7 أيام .. "روشتة" ياسر أيوب لإحياء المجلات الأسبوعية

أنس هلال – محمد عبد الرحمن

في عام 1989 مزقت رئيس القسم الدبلوماسي بالأهرام أول موضوع يكتبه الصحفي الناشئ في ذلك الوقت ياسر أيوب، في نهاية يوليو 2015 جلسنا نحن ممثلي موقع إعلام.أورج في مكتب أيوب بمجلة 7 أيام حيث كان العدد 132 قد صدر تواً لنسأله عن “روشتة” إصدار مجلة ناجحة في زمن تقمص فيه معظم الصحفيين شخصية عبد المنعم مدبولي في فيلم “مولد يا دنيا” فلم تتوقف دموعهم على زمن المطبوع الذي جبر، ليثبت لهم ياسر أيوب خلال العامين الماضيين أن لا نمط في صناعة الميديا ينتهي للأبد، وأن المعيار دائما هو المضمون.

فيما يلي محاولة لرصد أسباب نجاح 7 أيام وهي الأسباب التي لا يمكن فصلها عن أيام أيوب الأولى في المهنة التي من أجلها ترك الطب واعتزله للأبد .

موافقة بدون تفكير

تفسير ما وصلت له المجلة من نجاح حاليا يحتاج بالقطع للعودة مرة أخرى لنقطة البداية، يقول ياسر أيوب، التجربة إنطلقت حينما عرض علي الخبير الإعلاني محمد السعدي فكرة إعادة إحياء المفهوم الصحفي الحقيقي للمجلة، قالها نصاً ” عايزين نرجع المجلات بتاعة زمان”، رأيت في العرض فرصة لا تحتاج لتفكير طويل، وافقت في دقيقتين، وكان الاتفاق على الفصل النهائي ما بين الإعلان والتحرير ولم يخل أي طرف بهذا الاتفاق إلى الآن، ولأن الهدف كان اثبات قدرة المجلات المطبوعة على الصمود في سوق طغت عليه صحافة الـ on line كان القرار الأول عدم إطلاق موقع إلكتروني للمجلة، وقبل ذلك كسر المفهوم التقليدي للمطبوعة الأسبوعية، فلسنا ملزمين بأن نقسمها إلى أبواب ثابتة نملأها بأي شئ كل أسبوع، وإنما الموضوع والفكرة والمصدر الذي نحاوره هو البطل، بإختصار الأولوية كانت “للموضوع الحلو” والفكرة المبتكرة التي تستحق أن تُنشر، وهذا يجعل المهمة أصعب لكون أغلب الصحافة اليومية تعتمد على الخبر، بينما الصحافة الأسبوعية تخضع لمعايير عمق المعالجة وأفكار “بره الصندوق” حتى تحقق الاختلاف والتميز.

يقول لي صديق العمر إبراهيم عيسى دائما، أنت رايح تحج والناس راجعين

6969698

تمكين الشباب

يواصل ياسر أيوب.. تعمدت أن يكون هناك تنوع بالفئات العمرية ولكن فريق المجلة الرئيسي أغلبه من الشباب بطاقاتهم وطموحاتهم، لأني أؤمن تمامًا أن الصحافة موهبة وأن الموهوب الذي يملك الأدوات الجيدة ويسعى إلى تنفيذ أفكاره هو الذي يستحق الفرصة، والأهم أنها ليست وظيفة بل هي مهنة إذا لم تكن تحبها فلن تتقدم فيها خطوة واحدة، أكبر دليل على ذلك هو أن 70% من العاملين في المجلة هم من أتوا إليها أو إلي تحديدًا وأعطيتهم الفرصة ليقدموا ما لديهم وأثبتوا كفاءتهم الحقيقية وهؤلاء هم من قامت على أيديهم تجربة المجلة ولهذا خرجت مختلفة، والأسماء الكثيرة في “ترويسة” المجلة – 31 صحفيا ومخرجا ومنفذا- أغلبهم لا ينتمي إلى المؤسسات أو المدارس الصحفية التي كنت جزءًا منها بل تعمدت أن يكون هناك كثير من الأسماء المتنوعة في الموهبة والأفكار وإعطاء الفرصة للشباب، لأن الإستعانة بمن تربوا في مدارس أخرى تعنى أنهم سيفرضون ما تربوا عليه على المطبوعة الوليدة، لا يعني ما سبق مقاطعة المخضرمين نهائيا، بعضهم يعمل معنا والبعض اعتذر لأنه استنكر بشدة أن تكون سكرتيرة التحرير ما زالت طالبة في “تانية جامعة ” ( يقصد الزميلة ميرنا الهلباوي) ورفض المشاركة في التجربة!

الصحفي لا يمكن أن يكون موظفا يتم تقييمه بكشوف الحضور والإنصراف

(7)
فريق عمل مجلة 7 أيام – تصوير شريف عبد ربه

الطريق إلى العالمية

للأسف أغلب الصحف المصرية تقع في فخ المحلية الشديدة أو بمعنى آخر تنظر فقط تحت أقدامها، ولا يوجد هناك “شباك مفتوح” على العالم والإطلالة على ما يحدث في الخارج، ومن البداية كنا مؤمنين بضرورة الانفتاح على العالم من خلال مجموعة من الحوارات مع نماذج مؤثرة من الخارج، فكنا أول مَن أجرينا حوارًا مع مهاتير محمد مؤسس النهضة الماليزية وقدمناه بطريقة مختلفة، وأجرينا حورًا أيضًا مع رئيس تحرير مجلة “نيوزويك” وهي من أكبر المجلات في العالم والذي أعادها بعد توقف ثلاث سنوات، وأبرزنا الحوار بتصدره لغلاف المجلة، وحينما أرسلنا له المجلة فرح كالأطفال وقال إن هذه أول مرة توضع صورته غلافًا في مجلة وذلك رغم أنه رئيس تحرير واحدة من أشهر مجلات العالم، وتعددت الحوارات التي يتسابق عليها أغلب المحررين ، وغيرنا في المفاهيم الثابتة عن غلاف المجلة من أنه يجب أن يكون صورة لفنان أو لفتاة جميلة وهذا نرفضه تمامًا، نحن نختار ما نرى أنه يهم الناس ويقدم لهم ما لا توفره المطبوعات الأخرى

أعترف، نخالف القاعدة الصحفية المعمول بها عالميا بأن لا يكتب رئيس التحرير بنفسه، لكننا نعوض ذلك بأن كل الأسماء على الورق “سواسية” لا فرق بيني وبين أصغر محرر.

(4)
ياسر أيوب خلال إجراء الحوار – تصوير شريف عبد ربه

قالوا علينا ياما قالوا

عن التنوع الكبير في صفحات الرأي بالمجلة يقول أيوب، كُتاب المجلة من أيدلوجيات فكرية مختلفة وأحيانًا كل منهم على النقيض تمامًا من الآخر، فقبل ذلك كان يكتب لنا منتصر الزيات، وحاليًا نادر بكار وفاطمة ناعوت ومحمود الكردوسي والجميع يعرض وجهة نظره في مساحة الرأي الخاصة به والتنوع هو أهم سمات التغطية الحيادية، وسمعت بنفسي اتهامات أن المجلة تتبع الفريق أحمد شفيق، ورجل الأعمال أحمد عز، وبعدها أن المجلة تمول من أحمد أبو هشيمة، ولكن كل هذه الاتهامات تسقط وتتهاوى في الأسبوع التالي مع العدد الجديد، والمجلة لا تتبع أي أحد بل تؤمن جدًا بالليبرالية الصحفية وعرض جميع وجهات النظر، والانتقاد لا يعني هجومًا وحربًا مفتوحة ولا مانع من أن أنتقد مسؤول وأشيد به في العدد التالي في موقف إيجابي قام به وهذا موجود وطبيعي في الصحافة البريطانية على سبيل المثال.

أنتظر إجراء حوار مع الرئيس السيسي، وأتطلع لحوار مع أحمد شفيق ومستعد للذهاب للسجن والجلوس – كصحفي- مع المرشد

(2)
ياسر أيوب يتحدث لإعلام.أورج – تصوير شريف عبد ربه

مجلات حديثة بتاريخ قديم

هل يمكن أن تعود المجلات المصرية القديمة للصدارة مجددا، وماذا تحتاج، الروشتة التالية من عيادة د.ياسر أيوب، كتب يقول، للأسف أن تقدم مجلة وتضع فيها مواد خبرية كما يحدث في أغلب المجلات، فأنت تكتب شهادة فشلك من البداية، المجلات المصرية ما زالت تدار بعقلية 30 سنة مضت، وأنا كنت من الشباب الذين جاء بهم الأستاذ إبراهيم حجازي لبداية تجربة الأهرام الرياضي، فهل من الممكن أن تُكرر الآن نفس أدوات التجربة التي مضى عليها عشرات السنين؟، يجب التشبع بروح العصر والنظرة إلى العالم، مجلات مثل “نيوزويك” و”التايمز” جددت آليات النشر، فمثلًا الصفحة الأولى لـ “نيويورك تايمز” أصبح أغلبها كتابات رأي، لدينا عقلية في المجلات بأن القارئ سيقرأ في أي حال فلا تجد اهتمام بجودة الورق ولا في الصور والموضوعات، ومن غير الممكن أبدًا أن تظل في دائرة السيسي افتتح، الرئيس سافر، والتكثيف في هذه النوعية من الأخبار باعتبارها مواد ثابتة في المجلة، لهذا أيضًا لا تجد في 7 أيام المساحات الممتلئة بالخواطر والقصص القصيرة، أو القصص التي تُنشر على حلقات، فآلية العصر تغيرت ولن تجد هناك القارئ الذي ينتظر كل أسبوع ليتابع ما حدث في تفاصيل القصة أو الرواية، كل هذه السلبيات حاولنا مراعاتها ويجب على المجلات بشكل عام أن تطور في محتواها قبل أن يفوت الأوان تماما وساعتها قد لا يجد المالك سوى التدخل جراحيا ويستئصل أصل الورم الصحفي.

سعر المجلة أقل بكثير من تكلفتها، الإتفاق من البداية أن لا نربح مؤقتا من التوزيع، حتى تجد المجلة طريقها لأوسع قاعدة ممكنة من القراء

رئاسة تحرير الأهرام الرياضي

وسط كل النجاحات التي حققتها 7 أيام، هل لازال يحلم د.ياسر أيوب برئاسة تحرير الأهرام الرياضي، يرد بسرعة، رفضت التقديم حينما كانت الفرصة سانحة لرئاسة تحرير “الأهرام الرياضي”، ولم أفكر في أن أترك تجربة أو حلم “7 أيام”، وطوال مشواري لم أهتم أبدًا بالتعريفات والمناصب، وأثناء استضافتي في برامج تلفزيونية كنت أكتفي فقط بتعريف الصحفي أو الكاتب الصحفي، والصحفي الحقيقي لا يجب أن تعنيه المناصب ولا يسعى لها قدر ما يهتم بأن يقدم تجربة تستحق، والطبيب الشاطر هو الذي يؤدي عمله بنجاح والأهم لديه هو الإخلاص والإيمان برسالة مهنته لا أن يفكر أن يكون مديرًا للمستشفى وهكذا الأمر تمامًا بالنسبة للصحفي، ولم يأخذني تفكير طويل في مسألة رئاسة تحرير “الأهرام الرياضي” فهو بيتي أولًا وأخيرًا ولكن لم أجد الرغبة في ترك التجربة التي شعرت فيها بالاختلاف وبالروح التي لمستها من كل المتواجدين فيها، ورغبتي في الاستمرار فيها تفوق أي رغبة أو طموح آخر، كما أن الزميل خالد توحيد يبذل مجهود كبير وواضح كي تحافظ الأهرام الرياضي على مكانتها المرموقة في شارع الصحافة الرياضية العربية.

الصحافة لا تتجزأ، الوسائل هي فقط التي تختلف، لا فرق بين المطبوع والمسموع والمرئي والـ online

(10)
ياسر أيوب يتوسط الزميلين محمد عبد الرحمن وأنس هلال

اليوم الأول للوصول إلى 7 أيام

لأن البدايات مهمة جدا، طلبنا من د.ياسر أيوب خريج كلية الطب جامعة الزقازيق عام 1986 العودة للوراء، وتحديدا إلى اليوم الأول له كصحفي، كيف بدأ وأين كان، يقول رئيس تحرير مجلة 7 أيام أن البداية كانت بواسطة حصل عليها بعد عامين من التخرج وذهب بها إلى الصحفي الكبير عماد الدين أديب في مجلة كل الناس عام 1988، استقبله أديب كما ينبغى وأعطاه الفرصة للكتابة والتثقيف الصحفي والفني عن طريق أساتذة كبار في ذلك الوقت مثل صلاح حافظ وسامي السلاموني ( لم تكن هناك أي بوادر للعمل في الصحافة الرياضية حينها) ، ومن كل الناس وجد الطريق إلى الأهرام، حيث التقى الكاتب الكبير إبراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام في ذلك الوقت وطلب منه الالتحاق بالجريدة وأرسله نافع إلى مدير تحريرها سامي متولي الذي بدوره حوله إلى رئيس القسم الدبلوماسي إنجي رشدي حيث أول وأهم درس صحفي في حياته، كلفته رشدي بتغطية مؤتمر عن الحوار العربي السوفيتي عام 1989، ثلاث أيام من الحضور والمتابعة والكتابة والتدقيق، تفاصيل كل شئ كتبها على عدد كبير من الأوراق، استلمتها رشدي ومزقتها على الفور ووضعتها في سلة المهملات، الدرس كان صادما وملهما في الوقت نفسه، قالت له رشدي “هذا أول درس في الصحافة أن موضوعك قابل للتعديل والحذف والرفض والإلقاء في سلة المهملات”، يكمل أيوب “لم أنزعج كثيرا بل واصلت التحدي، موضوع تلو الأخر حتى وجدت الطريق لصفحات الأهرام” تزامن ذلك مع حاجة الأستاذ إبراهيم حجازي لصحفي قادر على الترجمة من أجل الأعداد الأولى للأهرام الرياضي، لم يكن تخصص أيوب لكنه خاض التجربة حتى عام 1994 طلب من الأستاذ إبراهيم نافع العودة من جديد للأهرام اليومي والقسم السياسي، لكن نافع رفض وقال له أنه أكثر تأثيرا عند جمهور الرياضة الكبير، كما أن القسم الدبلوماسي لم تشكو منه سفارة إسرائيل ولا مرة بينما وصلت للأهرام 4 شكاوي إسرائيلية مما يكتبه أيوب في الأهرام الرياضي، ليحترف الصحافة الرياضية ثم يقتطع منها فقرة ليست بالطويلة لإطلاق جريدة “الجيل” قبل أن يعود للأهرام الرياضي مجددا ويغادرها فقط من أجل 7 أيام .

كان من الممكن أن تطول كتابة “الروشتة” أكثر من ذلك، “صبر أيوب” الذي يتمتع به د.ياسر كان يسمح، لكن الوقت قد حان للبدء في تنفيذ العدد 133 لنعتبر ما فات جزءا أول تليه لاحقا أجزاءا أخرى.

 اقـرأ أيضـاً:

إطلاق موقع 7 أيام الشهر المقبل

“قُل”.. قِبلة الصحفيين الجديدة

متهم لمذيع الحياة: مبحبكش وشكلك رخم

سفاحو الأطفال.. قتلوا “الدُرة”.. ذبحوا “إيمان”.. وحرقوا “الرضيع”

ننشر السبب الحقيقي لوقف “قهوة” أحمد يونس  

وزير الثقافة: أحد الوزراء اشتكى من “ولاد رزق”

انتهت مسلسلات رمضان و…بدأ مسلسل “إيهاب طلعت”

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا