طارق الشناوي يكتب: نفاق الشيوخ.. جحيم الدنيا والآخرة!!. جحيم الدنيا والآخرة!!

الكذب ألوان، أبيض وأسود، نتفق أو نختلف على تجريم اللونين هذه قضية أخرى، فى كل الأحوال لا يستوى الأبيض والأسود، كما أن النفاق أيضا ألوان، هناك نفاق يقف على تخوم المجاملة، مثلا عندما تشير بـ«لايك» إلى صديقة أرسلت صورتها الجديدة على «فيسبوك» رغم أن الأمر كان يستحق منك فى الحدود الدنيا التجاهل، كل هذا من الممكن التعامل معه ببساطة باعتباره ضريبة اجتماعية لا بد من سدادها بين الحين والآخر، بينما لدينا نوع مستشرٍ من النفاق الذى يصل إلى الحاكم وأكثره ضراوة الذى يمارسه رجال الدين.

أول من أمس قرأت على صفحات «التحرير» تحقيقا يفضح تلك الممارسات بوقائع لا تحتمل الشك، نافقوا مبارك ومرسى والسيسى، مستندين إلى تفسير نص قرآنى أو حديث شريف، ومن الممكن أن يغيروا البوصلة لقراءة نفس النص برؤية أخرى ليتوافق مع مزاج الحاكم.

ليس مطلوبا من رجل الدين دائما أن يواجه السلطان، ولكن عليه كحد أدنى أن ينأى بكتاب الله عن تلك الأهواء حتى لا يُصبح النص المقدس «أوول سايز» صالحًا لكل تفسير وعكسه.

نعم، هناك دائما مسافة بين ما نعلنه وما نشعر به، من الممكن أن نتفهم ذلك فى إطاره الاجتماعى مثلما تابعنا مثلا فى فيلم «الكيت كات» إخراج داوود عبد السيد 1991 مشهدا لا ينسى، الشيخ حسنى الضرير الذى يؤدى دوره محمود عبد العزيز فى سرادق العزاء وبعد أن انتهى المقرئ من تلاوة القرآن الكريم نسى العامل إغلاق الميكروفون، وانطلق حسنى وهو يعلن بمنتهى الصدق والأريحية آراءه الصادمة فى أهل الحى.

الشيخ حسنى بالطبع رجل فقير وعلى باب الله وليست لديه حسابات شخصية ولا مصالح استراتيجية ولا علاقة له بالبروتوكول، ورغم ذلك كادت هذه الآراء أن تُطيح به، فما بالكم برجال السياسة أو البزنس أو الفنانين؟

مثلا سبق واستمع الصحفيون إلى الرئيس الأمريكى أوباما عندما لم يدرك أن الميكروفون مفتوح، وكان يتحدث إلى الرئيس الروسى السابق ديمترى ميدفيديف قبل ثلاثة أعوام وقال: «إنه عندما سيعاد انتخابه سيكون أكثر مرونة فى مواقفه السياسية». وقبلها وعن طريق الخطأ أيضا استمع الصحفيون إلى كل من أوباما وساركوزى وكانا يؤكدان عدم الثقة فى آراء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وبين الحين والآخر نتابع على «الإنترنت» تسريبات لرجال سياسة تتناقض كثيرا مع آرائهم المعلنة، هنا تلعب الضرورات والمواءمات السياسية دورها.

بين عشرات البرامج الرمضانية التى لاحقتنا فى رمضان الماضى شاهدنا المذيع اللبنانى طونى خليفة وبرنامجه «بدون مكياج» عبر قناة «القاهرة والناس»، فى مقلب آخر، الفكرة ليست جديدة سبق وأن قُدمت فى أكثر من برنامج، وهو أن تحصل خلسة قبل التصوير على آراء صادمة من ضيوفك، لتتعرف على حقيقة قناعاتهم وما يعلنونه عادة أمام الكاميرا، وبالطبع هناك دائما حسابات أخرى.

بالتأكيد تجاوز البرنامج المعيار الأخلاقى فى تسجيل تلك الآراء، لأن فريق العمل يستدرج الضيف فى غرفة «المكياج» ويوجهون إليه أسئلة وهو يجيب عنها على سبيل الفضفضة، بينما الكاميرات تسجل ما يدور خلسة، وبعد تصوير اللقاء يسأله المذيع: «هل توافق على العرض؟». عدد كبير منهم يتحرج فى منح البرنامج الضوء الأخضر.

لو عدت لأحاديث النجوم الشخصية وآرائهم الحقيقية عبر الزمان لاكتشفت هذا التباين بين المعلن والمسكوت عنه. كان فريد الأطرش مثلا كثيرا ما يعلن عن رغبته فى أن تغنى له أم كلثوم، رغم أنه فى جلساته الخاصة كان يؤكد أنها لن تغنى له لأنها تكره شقيقته أسمهان وتريد الانتقام منه، وهو رأى غريب لأن أسمهان رحلت عام 1944، وأم كلثوم وفريد عاشا بعدها 30 عاما. فهل هناك مشاعر انتقامية تستمر ثلاثة عقود من الزمان؟

على الجانب الآخر تجد عبد الحليم الذى كان كثيرا ما يصرح بأنه ينتظر على أحر من الجمر لحنا من فريد، ولكنه فى واقع الأمر يتهرب فى اللحظات الأخيرة من تسجيل اللحن، فعلها على الأقل خمس مرات ولدغ فريد من نفس الجحر فى المرات الخمس، بينما قناعة عبد الحليم أن الصوت الوحيد القادر على أداء أنغام فريد هو فقط فريد.

هل تتذكرون رواية يوسف السباعى «أرض النفاق» التى تحولت إلى فيلم سينمائى فى الستينيات لعب بطولته فؤاد المهندس وشويكار؟ البطل جرّب كل الحبوب مثل الشجاعة والكرم والتسامح فوجد نفسه فى مواقف لا يحسد عليها، فقرر أن يحصل على حبوب النفاق التى فتحت أمامه كل الأبواب. يقول يوسف السباعى فى نهاية القصة: «يا أهل النفاق، تلك هى أرضكم، وذلك هو عرسكم، ما فعلت سوى أن طفت بها وعرضت على سبيل العينة بعضا منها، فإن رأيتموه قبيحا ومشوها فلا تلومونى، بل لوموا أنفسكم، ومن كان منكم بلا نفاق فليرجمنى بحجر».

نعم، هناك تناقض دائما بين المعلن والمسكوت عنه، وقليلا ما يتوافقان، ولكن السؤال: هل نستطيع أن نتحمل تبعات فاتورة حبوب الشجاعة؟

نتسامح ربما مع جانب من النفاق الاجتماعى لأن الضرورات من الممكن فى هذه الحالة أن تُبيح المحظورات، ولكن نفاق الشيوخ فى كل زمان ومكان هو جحيم الدنيا والآخرة!!

اقـرأ أيضـاً:

4 أشياء تميز صفحة قناة السويس الجديدة على فيسبوك

انتهت مسلسلات رمضان و…بدأ مسلسل “إيهاب طلعت”

غادة عبد الرازق تصدم جمهورها بصورة جريئة   

عمرو الليثي يمدح دنيا سمير غانم لتأخرها عن الحضور إلي برنامجه

القرموطي يلوم روزاليوسف بسبب برديس

شوبير يقدم أدلة سحر “فتحي مبروك”

سهير رمزي لإعلام.أورج: الزواج من عمر الشريف شرف لأي إمراة

10 صور جديدة من زفاف أيتن عامر أبرزها قبلة العروسين

مصطفى بكري يُبلغ عن “إخواني” على الهواء

خالد الغندور للإعلاميين: اشمعنى لاعيبة الأهلي؟

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا