به السيد الرئيس السيسى أن يتم الإسراع بتأسيس نقابة الإعلاميين حتى نتخلص من الدخلاء الذين يتخذون من الإعلام باباً خلفياً لتكديس الملايين والسبوبة ولا مانع أيضاً من جذب النساء!

وأطالب السيد الرئيس بأن يكف يد البعض عن التحدث باسمه بيننا، فحينما انتخب الشعب المصرى الرئيس السيسى، لم ينتخبوا معه هؤلاء المتسلقين الآكلين على كل الموائد، وأنا أثق فى فطنة مؤسسة الرئاسة التى تعرف الطيب من الطالح وتعرف أيضاً من يتاجر ويسترزق بصورة مع الرئيس! ونحن هنا نتحدث عن واحد من أسس الديمقراطية، أن تنتهى فوضى الحديث باسم الرئيس بين بعض مقدمى «التوك شو» الذين يخدعون بسطاء الجماهير بأن لديهم اتصالاً مباشراً مع القصر!

فهل من العقل والمنطق أن يطالب أحدهم بسحب الجنسية عن مواطن مصرى آخر ومنعه من السفر، فقط لأنه يختلف معه سياسياً؟ ولو كان الوضع هكذا، لكان الأولى أن يسقط الشعب المصرى الجنسية عن «مرسى» الذى عزلناه بثورة شعبية! والغريب أن بعض هؤلاء يتشدقون بالقانون الدولى وحرية الرأى والتعبير والمواطنة وحقوق الإنسان والمثل والقيم العليا على شاشات الفضائيات! والسؤال: هل تمتلكون صكوك الوطنية؟! من نصبكم متحدثين باسم الشعب أصلاً؟

أعتقد أننا دخلنا فى زمن الهرطقة واللامنطق وإساءة استغلال مهنة الإعلام إلى أقصى حد، وهو ما لا يمكن قبوله وفقاً لميثاق الشرف الإعلامى والصحفى وبعد ثورتين قام بهما الشعب للتخلص من إساءة استغلال السلطة والنفوذ، لكن مع عدم وجود نقابة للإعلاميين لا يمكن تحويل من يتشابكون بالأيدى فى مطار دولى إلى لجنة تأديب مثلاً وإيقافهم عن العمل وسحب الكارنيهات، لأنهم بهذا إنما أساءوا للمهنة ولأصحابها شكلاً وموضوعاً.

يا معشر الإعلاميين «الأصليين»، هيا بنا نعمل لتأسيس نقابة الإعلاميين ووضع ميثاق الشرف الإعلامى سريعاً، حتى نطهر أنفسنا من المتطفلين، الذين قتلهم الغرور وانتفخت أوداجهم لانتسابهم لمهنتنا بلا وجه حق، فلقد آن للإعلام أن يتطهر من الدخلاء.

نقلًا عن جريدة “الوطن”